عن صلاة د. العيسى في مخيم إبادة اليهود
غرد بها: عبدالعزيز قاسم
اعلامي وكاتب صحفي
1) عندما تقوم القناة الأجيرة “الجزيرة” بحملةٍ وتغطيةٍ لحدثٍ ما، وتجيّر كل خلايا المأفون عزمي بشارة، وبقية المواقع الإخبارية التابعة لاستخبارات هذه الدويلة اليوم؛ تيقّنوا بأن هذا التشغيب هو من مكرها وحقدها على بلادنا، وحاولوا ألا تقعوا في شَراك كذبهم وتدليسهم الآسن.
2) وعندما تتواطأ أصوات المعارضين السعوديين البؤساء المبثوثين في تركيا أو لندن وغيرهما، من الذين باعوا ضمائرهم وأقلامهم بثمن بخس للريالات القطرية أو السلطنة الأردوغانية الموهومة أو الانتماءات الأيدلوجية الإخوانية المتحالفة مع الدويلة؛ انتبهوا لفخِّ الفتنة والمكر والدسيسة.
3) أتابع هذا الهجوم والتأليب الممنهج الماكر من تلكم القنوات الأجيرة والأقلام المسمومة على ما قام به معالي أمين عام رابطة العالم الإسلامي، من جمعه لقيادات إسلامية كبرى في العالم، والصلاة في معسكر الإبادة الجماعية التي حصلت لليهود في “أوشفيتز” ببولندا، بما يندرج تحت مسمى “الهولوكست”.
4) للأسف الشديد، وقع في شراك فتنة أولئك المأفونين والحقدة على بلادنا؛ فئامٌ ممن نحسن الظن بهم، وقد ركبوا موجة التجديف والبكائيات والتحسّر على هذه الخطوة التي أعتبرها ذكاء، وبُعد نظرٍ من معالي د. محمد العيسى، قبل أن تكون أصلاً من أصول ديننا السمح الذي يرفض الظلم مهما كان مصدره، ويأمرنا بالعدل مع المخالفين مهما كانت ملّتهم.
5) كتبتُ قبل عامين مقالة، أبنت بها رأيي في المحرقة النازية التي تسمى “الهولوكست”، فهي حدثت باعتراف كل العالم، إذ الخلاف في عدد ضحاياها لا في حقيقة وقوعها، فهي جريمةٌ بشعة، هزّت البشرية في العمق، وأسفرت عن فظائع يعجز أيّ إنسانٍ منصفٍ ومحبٍّ للعدل والسلام أن يتجاهلها أو يستهين بها.
6) لا تعاطف أبداً مع جريمة مثل تلك، لا ديناً ولا شرعاً ولا عرفاً ولا إنسانية، ومن قدّر له أن يرى –في البرامج الوثائقية- تلكم الطوابير من النساء والأطفال والعجزة وهم يدخلون في أفران الغاز، فضلاً عن غيرهم من الرجال اليهود؛ ليقشعر بدنه إن كان به ثمة إنسانية أو أثارة من دينٍ أو خلقٍ أو رحمة.
7) موقف الدولة أو الدين أو المثقف أو العالم من “الهولوكست”، واستنكار هذه الجريمة النازية؛ بات معياراً عالمياً تقاس عليه الدول والديانات والأفراد في حاضر اليوم، وأتذكر العام الماضي زيارتي للمعبد اليهودي في سان أنطونيو بتكساس في الولايات المتحدة، شكراً لموقفهم من جريمة مسجد نيوزلاندا وقتها=
8) حيث استراب اليهود الحاضرون من مجيئي، وبمجرّد أن سقتُ لهم -في كلمتي التي ألقيتها عليهم- ما قاله د. العيسى حيال جريمة “الهولوكست”، وأنّ الإسلام الحقيقي يحرّم هذه الجرائم، ويدينها بأقصى درجات العقوبات الجنائية، ويصنّفها ضمن أقبح الفظائع الإنسانية على الإطلاق؛ أقبلوا عليّ يشكرونني ويعانقونني.
9) ولم يكتف يهود ذلك المعبد هناك بذلك، بل سألوني كيف يمكن ترجمة تضامنهم مع المسلمين في المدينة؛ هل ببعث رسالة تعزية وشجب واستنكار أم ببعث الورود لهم!
برأيي أنّ معالي د. العيسى وفّق جداً في قضية الشجب قبل عامين هناك في نيويورك، وقد طارت الصحف والقنوات الأمريكية تثميناً واعجاباً بما قاله حيال موقف الإسلام من أمثال تلكم الجرائم.
10) وبرأيي أن معاليه اليوم -وكوكبة علماء المسلمين معه -وفّقوا بالصلاة في ذلك المعسكر النازي ببولندا، وشاهدهم العالم كله، واحتفى الاعلام الغربي بهذه الروح الإسلامية التي يقودها معاليه، وخطوات الاعتدال التي يخطو بها هناك، وتصحيحه للصورة الشائهة عن ديننا، التي رسمتها داعش وبقية الأحزاب الإسلامية المتطرفة للعالم.
11) موضوع “الهولوكست” لو أخذناه بعيداً عن التسييس، ووضعناه تحت مجهر ديننا الإسلامي، وسألت هنا: هل الإسلام يقرّ ذلك الحرق والتمثيل لمسالمين ونساء وأطفال وعجزة، مهما كانت ملتهم؟
نحن أمةٌ مأمورةٌ بالعدل، ومن العدل عدم الخلط بين المحاربين والمسالمين، وكذلك بين المسيحية المسالمة، واليمين المتطرف وشعاراته المناوئة شديدة العدائية للآخر.
12) كي تعرفوا التناول الحاقد الأعور من قناة الجزيرة وبقية مواقعها وتلكم الأقلام المأجورة على هذه الخطوة من معالي أمين عام الرابطة؛ لم يسلّط المأفونون الضوء على أن معاليه -ووفد علماء المسلمين معه- قاموا بالصلاة في البوسنة والهرسك لضحايا مجزرة “سربرنيتسا” من المسلمين المسالمين، بذات زيارتهم للمعسكر النازي في بولندا التي هاجموه فيها.
13) عندما وصفتُ خطوة معالي الشيخ محمد العيسى بالذكية وبعيدة النظر، لم يتنبه إلا الحصفاء إلى هذا الربط بين المجزرتين، فقد قام العالم ولم يقعد لليوم للهولوكست، وثمة جريمة صربية تشابهها حدثت في “سربرنيتسا”، وكانت هاتان الزيارتان من معاليه بنفس الوقت رسالة منه وتذكيراً للغرب بما حدث لإخوتنا المسلمين الشهداء في “سربرنيتسا”.
14) ما الذي بعثه معاليه خلال زيارته لمواقع الإبادة في البوسنة والهرسك و”أوشفيتز” ببولندا؟
أبان د.العيسى عن وقوف ديننا الإسلامي ضد تلك الجرائم الإنسانية، وقال: “نؤكد تجريمنا الشديد لتلك الفظائع الوحشية -أياً كان فاعلها وأياً كان ضحيتها- فالإسلام دين عدالة بقيم ثابتة لا تزدوج معاييرها” .
15) تأملوا في الطريقة الذكية الناعمة في بعث الرسالة، والكسب الكبير الذي حققه أمين عام الرابطة لصورة الدين الإسلامي أمام العالم، والتذكير -الذكي غير المباشر- بضحايا المسلمين في “سربرنيتسا”، عندما ربط زيارته للموقعين في وقت واحد.
لا ينتبه لمثل هذه اللفتات إلا إنسان منصف ورجل عميق النظرة.
16-16) شكراً لرابطة العالم الإسلامي على خطواتها الحثيثة في تصحيح صورة ديننا وبلادنا.
درسٌ أقدمه للانتباه لما تفعله القنوات الأجيرة والعميلة في التشغيب على ولاتنا وقادتنا وبلادنا.
ولن يزيدنا ذلك إلا تكاتفاً وولاءً وحباً لقادتنا ووطننا، ودعاءً لهم، ولكل من يعمل اليوم لتصحيح صورة ديننا وبلادنا، وترسيخ قيم الاعتدال في العالم.