المقالات

كلاً يرى الناس بعين طبعه

 

بقلم : نغم محمد 

دائماً تتردد الأمثال الشعبية بحياتنا اليومية فمنها ماهو راي حكيم ومنها ماهو خرافات من أساطير الأولين .. و من أكثر الأمثال رواجاً وصدقاً .. حينما يقال .. كلاً يرى الناس بعين طبعه .. ماقصة هذا المثل وقد وردت له أكثر من قصة وتبقى أقرب قصة له هي..
كان هناك ثلاثة رجال كانوا يمشون في طريقهم ، فشاهدوا رجلًا يقوم بالحفر في أحد جوانب الطريق ، فتحدث الأول قائلًا : لابد أن هذا الرجل قد قتل أحد ويريد دفنه أثناء هذا الظلام ، بينما أبدى الثاني رأيه قائلًا : لا.. فيما يبدو أنه ليس قاتل ولكنه لا يأتمن أحد على ممتلكاته فيخبئها هنا ، ثم تحدث الثالث قائلًا : لا.. فيما يبدو لا هذا ولا ذاك ؛ إنه رجل صالح يحفر بئرًا من أجل الماء ، ومن هنا تأتي العبرة أن الصالح يرى غيره من الناس صالحين، أما الفاسد يراهم فاسدين ، وهكذا يأتي المثل “كلٌّ يرى الناس بعين طبعه”
و هكذا نحن بحياتنا قد نتصرف بتصرفات عفوية لا نقصد بها إيذاء أحد أو قد تكون تصرفات طبيعية جداً لا نقصد بها سوء النية أو الخبث فنجد من يحكمون علينا بسوء نياتهم لأنهم هم هكذا لا يعرفون العفوية وانما تربيتهم كانت على الخبث والدناءة فيظنون بالناس ظنهم بأنفسهم يظنون بخبث وحقارة و دناءة لا يعرفون معنى النقاء ولا طيب النفس والعفوية أناس يبنون حياتهم بالصعود على أكتاف الأخرين بتشويه سمعتهم وادعائهم الحب والبراءة والخوف على مصلحة الأخرين .. قد نصادف هذه الأصناف منتشرين بيننا بالعمل بالمدرسة بالجامعة وبكل مكان وقد نضطر لمسايرتهم لمصلحة تجمعنا لا حباً بهم ولا خوفاً منهم فلا اعتقد أن هناك من يخاف من أحد فالصمت أحياناً يثير خوفهم أكثر وعدم الرد عليهم يثير بأنفسهم الرعب .. لكننا في زمنٍ يجعلنا نضع حسن النوايا بجيوبنا ونتعامل مع الجميع بمثل تعامله معنا بل و أشد قسوة .. قد نبدي صفاء قلوبنا وحسن نوايانا إلى أن نصطدم بالواقع الذي يثير اشمئزازنا ويقرفنا من أولئك الحمقى المغلفين بأوراق الطهارة والعفة و بداخلهم حقارة لا تنتهي .. لسنا مجبرين أن نحب بعضنا وليس من حقنا أن نحكم على الأخرين مما نراه منهم .. فنحن لم ندخل في نواياهم ولا نعرف مقاصدهم مهما كانت تصرفاتهم لا تعجبنا فمن نحن لنحكم على الناس أو نحاسبهم؟ فقبورنا سندخلها وحدنا وسنحاسب وحدنا فما شأننا بتصرفات الغير ؟ أحب الأشخاص الواضحين الذين يتصرفون بعفوية ونقاء ولا أحب أولئك الذين يتظاهرون بالدين ويختفون تحت ستاره هؤلاء أكثر الناس نفاقاً .. كمن يحكم على فتاة غير محجبة بأنها فاسدة و يظن أن كل محجبة تملك شعار العفة والطهارة .. عذراً .. من أنت لتحكم هل تعلم مابين الإنسان وربه ؟ هل المظهر الخارجي هو الذي يطهرنا من ذنوبنا و يطهر قلوبنا من كل غل وحقد وحسد .. فكم من فتاة غير محجبة قمة بالرقي والأخلاق وكم من متلحفة بالحجاب لا تملك شيئاً من الأخلاق والطهارة والعفة وبقلبها الكثير من السواد الذي يغطيه كما يغطيها الحجاب الذي اتخذته ستار لقذارتها ولا أقصد التعميم فالتعميم لغة الجهلاء ولكن رسالتي هي أن ارتقوا بفكركم وارتقوا بأخلاقكم ولا تحكموا على الناس من خلال نظرتكم وفكركم الضيق ولا تتدخلوا بالنوايا فلا يعلمها إلا الله .

مبادروة ملتزمون

‫4 تعليقات

  1. موضوع في غاية الروعة..مجتمعاتنا تعاني كثيرا منه..أجدت في ضرب المثل من قصة تعلمنا ما نحن بحاجة إليه…فلو كان حسن الظن سابقٌ لسوء الظن لعشنا بطمانينةٍ وسلام..ولتعانقت قلوبنا…ولكنا أقرب لبعضنا من اي شيءٍ آخر…
    احسنتِ سيدتي في استرسال السرد والتعبير بشيء من الشوق والمتعة عند القراءة لهذا الموضوع.

  2. ويكفي مقولة الرسول صلى الله عليه وسلم ( هلا شققت عن قلبه ) محد يعرف مين الصالح فعلا الا الله المطلع على القلوب كما انه لااحد يعرف بما يختم له فقد ينصلح المخطيء ويخرب الصالح .. الله يثبتنا حتى نلقاه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى