المقالاتشريط الاخبار

النفاق..

الكاتب عبدالحكيم الفاضل

كم هو مؤلم أن نرى كثيرا ممن حولنا يتعاملون معنا بسلوك ملوث غير آبهين بما يختبئون وراءه من كذب و تملق ولا مدركين إنه مرض عضال
dفتك بالفرد و المجتمع . إنه النفاق الذي أنزلت بأهله سورة في القران الكريم سميت ( المنافقون) لما لهذا السلوك من خطر قاتل يتطلب أن نضعه في هذا المقال تحت المجهر و نتعرف عليه عن كثب لمعرفة أسبابه و الدوافع التي تجعل الفرد ينافق. حيث كثير من الناس ينافقون و لا يعلمون أنهم ينافقون و يتصرفون و كأن هذا السلوك هو أمر طبيعي ايجابي يمتهنونه و يعيشون من خلاله, ثم آخرون يمارسونه كونهم لا يتحملون العيش دون مواربة أو كذب.
و لنتعرف بداية على النفاق. فهو مأخوذ من نافقاء اليربوع أو ما يعرف بالضب، و اليربوع هو حيوان قارض يتخفى في الأرض من خلال جحر، يقال له: النافقاء، وله جحر آخر يقال له القاصعاء، فإذا طلبه عدو من القاصعاء قصع فخرج من النافقاء بحيث أنك لو حاولت الإمساك به هرب و خرج من الباب الاخر . و كذلك هو المنافق فهو دائما يلف و يدور و يكذب و يختبىء وراء ستار غير الذي يظهر به بحيث أنك لا تستطيع أن تمسك له طرف .
و النفاق هو القول باللسان أو الفعل بخلاف ما في القلب من القول والاعتقاد و الشخص الذي يستر كفره ويظهر إيمانه هو منافق . يقول علماء النفس ان كل إنسان يولد و لديه ميول فطري نحو أنواع متعددة من السلوك بينها النفاق . و الذي يجعل المرء ينافق هو مجموعة من الاسباب متحدة مع بعضها البعض مثل انعدام الشعور بالأمن و الأنانية و الوصولية و الخوف و الجشع بحيث كل واحدة من هذه الاسباب تفعل فعلها من خلال اسباب أخرى تؤدي الى ممارسة سلوك النفاق فالمنافق يتصف بعدم الثقة بنفسه و يحب أن يظهر بوجه آخر على غير حقيقته للوصول الى مبتغاه ثم يتعايش مع هذا السلوك الى أن يصبح راض عن نفسه ويسير في هذا النفق الى أن يجد من يبين له حقيقته.كما أن المنافق يحمل عقدة نقص و يرى بأن غيره أفضل منه مما يدفعه لمجاراة الآخرين و اظهار الود لهم و في قلبه كراهية تجاههم و حسد و في أغلب الاحيان ضمنيا لا يحب من ينافق لهم. و علاوة على ذلك فالمنافق طموح ولكن امكانياته الشخصية و قدراته أقل من طموحه فيحاول أن يلمع صورة من هم أعلى منه لينظروا اليه بإيجابية و يضعونه مكانا أعلى مما هو عليه .
و يتصف المنافق بالعبودية لمن ينافق و يتنقل بين سيد و أخر فإن سقط واحد انقلب عليه، وتملق آخر، فتبدل المواقف في حياته يسير وكثير، دون شعور بالعار أو الاعتذار . لديه براعة في قلب الحق باطلا والباطل حقا، و يظن أنه بارع في خداع الناس و أنهم لا يعلمون حقيقته و لكن و مهما يكن فقد روي عن أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله قوله: (مَا أَسَرَّ أَحَد سَرِيرَة إِلَّا أَبْدَاهَا اللَّه عَلَى صَفَحَات وَجْهه وَفَلَتَات لِسَانه )
و هنا ندير المنظار الذي نطل من خلاله على رحلة المعرفة في صفات المنافق و سلوكه الى بداية رحلة الفساد و الكذب و الخداع عبر التاريخ فقد بدأت منذ أن خلق الله الانسان و قبل أن ينزل الى الأرض. لقد بدأ الخداع مع ابليس عندما أضل سيدنا آدم و زوجه و كذب عليهما و أقسم لهما كذبا هذه شجرة الخلد التي ستجعلهما يخلدان في الجنة و لكن للأسف فقد كانت بداية النفاق و الكذب إذ بدأ الشيطان بإغواء آدم و حواء ثم تابع بدفع بني البشر الى الشر و الرذيلة حتى أصبح الإنسان أكثر مهارة في الخداع و الشر من الشيطان نفسه و حتى يمكن أن يتعلم الشيطان من هؤلاء المنافقين دروسا في الخبث و المكر . و نكمل رحلتنا مع( يام ) الابن الرابع للنبي نوح عليه السلام الذي كان شأنه شأن الكفار الذين لم يؤمنوا بالله و كان من المغرقين, و نتفكر لماذا كان من المغرقين و لماذا ليس هو من أهل نوح فهل كان يكتم عدم إيمانه و كان ينافق لأبيه و يظهر الإيمان حيث أن المجتمع كان حينها مجتمع فاسد و لم يؤمن مع نوح الا عدد قليل من الناس ؟ إن هذا يحدو بنا لنتساءل في هذا المضمار هل المنافق هو ضحية لمجتمع فرض عليه هذا السلوك أم حالة فردية لا علاقة للمجتمع فيها . فالا نسان يتأثر بالمجتمع الذي حوله و حتى لو خالط البهائم فإنه فأنه يكتسب بعض سلوكهم كما قال علماء السلوك و لا بد من الأثر السلبي على الفرد إذا كان السلوك السيء يغلب على المجتمع . و لقد قيل إذا كنت في أرض النفاق.. فاعدل بساق ومل بساق ولا تحقق ولا تدقق.. وانسب شاما إلى عراق ولا تخاصم ولا تصادق.وقابل الكل بالعناق فأي شئ كأي شئ.. بلا اختلاف ولا اتفاق.فالنفاق في زماننا هو التلون في العلاقات، وعدم الوضوح في المواقف والمبادئ والأحاديث لغرض العيش في المجتمع الفاسد الذي يفرض بشكل أو بآخر على الفرد سلوك معين. فهناك قانون اجتماعي يقول: ” إذا كان قانون الفيزياء يقول أن الضغط يولد الانفجار فقانون الاجتماع يقول إن الضغط يولد النفاق الاجتماعي”فمن الممكن أن يكون المنافق ضحية مجتمع فرض عليه أن يسلك هذا السلوك ليتمكن من العيش في مجتمع مليء بالفساد و لكن ماذا يفعل ذو مروءة بين اهل الخداع في ارض النفاق فلا بد له كما يرى من التملق و الكذب و الخداع ليستطيع أن يواكب مجتمعه و يعيش فيه و الا سيصبح حالة شاذة في مجتمعه و لا يمكن أن يستمر العيش الا بهذا السلوك وبالطبع هذا ليس عذرا .
و لنعرج في رحلتنا هذه الى القرن الخامس عشر لنشاهد النفاق الشاقولي الذي يحدث بين السلطة و الشعب و يختلف عن النفاق الافقي الذي يحدث بين أفراد المجتمع الواحد .ففي هذا القرن كانت الكنيسة هي السلطة التي تسيطر على الشعب و لا أحد يستطيع الا أن يتملق و ينافق لرجال الدين الذين كانو بدورهم أيضا يخدعون الشعب و يكذبون على الناس يستغلونهم من باب الدين و يسلبونهم اموالهم فقد كان الكهنة و الرهبان يقومن ببيع وثائق تؤكد حصول الشخص على الغفران مقابل مبلغ مادي كثمن أرض في الجنة و قد أخبرنا الله عز وجل عنهم بقوله ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ [التوبة: 34.و لم يكن بيد عوام الناس ولا حتى النبلاء آنذاك فعل أي شئ ضد فساد الكنيسة إلا النفاق و التملق لهم حتى جاءت ثورة الراهب الألماني (مارتن لوثر) ليعترض على صكوك الغفران و بعدها كانت الحروب الدينية في أوروبا المعروفة بحرب الثلاثين عاما و التي كانت نتيجتها ابعاد الكنيسة عن السياسة و أصبح خداعهم غير مجدي الأمر الذي أتاح متنفس جيد لنمو مختلف الفنون و الادب وتحول أروربا الى عالم مشرق و بداية النهضة الفكرية و الصناعية ..
أما النفاق في العصر الحديث فقد توشح و شاحا مختلفا و اتخذ منحا آخر بتغيير المعايير و المبادىء . إن الذين ينادون بالرفق بالحيوان و يبكون على قطة سقطت و كسرت رجلها تتوقف حركة المرور في مدينة بأكملها بسبب هذه القطة ثم هم أنفسهم من يقتلون الشعوب في أقطار العالم و عليها شاهد حتى الان و يرسلون القنابل النووية لتقتل الملايين و بعدها يدعون الرحمة و الانسانية .. فمن هذا السياق نفهم أن النفاق لا يختص بسلوك فرد يتملق في المجتمع ليتألق بل نفاق يتعلق بمؤسسات إنسانية هدفها غير ما سميت به و قيم الفضيلة التي يتبنونها ليست الا شعارات رنانه تضلل و تبعد النظر عن الحقيقة .و أعداء الإسلام يحاربوه بشتى الوسائل و من خلال تغيير مسميات الأفكار الضالة مثل العلمانية و الليبرالية و غيرها ليضلو عن سبيل الله
و على الجانب الاخر,لا يمكن أن نتجاهل دور الإسلام الذي بين اثر المنافقين و شرهم على المجتمع و من ثم هددهم بالوعيد ليكونوا عبرة لغيرهم و أن على المجتمع أن يتنبه من غدرهؤلاء المنافقين أفرادا كانوا أم مؤسسات أم دول بأكملها تخدع و تضلل و تنفذ أسوأ ما يكون من الشر و الخبث . فما أن نسمع كلمة نفاق حتى نتذكر قول الله عز و جل ( أن المنافقين في الدرك الاسفل من النار ) ,فلولا أن المنافقين أسوأ من الكفار أنفسهم لما جعلهم الله في الدرك الاسفل من النار و و صف المنافقين و فضح أمرهم و امر نبيه الا يصلي على أحد منهم حين عاتبه بعد أن صلى على المنافق عبد الله بن أبي بن سلول( رأس النفاق) بقوله في سورة التوبة – الاية 84 (وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ ) .و قد ذكر القران الكريم المنافقين في آيات عديدة تبينهم و تظهر خطرهم نذكر منها : (يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين) الآيات 73-78 التوبة – (وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلّا غروراً) الآيات 12-20 الأحزاب – (ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام) الآيات 204-206 البقرة – (وليعلم الذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا) الايات 167ا-168 آل عمران – ( ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب) الايات11-12 الحشر(بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليماً)الايات 138-147 النساء – (ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات) 6 الفتح – (إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنّك لرسول الله) الايات1-11 المنافقون . و صفاتُ المنافقين بينها حديث النبي عليه الصلاة والسلام: (آيةُ المنافِقِ ثلاثٌ: إذا حدَّثَ كذَبَ ، وإذا وعَدَ أخلَفَ ، وإذا اؤتُمِنَ خانَ). فيمكن أن يكون المنافق يحمل هذه الصفات الثلاث أو واحدة منها. كما أن هناك نفاق أكبر: وذلك بأن يُضمِرَ الرجل الكفرَ ويعتقدَه، ويظهرَ الإيمان بالله تعالى، وبملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر قولاً، ولكنّه يبطن عكس ذلك، فهو بذلك يُوصف بالمنافق نفاقاً أكبرَ وهذا النفاق يخرج صاحبه من الملة الاسلامية وهناك نفاق أصغر: ويُعرّف بالنّفاق العملي، وهو اختلاف السرّ عن العلانية في الواجبات، فالنّفاق الأصغر لا يُخرج فاعله من ملّة الإسلام، لأن أصل الإيمان موجود في قلبه، لكن فيه خصل من المنافقين كالكذب في الحديث، وخيانة الأمانة، وإخلاف العهد، والفجور عند الخصومة، والرّياء في الأعمال، وإظهار المحبّة والمودّة وإبطان عكس ذلك،
في نهاية المطاف تناول كثير من الادباء و الشعراء موضوع النفاق إما عن طريق الشعر أو القصص أو التعبير عن طريق الحكم و العبر , فنجد صالح عبد القدوس في العصر العباسي يقول :
لا خير في ود امرئ متملق ……حلو اللسان وقلبه يتلهب
يعطيك من طرف اللسان حلاوة…… ويروغ منك كما يروغ الثعلب
يلقاك يحلف أنه بك واثق ………….وإذا توارى عنك فهو العقرب

و قال شكسبير : أعطاك الله و جها و أنت تريد آخرا، و قيل (من الأفضل أن تكون ملحدا صريحا من أن تكون منفاقا )
ومن القصص القصيرة في النفاق و الغدر و الخداع التي فيها عبرة عن الخداع و أن الجزاء من نفس العمل هذه القصة التي رويت عن ألسنة الحيوانات :

ما زالت جميع الحيوانات تبحث في كل مكان ، عقب انتشار الخبر ، عن الحمار الوحشي ليجدوا رأسه ملقاة للأسف ، عند عرين الأسد .
القرد : ” لقد أكل الأسد جارنا الحمار الوحشي ، أثناء سيره بمفرده ، في الغابة ” .
الزرافة : ” لم يعتاد الحمار الوحشي ، على المشي منفردًا ، أظن هناك خدعة ” .
أسرع الثعلب إلى الأسد ، وقال : ” كيف حالك يا مولاي ؟ عقب وجبة أمس اللذيذة ، الشهية .
لأسد : ” هل تقصد الحمار الوحشي ؟ ” .
الثعلب : ” أجل ” .
الأسد : ” ولكنك كيف أتيت بالحمار الوحشي إلى هنا ؟ ” .
الثعلب : ” قمت بخداعه يا مولاي” ، وقد أخذ الأسد على الثعلب وعدًا ، يأن يحضر إليه حيوانًا كل يوم ، أما الحيوانات الأخرى ، فقد كانت حزينة أشد الحزن ، لموت جارهم الحمار الوحشي ، وبينما هم يجلسون في أسى ، جاء الثعلب ، وإذ به يتصنع البكاء ، ويقول : ” لقد حذرته من مخاطر الطريق ، إلا أنه أصر على المرور من جوار العرين الخاص بالأسد ” .
القرد : ” لم يذهب الحمار الوحشي إلى هناك قبل ذلك ، ولا يعرف الطريق حتى ، فكيف أنه ذهب إلى هناك ؟ ” .
الثعلب : لقد كان يسير معي ، وكان يسألني عن أفضل الطرق لتنظيف المنزل ، فأخبرته ” .
القرد : ” إن منزله من أنظف المنازل ” .
تلعثم الثعلب ، وقال : ” كنت أسأله كيف أنظف بيتي ” ، علمت الحيوانات أن للثعلب دورًا أكيدًا ، في موت الحمار الوحشي ، وابتعدت جميع الحيوانات عنه ، فلم يجد أي حيوان ، حتى يقدمه فريسة للأسد ، ومن ثم ذهب إلى عرين الأسد ، وأخذ يسترضيه ، وأخبره بأنه سيبذل قصارى جهده .
الأسد : ” ادخل يا ثعلب ، فقد أعددت حفلةً لك ” .
الثعلب : ” لي يا سيدي ؟ ” .
الأسد : ” الجوع يمزق أمعائي أيها الثعلب ، وأنت لم تتمكن من تقديم فريسة أخرى لي ، بعد ابتعاد الحيوانات عنك ” .
الثعلب : هل ستغدر بي سيدي ؟ قمت بخداعي ، حتى أدخلتني ” .
الأسد : ” وما الغريب في الأمر ؟ فقد غدرت بصديقك العزيز ، الحمار الوحشي ، والآن لا أجد أي طعام غيرك ” ، وهجم الأسد عليه ليأكله .
الثعلب : ” أجل ، أستحق الجزاء نفسه ” ، وبالفعل كانت نهايته ، من جزاء عمله .

في الختام ، هناك العديد من الأسباب التي تجعل الناس منافقين. لكن السبب الرئيسي للنفاق هو النقص . النقص في الدين ، و النقص في الإيمان ، و النقص في الأخلاق العامة. و من أخطر الأمراض الاجتماعية هو النفاق. هذا المرض الذي ليس له بلسم بل يحتاج إلى مواجهة دواء من نوع خاص و هو تقوى الله و إيثار مصلحة المجتمع على المصلحة الشخصية و جعلها فوق الاهتمام الشخصي و حب الذات سائلين الله أن يوفقنا الىسواء السبيل .

مبادروة ملتزمون

تعليق واحد

  1. مقال رائع جدا ومفيد
    اتمنى لك التوفيق والاستمرارية لكتاباتك الرائعة
    لكن عندي تعليق بسيط ..
    اذا كان النفاق الاجتماعي ضحية لمجتمع فاسد كما قلت “انه حالة شاذة” في حال عمل الشخص بمبادئه واخلاقه الحميدة
    الفكرة اذا اظهرنا كل شي نخفيه بالطريقة الصحيحة لكنا نتعامل بالسيوف مع بعضنا هل هذا صحيح
    برايي لابد من النفاق في العلاقات الاجتماعية لاننا مضطرين لذلك حتى نرضي هؤلاء الاشخاص كالاقارب مثلا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى