الصحة

أثر مريض _الجزء الأخير

 

بقلم : رنيم قاسم

في المرات السابقة ذكرتُ كم للمريض من أثر جميل في التعامل وفي الكلمات، لكن هناك من يترك حزنًا قويا في أنفسنا، وغضبا صامتًا في داخلنا.
نحن نُقدر أنك مريض وتحتاج إلى رعاية كاملة بل ونصبر على كل شيء
لكن التمادي والصراخ والسب والشتم والتلفظ بألفاظ محبطة ومهينة.
أترضاه على نفسك وأهلك أن تكون مرهقًا ساعيًا في عملك ثم يأتي من يهينك!!!
لا أعتقد ذلك .
مايحدث معي هو المريض العجول، والمريض الذي لايرى سواه في المكان، والمريض الغاضب من أهله فيصبُ جمَّ غضبه علينا.

في مرة جاءني مريض يريد عمل بعض الفحوصات،  من ضمنها فحصٌ يأخذ أسبوعًا حتى تظهر النتيجة، قالت له زميلتي سنأخذ رقم هاتفك وفي حال ظهرت النتائج سنتصل بك .
في بادئ الأمر جاءَ غاضبًا، رافعًا بالحديث صوته، حاولنا إرضاءه بكل ما لدينا من محاولات وبعدها رحل .
لم يمض أسبوع على النتيجة جاء يسأل عنها  وفي ذلك الوقت كان لدينا ضغط هائل في العمل، فأخبرته بكل ثقة أنها لم تنتهي بعد ولم نتصل بك، لحظتها بدأ بالصراخ والسب والشتم وأننا غير صادقون وبدأ يتبلى ويتهمنا بالكذب والإهمال، لم أشأ مناقشته، وتدخل في الأمر أكثر من شخص وهذا ما أغضبني كثيرًا، بحثتُ في النظام عن اسمه ووجدت النتائج قد انتهت طبعتها له وأعطيتها وهو يصرخ
آلمني الأمر كثيرًا، حيث أنه يستخدم صوته ليأخذ مايريد، والفحوصات ليست له بل لزوجته، وأنه يجب أن نتجاهل أي مريض ونعامله فقط هو…
غضبت كثيرًا ولم أجادله وأعترف أنني أجادل وأناقش حينما يستسفر مريض لكن غضبه وتدخل الآخرين جعلني أصمت حتى لا أزيد الامور سوءً
ومريضٌ آخر أخبرته أن النتائج بعد وقت معين وجاءني ضغط عمل واضطررت أن أعيد الفحص له لكونه أعلى من المعدل الطبيعي
جاء على الوقت المحدد بالدقيقة فأخبرته أنها لم تنتهي، تغيرت معالم وجهه وسكت، ثم عاد بعد خمس دقائق فأخبرته أنها لم تنتهي حينما تنتهي سأنادي عليه.
لن أنسى النظرة التي رمقني بها والوقوف أمام المختبر وضم اليدين بغضب شديد وحينما انتهت أخبرته أن يذهب للطبيب وقف وقال: أريد نسخة..
قلت له : راجع الطبيب وعد لي وسأطبعها، رفض وبقي واقفا وأنا أعمل .
أغضبني تصرفه وأنانيته بل ونظراته التي تشعرك أنك لاشيء وأنه سقراط زمانه.
أما عن مريضة جاءت تصرخ من بداية المختبر حتى المكتب تريد عمل فحوصات لزوجها فسأْلتهُ: ( هل أنت صائم الوقت المطلوب)؟ .
أجابت عنه : الدكتورة لديها خبر اسحبي عينة الدم…..
وهي تصرخ وترفع صوتها لم أحب رفع الصوت، وأسلوب الأمر بعدها قالت انتبهي لأسلوبك معي
نظرت لها نظرة وقلت لها: لم أحادثك سيدتي هدئِي من أعصابك!!
وزادت من نبرة صوتها العالية.
التزمتُ الصمت، وسحبت لزوجها وتعابير وجهي توضح كم أنا غاضبة وهذا ما جعلها تقول لي: ( رافعة خشمك على إيش)!!!!!
صدمتني بجملتها حتى احتبس الضحك حنجرتي ولم أجبها.

مواقف المرضى لاتعد ولاتحصى …
لكن رسالتي لك عزيزي المريض/عزيزتي المريضة:

( إن أي فرد في المنشأة الصحية بدءً من عامل النظافة، لموظفي التأمين واستقبال المرضى، والطبيب، والممرض، والمختبر. يواجه في اليوم بما لا يقل عن عشرات ومئات المرضى والعمل في الاجهزة والتدقيق في العمل وقد تراه جالسا على كرسيه خلف شاشة الكمبيوتر؛ لكنه يعمل ولا يلهو فنحن نضحك أثناء العمل وفي العمل ودون العمل نخلق أجواء تبعد عنا الإرهاق. فلا أنت المريض الوحيد في المكان، ولك كل احترام وتقدير والعمل بما يرضي الله عزوجل في بداية أي مقام ومقال.
ولا نحن من تُفرغُ ضغط العمل والحياة والإرهاق علينا، ولا يوجد أي شيء شخصي بينك وبيننا.
اخترع ألف عذر لتأخر نتيجة ما، أو التأخر في قدوم من يقوم بالسحب لك.
عامل كما  تُحب أن تعامل، وعامل بمبدأ التواضع والتقدير والخُلق الحسن، فهذه طبيعتنا وهذا ماوصانا به النبي صلى الله عليه وسلم .
وإياك ثم إياك ثم إياك حينما أقول أن الفحص سيأخذ نصف ساعة تأتي لي ثلاثين مرة في هذه الساعة تسألني هل انتهى أم بعد
لايوجد …واُكرر لايوجد فحص ينتهي في نفس اللحظة، دمتم بود وحب.

في الحلقات  القادمة سندخل سويًا إلى المختبر وعالمي الجميل

مبادروة ملتزمون

تعليق واحد

  1. الوضع الحرج ليس من أختصاص الطبيب أو الممرضه، الوضع الحرج هو وضع حياتك التي تعيشها، ومن ثمّ هؤلاء القوم ليسوا أجهزة حاسوب أو أنك تطلب وجبة سريعه هم يعملون لصحتك ولصحة أسرتك…
    ودمتِ طبيبة وكاتبة يا دكتورة رنيم ?

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى