المقالات

التطبيق الصارم ونجاح العقوبات المرورية الجديدة

بقلم الكاتب / أ.د رشود محمد الخريف

استُقبلت قرارات مجلس الوزراء الجديدة المتعلقة بتعديل بعض غرامات المخالفات المرورية بارتياح كبير، لأنها حاسمة وضرورية، بل طال انتظارها، ولكن تبقى العبرة في التطبيق وهي بيت القصيد، خاصة أن مواد نظام المرور التي لم يطالها التعديل جيدة، لا يعيبها إلا غياب التطبيق الصارم بكل شفافية وعدالة. ربما يعود عدم التطبيق الصارم للأنظمة إلى قلة الموارد البشرية المكلفة بالتطبيق في الميدان وأن يكونوا على معرفة تامة بتطبيق العقوبات الجديدة.

في الحقيقة، أن القرارات الجديدة ليست مناسبة فقط، بل ضرورية وستسهم في الحد من الخسائر البشرية الفادحة كالوفاة أو الإعاقة وكذلك الخسائر المادية الضخمة التي يتحملها المجتمع جراء الحوادث المؤلمة، وذلك من خلال تعديل بعض السلوكيات السلبية التي تعكس أنانية بعض قائدي المركبات وعدم احترامهم أرواح الآخرين وأوقاتهم. ومن خلال متابعتي موضوع الحوادث المرورية واهتمامي بها، فقد تولدت لدي قناعة كاملة بأن وجود أنظمة واضحة وعقوبات رادعة مع صرامة في التطبيق هي السبل الأنجع والأسرع للحد من المخالفات المرورية القاتلة التي تحصد آلاف الأرواح البريئة من كافة فئات المجتمع كل عام. إن حل مشكلة المخالفات المرورية يأتي من خلال ثلاث مجموعات من الحلول: الأولى حلول قصيرة المدى وسريعة، وهي الغرامات التي أقرها مجلس الوزراء قبل أيام ونحوها. والثانية حلول على المدى المتوسط تتمثل في التوعية المرورية والعمل على تحسين خصائص الطريق واللوحات الإرشادية، وتطوير الأنظمة، أما الثالثة فحلول تتحقق على المدى البعيد، وتكمن في بناء جيل يحترم الالتزام بالأنظمة ويستشعر أهمية أرواح الأبرياء ويثمن أوقات مستخدمي الطريق من قائدي المركبات والمشاة، وذلك من خلال مراحل التعليم المختلفة مع التركيز على المراحل التعليمية المبكرة، وذلك بتبني أساليب مبتكرة وليست تقليدية تتناسب مع أعمار التلاميذ، خاصة أن وزارة التعليم – في ظني – لم توفق في تنمية الإنسان الذي يحترم القيم الاجتماعية ويثمن قيمة الوقت، ويلتزم بالأنظمة.

إن وجود أنظمة واضحة ورادعة وتطبيق صارم سيؤدي إلى تحقيق النتائج المرجوة، وليس لدي أدنى شك في أن هذه العقوبات إذا طبقت بصرامة وعدالة وشفافية ستنجح في الحد من المخالفات وستسهم – بإذن الله – في خفض الوفيات وتقليل الإعاقات الناتجة عن الحوادث المرورية. ولكني كنت أتمنى إضافة بعض العقوبات لبعض المخالفات الأخرى وكذلك تحسين أداء إدارات ورجالات المرور من خلال المقترحات التالية:

1) فرض غرامة رادعة لمن يقوم بملاحقة سيارات الإسعاف والدوريات، خاصة أن هذا الأمر شائع في شوارعنا، فبعض قائدي المركبات يستغلون مرور إحدى سيارات الطوارئ (الإسعاف والدوريات) لتجاوز الآخرين، ما يعكس أنانية وعدم احترام الأنظمة أو مستخدمي الطريق الآخرين.

2) وضع غرامات أو عقوبات لقائدي المركبات الذين يضعون أطفالهم معهم في المقعد الأمامي المخصص للسائق.

3) الحاجة الملحة إلى معالجة قضايا مواقف السيارات من خلال إنشاء “إدارة مستقلة” مختصة بمواقف السيارات (Parking Department) أسوة بما هو في الدول الأخرى، فمتابعة الوقوف في الموقف الصحيح ليست من مهام رجال المرور الرئيسة، إلا في حال إغلاق الطريق أو التأثير في الحركة المرورية. وإنشاء الإدارة المقترحة سيخفف العبء عن إدارات المرور ورجالتها ويمكنهم من أداء مهامهم الأساسية بدرجة أفضل، كما أن هذه الإدارة ستقوم بتنظيم مواقف السيارات من حيث تحديد أنواع المواقف (مواقف طوارئ فقط، مواقف لمدة قصيرة جدا، أو مواقف مجانية مفتوحة)، كما ستحدد الأوقات المسموح فيها بالوقوف ونحوها.

وأخيرا أخشى أن يساء فهم الغرامة الخاصة بالمخالفة التي تنص أن “على كل سائق يكون طرفا في حادث مروري أن يوقف المركبة في مكان الحادث، ويبلغ الإدارة المختصة، وفي حال عدم مساعدة المصابين يعاقب”، نعم أخشى أن يبادر بعض المتورطين في حوادث بمساعدة المصابين بشكل خاطئ ما قد يعرضهم لإصابات أخرى في العمود الفقري، الأمر الذي يسبب ضررا ومضاعفات فيما بعد، وذلك يتطلب مزيدا من التوعية بهذا الخصوص.

 

مبادروة ملتزمون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى