المقالاتشريط الاخبار

رؤية2030  ومافيا التقاعس

بقلم: د.عائشة زاهر

روتين قاتل. . وبرود أعصاب تثير حفيظة المراجع من بعض الموظفين في بعض الدوائر الحكومية. . تدخل صالة الانتظار، فتجد أعداداً من مراجعين ينتظرون  دورهم ،قد تستغرب صمت بعضهم وصبره، وتذهل له ..لكن عندما تعي أن لغة الصمت التي تنطق بها أعين البعض منهم، والتي تلمع بسكون يشبه سكون الموتى، إنما تُعبر عن ألم تعدى حدود صراخ لم يلتفت له أحد. .بل حدود يأسٍ يطبق على قلوبهم ،يعبر عن فقدان أمل في نضال لن يجنوا من وراءه سوى الخسارة ،ورفض المعاملة ، لذا يلزمون الصمت أملا في أن يتحقق مرادهم، وأمام أحد المكاتب قد تجدُ مراجعاً يرفع صوته معترضاً على تأخير معاملته، المسكين يجد في ثرثرته بعض الراحة والتنفيس ، ولكنه يدرك في النهاية أن تصرفه لن يسجل نتيجة تُذكر، فيؤثر الصمت عملاً بمقولة (الصمت في بعض المواقف حكمة) ،وعندما تجول ببصرك يمنة أو ميسرة تتناهى إلى سمعك أصوات  مجموعة تتهامس بمحادثات جانبية بين بعضها البعض، وقد تعلو ضحكة تشق هدوء الصمت فتتساءل :أمعقولة ؟

في هذا الحر وفي وقت الظهيرة، أهو الرضا؟

وتعود عندما تطيل النظر اليهم، لتكتشف أنها كانت ضحكات مزيفة على ما تبدو ،تتبين ذلك  من تململ جلساتهم ،ضحكة تنم عن مشاعر تخطت الألم ،ولم تجد من يربت عليها ،وقد تعود حينها للتفكير في مصير معاملتك ،المؤلم أن يصعقك غياب الموظف أحياناً، عند حاجتك إليه، بعد أن طال انتظارك ، ولن أخفي عليكم أن الانتظار أحيانا يصبح قاتلاً ،متى جوبه بفشل ذريع لمساعيك، وﻷن مقابلة بعض الموظفين أحياناً تكون موجعة بلا حدود !!

ولكن هذا لا يمنع أن نجد في المقابل ‏قلُوبُ رقيقة ، وأنفس مبادرة لهآ رائحــة طيبة لا متناهية تجذب قلوب البشر!

ولكنهم نزر يسير، وعندما تيأس قد يتبادر إلى ذهنك البحث عن واسطة، معللاً أن لا مشكلة في أن يستخدم المرء الواسطة، ليحصل  على مطلبه، مادام ما من سبيل سواها، لكن يجب  عليك أن تحذر عندها من تلك المرحلة التي تفقد فيها الثقة في مؤسسات وطنك تماما، فتصبح سلعة تُباع وتُشترى، والثمن يكون من كرامتك ومبادئك، فلله در الصمت في بعض الأوقات ،يضع خاتمة ليأسٍ يُعلمك أن  بعض البشر يستحيل تغييرهم ، فتحزن على ما تنفقه بلادك على بعض المنشآت التي تراها مكتملة من كل الوجوه هندسة معمارية وجمالا ً وأدوات وأجهزة ،فقط ينقص بعضها إخلاص بشر،

هذا الإخلاص الذي لا يمكن شراؤه بالمال، إلا في حالات الفساد ( نستجير بالله منه) حينها تتمنى، لو أن اليابان تصنع لنا الروبوتات لتباشر خدمة الجمهور، إن هذا الاحتكاك السلبي مع بعض الموظفين ،قد يعطيك انطباع عن حقيقة بعض البشر ، ويكشف معادنهم ،فتتساءل : أين هم عن مقولة السلف (إذا أردت أن تعرف قدرك عند الله ،فانظر أين أقامك) وهل هناك أجلُ من خدمة المسلم لأخيه، ولكنه التقاعس لدى البعض ،والذي ينذر بوأد أي بادرة أمل نحو تطور الوطن ،الأمر الذي يدفعنا إلى توحيد الجهود من أجل حماية هذه الرؤية الوليدةُ ،وإيجاد حلول جذرية تحد من مستوى هذا التقاعس، قبل أن يطبق عليها بين نابيه، ولنا في تجارب بعض المؤسسات الخاصة  كثير من الفائدة ، حيث يكمن نجاحها في إشراك  أصحاب المصالح في تقييم الموظف،

فمن هم أصحاب المصالح؟؟

هم أولئك الجمهور الذين يحتكون بالموظف، من أجل إنجاز معاملاتهم، وقد يتعرضون لمعاناة مريرة في مراجعتها، الأمر الذي يستهلك اقتصاد الدولة وضياع جهودها وتفتيت آمالها وتطلعاتها نحو الإصلاح.

إن مواكبة الرؤية 2030 تتطلب منا الضرب بيد من حديد لمواجهة أي عوائق تمنع تطبيقها، لذا فإن عملية اشراك أصحاب المصلحة في تقييم الموظف، وهو ما يُعرف بسياسة (رضا العميل) ، يجعل الموظف يدرك أنه قد يكسب أو يخسر نتيجة هذا التقييم ، وبلا شك سيعيده هذا الأمر إلى رشده، وسيحرص عندها على تطبيق موازنة عادلة بين الجهد المقدم منه نحو العميل ،والمنفعة التي ستؤول إليه برضاه ،بقي أن تخطو الدولة هذه الخطوة في جميع المؤسسات، حتى تحمي رؤية الأمل من مافيا التقاعس عسى أن يحيا بذلك كل من مات به ضمير.

 

مبادروة ملتزمون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى