نبضة قلم

مظلة مكسورة..

الكاتب الإعلامي مشاري الوسمي

رغمَ أنَ الأيام متشابهة و التاريخ يزداد كُلَّ يوم، كأنهُ القطار الجامح الذي لا يبالي بِأنين قضبانه التي صدأت وتعبت من تحمله، أَجِدُ الأماكن فارغة، باردة، حزينة و شاحبة، فهيَّ لم تعد تسمع حديثنا، ضحكاتنا، أغانينا و دندنتنا عليها ..

أصبحتُ أَمْرُ على نفس المكان و تنتعش مخيلتي بذكرياتٍ صاخبة لا تمثل هدوء ملامحي، فأَشِيحُ بنظري بعيداً حتى لا أتذكر، كَأَنَّي أَفرُّ من نفسي قبل أن أَفرَّ من ذكراها، كانت تعلم سطوتها على جوارحي و مكانها وسط قلبي، فهيَّ قبلتي بَيْنَ الناس، في حضورها يتلاشى غيرها، تمتلك زمام نفسي حتى أكون مسلوب الإرادة معدوم القوى .. حينها فقط أشعر بسعادة الدنيا تغمرني و تغذي أعماق أعماقي، فأرى الحياة بعينيها و شعاع الأمل من خلالها .. هيَّ قوة الحُب، سراج النور و مصدر التفاؤل المطلق.. لا حدود لثأتيرها، ولا كابح لجماحها، فأينما حلت حَلَّ معها السلام بداخلي، و ازداد تعلقي و إيماني بها فَأَيْقَنْتُ أَنَّنِي ميتٌ بِدُونِهَا…

كُلَّ هذه الأحاسيس المتناقضة بداخلي تتعارك في اليوم ألفِ مرة لِتُحيي ذكراها التى لم تمت يوماً .. بل هيّ كالنار تحت الرماد تنتظر من يُحَرِّكُهَا لتشتعل داخلي، فأهرول إليها، أرتمي بينَ أحضانها، أستنشقُ عبيرها و تُحَيِّينِي ضَرْبَاتُ قَلْبِهَا .. أَنعَمُ بِالسُّكُونِ بَيْنَ أَجْفَانِهَا، علني أَجِدُ دوائي من دائها الذي لا يرحم، و نارها التي لا تنطفي..

لكنني سَأُكْمِلُ ما تبقى من أيامي على حنيني لها و اشتياقي لِأَكُونَ بجانبها و معها على الدوام .. فقد عُمِّيتُ عن غيرها، لم و لن أسمع صوتاً بعدها .. عابرًا نفس الطريق، زائراً لِكُلِّ مكان جمعني بِهَا و مُحيي كُلِّ ذكرى عابرة قادرة على اسقاط دمعة، رسم بسمة و معلنة عن ولادتها بداخلي من جديد ..
دُمْتُم عَاشِقِينَ غَيْرَ مَخْذُولِينَ..

مبادروة ملتزمون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى