المقالات

(نعمة النسيان)

بقلم : رنيم قاسم 

(نحن ننسى لأنه يجب علينا ذلك، وليس لأننا نريد ذلك)…
ماثيو أرنولد
إن الإنسان سمي إنسانًا؛ لنسيانه. فلولا النسيان ماكان الإنسان
هي نعمةٌ في حياةٍ كُلِلَت بالمشاق وصراعات البقاء بمختلف أساليبه، بل وأيضًا في المشاعر بأنواعها من فقدان وخيبة وخسارة، تضفي على النفس البشرية الهلاك النفسي والتدمير الذاتي .
وللنسيان صور عديدة تقبلُ علينا لتبقينا أقوياء؛ ويجعلنا نستمر  في الحياة، ومنقذًا من مكروه قد يحصل، ومُسعفًا لخير قادم.
فيمر على حياتنا في هيئة ضغوط عمل، وقد يأتي مُلهيًا، وقد يأتي على هيئة شخص يطغى على آخر .
النسيان أن ننسى ماضيًا مؤلمًا، وحدثٌ مصيريّ، وذكرى قد تعلو رفوفه.
قد ينظر البعض أن النسيان نقمة فيهرب منها ويحاول ألا يقع في شباكها؛ فهي في منظوره مرضٌ خطير-الزهايمر- الذي يصيب الكبار من السن وحالة مرضية، بل من أشد وأقسى مراحل النسيان التي تكون بقدر مكتوب .
وعلى هذه النعمة سألت بعض الأشخاص عن مفهومهم لها
فمنهم من اعتقد أنه الزهايمر وكم هو نقمة وليست نعمة ومنهم من أردف بديع القول فيها
فتقول الكاتبة رواء الكثيري:
(هنا النســـيان حلمٌ يراود الكثيرين ممن عاكستهم الظروف.. وغرست بشغاف قلوبهم ألمًا لن يسكنه سوى النسيـــــان…
فالكثير مما يُصِبْنا في نفوسنا لا يصلحه ولا يخلصنا من أذاه سوى النسيان، وهكذا نستطيع أن نقول بأن النسيـــان نعمة كبيرة وعلاجٌ ممتازٌ للضمائر المضطربة والنفوس القلقة..
ولكن عندما يعجز الإنســان عن النسيــــان سيظل هروبه من الذكريات والأحداث أمرًا مقدس ومرغوب بشدة، ولربما لكي ينسى، سيخلق لنفسه ألف طريق وطريق حتى ولو كانت هذه الطريق مؤذية لجسده.. عندها سيصبح أسيرًا لا يقدر على الإفلات.
إن النسيــان نعمة. بعيدًا عما يقوله الأغلب بأن النسيان نذير شؤم.. فأن تعيش بذاكرة هي عدوة لك تذكرك بكل ما جرى لك من ألمٍ وحسرة وخذلان، وتخدش بكل ذلك روحك بمخالبها خير… أم أن في النسيان الخير الكثير..!).
وتقول إحدى الصديقات:
(هي على قدر ما تحمل من نِعم فهي على قدر كافٍ من النِقم، فإذا أردنا أنّ نذكر النِعم يكفينا قولٌ واحد: “نسيان لكل مُر، نسيانٌ لكل ألم، نسيانٌ لكل شعور شعرنا به وكاد أن يُطفىء شعمتنا”. وكذلك لتجاربنا التي فشلنا بها وشعرنا للمرة الأولى بأننا عبء على هذا الكوكب ..
باختصار هي نعمة خلقها الله لنا لتكون بمثابة دواء للروح ).
ومن هنا نرى كم لنعمة النسيان أثر في استمرارنا وصمودنا في الحياة ومعاركها، لولاها لهلكت البشرية منذ زمن .

مبادروة ملتزمون

‫2 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى