المقالات

لقد سلمنا عقولنا للعدو بالتقديس

 

14052713211_image

بقلم

الكاتب : صالح جعري

عندما نلوم أبناءنا في تأجير عقولهم للغير ونصفهم بالتبعية لهذا الواعظ  أو ذاك المتحدث دون إعمال للعقل وتمحيص للمعرفة  … فعلينا أن نعلم جيداً أسباب ذلك الضعف وتلك التبعية المطلقة وما الذي أوصل شبابنا بل وغالب عامتنا إلى هذه الثقافة التي انتجت الشائعات وروجت الأكاذيب وصدقت الأساطير وجعلت من شبابنا وقوداً لمعارك الإرهاب وحطباً لويلاته .

الحقيقة المؤلمة أننا إعلاماً وحكومة ومجتمعاً قدسنا بعض البشر منهم المشايخ والدعاة بمختلف المذاهب والطوائف … حتى غرسنا في نفوس الشباب أنهم لا ينطقون إلا بحق ولا يقولون إلا الصواب …
مما دفع أصحاب المصالح الدنيوية من أولئك المشايخ والدعاة إلى استغلال ثقة الشباب فيهم وبالتالي التدليس عليهم وسوقهم نحو توجهاتهم ورغباتهم ومطامعهم الدنيوية والسلطوية …
والمشكلة أننا نحن من صنع ذلك التقديس الذي فاق في بعض المواقف تقديس كتاب الله ، فتبناه المجتمع في مجالسهم وحلقاتهم ودور تعليمهم .. فبات منتقد الشيخ فاسداً وأصبح صاحب الرأي الآخر ماجناً ؛ فكممت الأفواه وسدت الطرق ، وتسيد أصحاب المنابر المشهد وغزوا عقول الناشئة فاقتادوها إلى حيث يشاؤون وألقوا بها في براثن التطرف ومحرقة الإرهاب .

نعم صحيح … نحن بلد متدين وأهل عقيدة صحيحة إلا أن إقحام رجل الدين في السياسة والتقنية والمعرفة والفن والإعلام كان سببا حقيقا للخوف من كل جديد ومهاجمة كل تقدم بداعي سد الذرائع والحفاظ على العقيدة …

ورغم نزاهة ذلك التوجه وحسن نيته إلا أن إعطاء خيار توبير النخل لصاحب الدين الذي ليس له بالزراعة باع ؛ أضاع الوطن وأخر المجتمع وفوت فرص النهضة والنمو .. بل وشوه العقيدة وانحدر بعظمة الإسلام الداعي إلى التفكر والتدبر ومخاطب العقل ومناداة ذوي الألباب إلى منزلق العداوة البغضاء .

فإن أردنا شباباً ناضجاً ودينا حقاً ووطناً شامخاً فعلينا أن نعطي مشايخنا وعلماءنا الأفاضل حقهم في الاحترام والتقدير والإجلال وأن نحدد الثقات منهم ونمنع من لا يستحق ذلك من سواهم … ثم لنقول لهم وللمجتمع أنه كلٌ يُؤخذ منه ويرد إلا صاحب هذا القبر عليه أفضل الصلاة والسلام ..

ولنترك أصحاب العلم والمعرفة والطب والزراعة والفن والرياضة يفتون في شأن دنياهم فهم أعلم به .

salehjaery@

مبادروة ملتزمون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى