المقالات

ما بالكم كيف تحكمون

غادة ناجي طنطاوي

تداول بعض الجهلة الكثير من العبارات و الدعوات المسيئة إلى معالي المستشار تركي آل الشيخ بسبب الوعكة الصحية التي تعرض لها مؤخرًا.. شافاه الله و عافاه و رده سالمًا إلى أرض الوطن.

من أنتم حتى تتألوا على الله بصلاح فلان من جوره..؟! من أنتم حتى تحكموا بحسن إيمان فلان من عدمه..؟! أم عندكم مفاتيح الغيب و علمتم ما في الصدور..؟! و في نهاية الأمر تسمون أنفسكم مسلمين..؟! لا والله، فالإسلام منكم و مما تفعلون براء. صور المستشار راقدًا على السرير الأبيض تليها عبارات استهزاء، وشماتة و سخرية ما أنزل الله بها من سلطان.. أصبح تويتر مرتعًا للجهلة دون رادع أو ضوابط، بعد أن كان واحةً اقتصرت لفترةٍ طويلة على المثقفين..اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون..

كتب أحد الجهلة معلقًا على إحدى الصور: ” أكثر صورة جعلتني سعيدًا اليوم”.. الله وأكبر..!! ألهذا الحد من الجهل وصل البعض..؟!
دعني أخبرك أنت و هي و كل من يكتب أي تعليق يسيء لأي شخصٍ مريض أو لعائلته، سواء كان آل الشيخ أو غيره؛ من حسن إسلام المرء حسن ظنه و تركه مالا يعنيه، قل خيرًا وإلا فاصمت، فمصير العباد ليس مرهونًا بدعائك على أحدهم، و ليتذكر جميعكم بأن الشخص المريض له عائلة .. زوجة، إخوان وأولاد مصابهم جلل يدعون الله قيامًا و قعودًا له بالشفاء.. و تأتي أنت و غيرك لتسيء لهم بعباراتك السخيفة الجارحة والتي تخلو من أي مسؤولية، و إن دلت على شيء دلت على جهلك وعدم إيمانك..

قد لا يقر البعض بما تفعله هيئة الترفيه ولا يتقبله، لكنها لم تجبرك على الحضور وتركت لك حرية الاختيار بين حضورك أو عدمه وهو أمر مناط بعقلك وتفكيرك، فحضورك أو عدمه عامل غير مؤثر.
حاسب نفسك أولًا و كف لسانك عن الآخرين.. تذكر ما كتب في صحيفتك قبل أن تبهت أحدهم ظلمًا و جورا.. فلا يوجد بينكم من هو خالٍ من العيوب، ولا تزر وازرةً وزر أخرى..!
انشغل بإصلاح ذاتك عوضًا عن التنظير بصلاح البعض دونًا عن غيره، تذكر بأن لك ربا رحيما بسرائر عباده عليم.. و أن المسلم الحقيقي هو من سلم المسلمون من لسانه ويده، و ذكر اللسان قبل اليد.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه – عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ: ” إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ ، وَلاَ تَحَسَّسُوا ، وَلاَ تَجَسَّسُوا ، وَلاَ تَحَاسَدُوا ، وَلاَ تَدَابَرُوا ، وَلاَ تَبَاغَضُوا ، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا”.
نعيب على العالم و ما يحصل فيه للمسلمين على أيدي الصهاينة و غيرهم، و بلاؤنا أشد وأعظم لأنه في ألسنتنا.. و هل يكب الناس على وجوههم في النار إلا حصائد ألسنتهم..؟! نتحدث للعالم عن سماحة ديننا التي لا نعرفها ونحاول إقناعهم بأن المغفرة والرحمة من صفات المسلم الحق و نحن ننتهكها في أبسط صورها.. كان لنوح – عليه السلام – ابن كافر لم يدع عليه، و كان لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – عم كافر، لم يذكره قط بما يسوئه.. وماذا نفعل نحن المسلمين؟ نرجو شفاعته ولا نتبع سنته، نقنع العالم بمبادئ دين لا نمارسها في دارنا ولا في أنفسنا.. من نحن إذًا..؟!

عذرًا لطول المقال.. لكن ما أراه من حولي يثير العجب من قومٍ اجتباهم الله لتحقيق السلام و رفع راية الإسلام في العالم و هم آخر الملمين به.. أسأل الله العلي القدير أن يغفر لمن جهل منا.. و يشملنا بعفوٍ منه و رضوان، و يشفي مريضنا و يجبر مصاب أهله ويرد غائبنا.

مبادروة ملتزمون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى