المقالات

بين الصحوة والتصحيح

بين الصحوة والتصحيح

بقلم
الكاتب/ د. محمد سالم الغامدي

مع بدایة القرن الھجري الحالي، عاش مجتمعنا ال ُمقِدّمات لما ُسِّمي بالصحوة الإسلامیة، ولا أعلم على أي ُطلق علیھا ھذا الاسم، لأن الصحوة تعني أن تكون بعد مرحلة النوم، ودیننا المحفوظ من ر ِب أساس شرعي أ العالمین إلى یوم الدین لم ولن ینم أو یضمر، لكن یبدو أن البعض من الممتطین لصھوة الدین لتحقیق غایات دنیویة قد وجدوا أن أسرع وأیسر الطرق لتحقیق تلك الغایات ھو أن یتم َّسحوا بالدین، كما فعل الكثیر قبلھم، ولكن بعد مرور ما یقرب من أربعین عاما، اتضح أن تلك الصحوة قد أفرزت الكثیر من الآثار المؤلمة كالقتل والتفجیر والتكفیر والتصنیف المذھبي، والأھم من ذلك أنھا شَّوھت الصورة الناصعة لدیننا الحنیف الذي یدعو للسلم والسلام، كما اتضحت المآرب الحقیقیة وتحطمت أسوارھا، لكن نحمد الله أن ال ُمب ّشِرات القادمة لعملیات التصحیح لما أفسدتھ تلك الصحوة قد لاح في الأفق من خلال تجدید الخطاب الدیني لدى المؤسسات المعنیة، ونتمنى أن تنحو كل منابر المساجد ذلك المنحى بما یتوافق مع الوسطیة التي أمر بھا دیننا الحنیف في قولھ تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا)، فالدروس قد استوعبت لمحو الصورة المشوھة لدیننا الحنیف، ولعل ھذا ما لمسناه بصورةٍ مكثفة في شھر رمضان المبارك من خلال بعض البرامج التلفزیونیة، والكومیدیا الساخرة الرائعة في تقدیمھا أو حبكھا، ومن أبرز تلك البرامج التي أستضیف فیھا أبرز ال ُمف ّكِرین والمجددین تھ قناة المعاصرین للخطاب الشرعي، فعلى سبیل التمثیل لتلك البرامج لا الحصر، برنامج صحوة، الذي بثَّ روتانا خلیجیة، وقدمھ الدكتور أحمد العرفج ومعھ الضیف الدائم الدكتور عدنان إبراھیم، وكذلك برنامج النبأ تھ نفس القناة من تقدیم الأستاذ یحیى الأمیر والضیف الدائم المفكر الإسلامي الدكتور محمد العظیم، الذي بثَّ شحرور، الذي أرى أن جمیع حلقات البرنامجین قد سلَّطت الضوء على مناقشة الكثیر من الِقیَم والسلوكیات المجتمعیة الفاضلة، والكثیر من المفاھیم المغلوطة للكثیر من الآیات القرآنیة الكریمة، التي انحرف تفسیرھا عن مسار ومطالب دیننا الحنیف في عبادتھ المفروضة، كالصلاة التي نجد أنھا یستوجب أن تُعّزِ ز الكثیر من تلك السلوكیات الفاضلة، كالنظافة والنظام والتسامح، كما في قولھ تعالى: (إن الصلاة تنھى عن الفحشاء ِح من القول والفعل والمنكر، وكل المعاصي والرذائل، لكن المؤسف أن بّ والمنكر)، والفحشاء ھي كل ما قُ السلوكیات ال ُمَما َر َسة خارج المساجد، وحتى داخل بعضھا كالنظافة واحترام القدسیة وارتكاب المعاصي نا على النظام والتكافل والتراحم والطمأنینة، لكن وفحش القول تُما َرس بصورةٍ لافتة، وكذلك الحج الذي یحثّ المؤسف أن ذلك لا یتحقق بالصورة المأمولة، وخاصة عند قیام البعض من المتز ّمتین بإحداث الخوف والبلبلة ُمخالفا لمطالب الحج، ُّ أثناء أداء الشعائر، أو بفرض بعض الممارسات الخلافیة لتكون سلوك قسري بما یُعَد والسلوكیات التي یستوجب أن تبقى سلوكا مجتمعیا طوال العام، كما تم مناقشة الكثیر من القضایا التعبّدیة التي انحرفت عن مسارھا الصحیح، وقد حاول الدكتور عدنان إبراھیم تفسیر ذلك الخلل ومحاولة إیضاحھ من .خلال الاستدلال بالكثیر من الآیات القرآنیة الكریمة أو الأحادیث النبویة الشریفة .وفي الختام، نسأل الله التوفیق للجمیع لما فیھ خیر أمة الإسلام والمسلمین أجمعین. والله من وراء القصد

 

مبادروة ملتزمون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى