الحدث الثقافيالمجتمعالمقالاتنبضة قلم

رابع ايام الشقاء .. بقلم الكاتب/ عزيز خالد .

 

“رابع ايام الشقاء” 

بقلم الكاتب : عزيز خالد .

في الغرفة الخالية من المنزل في الضوء الخافت بيده سيجارته يدخن ويطفئ أعقاب السجائر بكل شوق .. كان ذلك في الوقت المتأخر من الليل في جوعِ مشاعرٍ شديد وتوق عظيم لتلك القصيرة .. كان يتذكرها ويتذكر كيف كانت السعادة لصيقةً بهما وكيف أن زندهُ كان وسادة الأريكة حين تعود منهكةً متعبة وكيف أن قِطع البيتزا وعصير التفاح كانت هي وجبتهم الأخيرة وكيف أنها كانت تدّعي المرض لتأكل من يده وكيف هو كان يراقب اللقمة وهي تعبر من حنجرتها وكيف كان يمسح بالمنديل ما تلطخ بخدها من جرّاء أكلها للبيتزا وكيف أنها كانت تدّعي أن بكفّها ألمٌ شديد وكان يُقبّل كفها وتدعي أنها شُفيت.. كان يتذكر كيف كان يمرر بأطرافه خصلات شعرها ويقبل رأسها برقة فائقة ومن ثم يحملها بكل هدوء ويمشي بخطواتٍ خائفة إلى سريرها ويضعها بكل حنان ويدثر جسمها النحيل بلحافٍ رُسم عليه صورةُ فراشةٍ في احضان الوردة.. وكيف كانت تغطي رأسها وبدنها بثوب الصلاة وتقف امامه حين تسمع الاذان وتركع لله تُصلي .. كان يتذكر ومع كل مشهد يمر في خياله يشعر أنه كومة قشٍ وأن الذكريات الجميلة ليست سوى نيرانٍ تأكله ولا تبقي منه سوى الرماد .. كان يتذكر بضعةَ الريالات التي كان يضعها في يدها وتقبله شاكرةً له عليها .. كان يتذكر إقبالها عليه وحضنها لركبتيه حين يعود من العمل متعبًا منهكًا وقد أكله الشقاء .. كان يتذكر كيف أنها كانت متشبثةً بطرف ثوبه بقوة حين كان يود أن يخرج ليجني لها لقمة عيشٍ هنية وكيف أن خطواتهُ الحثيثة كانت تجر أقدامها الراسية .. لقد كان يتذكر كيف انطفى نور الحياة أمامه حين أكل السرطان رأسها الذي قد وضع يدهُ عليهِ وسمّى الله عليها وقرأ الفاتحة سبعًا عليها.. كل تلك الذكريات كانت في اليوم الذي يلي ايام العزاء البطيئة.. في اليوم الرابع بعد غيابكِ يا حنيني ..

لقد كانت جنينته الصغيرة وكان أبوها الصالح وكانت إرادة الله وكانت دموعه ودعواته.

 

Twitter: @iaziz_khalid

مبادروة ملتزمون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى