المقالات

23/ سبتمبر ل 32 مليون سعودي

23/سبتمبر في مثل هذا اليوم ولدت ، هل كان القدر يضرب لي موعداً مع الوطن لنحتفل سوياً؟ … هذا ما حدث فعلاً .
23/سبتمبر ترتدي المملكة ثوبها الأخضر في ميلادها (التاسع والثمانون) وتكتسي كل أبنيتها وشوارعها بالأخضر ، ويغمرني شعور بالنشوة ، بالفخر ، وأنا أتأمل بعيني كل هذه المساحات الخضراء ، كم جميل أن تكون سعودياً ، وأعلم أنني لست وحدي من يردد هذه العبارة وإنما 32 مليون سعودية وسعودياً يرددونها معي إضافة إلى العرب الشرفاء المقيمين على أرض المملكة .
الانتماء شعور رائع ، البعض يتمنى أن يكون له وطن يحتفي به وأنا هنا وسط كل هذه الأبنية المكسوة بالأخضر ، أشعر بالفخر والانتماء ، لايمكن أن يمر اليوم الوطني دون أن أرتدي فيه شيئاً أخضر لأشعر أنني جزئ من هذا الحدث الكبير ، 23/سبتمبر هل هو حقاً يوم مولدي أنا فقط أم إنه يوم مولد جميع السعوديين ؟
يستوقفك الوطن في هذا اليوم الكبير لتراجع حساباتك جيداً ، الوطن الذي يمنحك انتماء وأمان وحصانة دبلوماسية يستحق منك وقفة ولاء ، الوطن الذي تودعه متذمراً في صالات المطار هرباً من جوه وصحرائه وغباره الذي يملىء رئتيك ، وتحلف أنك لن تعود قبل مدة طويله من الزمن ، ثم تبحث عنه في الغربة في موسيقى المقاهي ولوحات السيارات ولا تلبث أن تشعر بالحنين للعودة إلى أرضه .
الوطن الذي هرب منه آلاف المراهقين بتحريض وحجة الجهاد وبعضها الحرية ، عاشوا في سجون الغربة بذل واضطهاد وإهانة وفقر ، تمنوا بعدها العودة له ولو بصندوق خشبي ليدفنوا في ترابه وعلى أرضه .
الوطن الذي لألف مرة يخونك التعبير عنه وتخذلك العبارات أمامه وتصبح كلها ركيكة ومتواضعه أمام هيبة حضوره .
الوطن هو ليس المكان الذي تعيش فيه فقط وإنما هو تاريخك ، ذاكرتك ، هزائمك ونجاحاتك ، أهلك ، أصدقائك ، رائحة خبز أمك ، حياتك بما فيها ماضيك ومستقبلك .
عن أي شيء تتحدث وأنت أمام المملكة العظمى !
تُرهقك لتعلمك ، تُتعبك لتبنيك لا لتهدمك ، تغلبك لتقويك لا لتهزمك ، هي أمك التي لم تربيك وحدك وإنما ربّت أكثرمن 32 مليون سعودي رضعوا من أرضها وهم على أتم استعداد على أن ترضع من دمهم ، على أتم استعداد أن لا تدمع عيناها وأبنائها على قيد الحياة .
الوطنية هي ليست الحصول على وطن بمواصفات عالية تلبي جميع الاحتياجات ، لايوجد وطن على خارطة العالم بمقاييس عالية ترضي جميع الأذواق، إنه ليس طبقك المفضل لأنه فقط يعجبك وإنما لأنه يشبعك ، الوطنية أن تحب وطنك كما هو ، أن تخشى عليه من أصوات صافرات الإنذار ، وأن تشعر أن كل صاروخ يلقى عليه كما لو أنه أدمى جزء من ممتلكاتك الشخصية . أن لا تقبل المزايدة عليه وتكون خط الدفاع الأول ضد أعدائه ، أن تعينه ليعينك ، أن تكون معه لا عليه ، أن تحبه بكل عيوبه ، بصحرائه ، وترابه ، وبساطته ، بتوجهاته وفكره وتطوره ومسيرته .
الوطنية أن لا تطبل للخطأ ولا تصفق للباطل وأن لا تنتقد لمجرد الإساءة وإنما تتوازن وتحب وطنك بصدق وتتذمر بعدل، وأن تقف وقفة حق وفاء مع المكان الذي تحمل هوية انتمائك له .
الوطن يسمعك حين تشكو بتهذيب ، تنتقد بإنصاف ، تحاسب بحجج لا بتتبع ثغرات ، الوطنية أن تكون لديك حمية وولاء وغضب لهذا البلد الذي يحتويك ويحتوي ذاكرتك ، الوطنية هي العنصرية المحمودة التي تثبت إخلاصك والتي تجعلك تدندن بينك وبين نفسك ( وإن حكوا فيك حسادك ترى مادرينا بهرج حسادك أبد ) .
الوطنية حلم يراود كل أبناء اللاجئين والمخيمات ، غصة تقف في حلق المغتربين ، حسرة تعتصرقلب كل ما راودته نفسه لخيانته والتمرد عليه ، جوازسفر يتمناه أصحاب الوثائق ، الوطن لا يغريك ليشتريك وإنما هو من يعطيك ، لا يستدرج للسقوط وإنما يحميك ، الوطن لم يكن يوماً ليخذلك حتى في مواطن ضعفك لأنه عبائتك التي تسترك في العراء ، فلا تكن عوناً لأخوة يوسف عليه كي لا تقف يوما ما عارياً .
23 سبتمبر هوعرس المملكة (التاسع والثمانون) كل شيء يوحي بالوطنية وكل المرتفعات المكسوة بالأخضر تُرضي شغفك بالتباهي ، دمت شامخة يا مملكة العز بقيادة العظيم الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان ، دمت رغم أنف الحاقدين راية خفاقة تربك بحضورها الساحق كل معتدٍ أثيم .

بقلم : إيمان حمود الشمري

مبادروة ملتزمون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى