المقالات

لا تأتوا على ما تبقى منَّا

لا تأتوا على ما تبقى منَّا 

بقلم
الكاتب /علي بدوي
منذ أن عرفت نفسي وادركت انتمائي الديني والعروبي مروراً بانتمائي وولائي الغير مشروط لدولتي وقادتها الكرام  وصولاً لانتمائي القبلي والعائلي وأنا اسمع وأرى وأشعر بضعف شديد وهوان عظيم لهذا الإنسان العربي المغلوب على أمره في كل شيء فهو حالة من الضعف والفقر حتى وإن لبس العزة والتحف بالكبرياء فهو يعيش بداخل هالة من اليتم الأزلي فلا هو الذي تحرر من هذا اليتم ولا هو الذي اعترف به صراحة وانهدت قواه  كالجمل الذي كثرت سكاكينه ، لكنه بقي يناضل ويناضل في كل جبهة من جبهات الشقى والعنت الذي كتبه الله عليه ونقشه على جبينه منذ ولد إلى ساعة منتهاه . 

الخلافات والصدامات التي نراها اليوم والتي دبت شرارتها الأولى في جسد الأمة منذ ٢٠١١ وحتى اللحظة والتي ما فترت لحظة واحدة بل تتأجج نارها يوماً بعد يوم ويزداد فتيلها ويكثر من حولها النافخون  ، أقول  إن هذه الخلافات قد أخذت منا كل مأخذ بل ونخرت ارواحنا ولم نعد نحتمل أن نرى أو نسمع المزيد منها مهما كانت ايديولوجياتها أو دوافعها ، فنحن كشعوب عربية عامة مبتلون بالفقر والعوز لكل شيء ابتداء من الطبطبة على الكتوف وليس انتهاء عند كسرة خبز يمدها صادق لا يرجو فلاش كاميرا آو مديح متزلف .

قضيتنا الأم نعرفها ونعلمها جيداً لكننا كشعوب مغلوب على أمرها لا نستطيع لها حلاً،  وحلها كلنا نكاد نجمع عليه لكننا في الحقيقة غير مهيأين له اليوم ونحن أبعد ما نكون بحالنا هذه أن نقلم ظفر يهودي واحد فما بالك بالوقوف في وجه دولة صهيونية كاملة ، وكل ما حدث وما يزال   إلى الساعة في وطننا العربي ( الخريف العربي  ) لا يؤدي للقضية ولا حتى يأخذ بناقة جرباء إلى معطنها بل هو تظليل متعمد وأخذ بناصية الأمة لطريق الفتنة الدهماء . 

نعم نحن نعيش فقراً شديداً ليس والله في الموارد بل فقرنا في توظيفنا لهذه الموارد ، نعم نحن نعيش في عوز وحاجة ماسة لكل شيء ابتداء من قطرة الماء النظيف مروراً بتعليم جيد وصحة ملائمة وليس انتهاء عند مسكن يناسب انسانيتنا ، نعم نحن نعيش في ألم وضيم وعذاب وظلم لا حدود له لا أقول دولة بعينها بل الغالب ، لا أقول شعباً محدداً بل الغالب ، لا أقول فئة واحدة بل فئات لكننا من طيبنا صامتون صابرون ومن جمال ما فينا رضينا أن نأكل من لحمنا قبل ان تمتد ايدينا  لتخرب  بيوتاً عامرة  ، صرحنا بوجود الفساد ولمحنا بحاجاتنا وطلبنا بملئ أفواهنا لكن مالذي حدث ؟! 

فقط وعود تتلوها وعود وفقر يزداد شراهة وحاجة تزداد أكلة ، فلا نحن الذين طلنا بلح الشام ولا عنب اليمن وليتنا بقينا في مكاننا السابق ورضينا لكننا تراجعنا للوراء ألف قرن ومتنا ألف موتة وقتلنا ألف قتلة والله المستعان . 

أقولها  صادق معكم ومحب لكم لا تأتوا على ما تبقى منا ودعونا نعيش بعيداً عن صداماتكم دعونا نموت كالعير على فرشنا ولا تقحمونا في صراعات ليس لنا فيها لا ناقة ولا جمل فوالله لم تبقي فينا السبع العجاف منذ ٢٠١١ وحتى ٢٠١٧  ما يستحق أن نعيش من اجله ، ولم يبق فينا الدم الذي نراه لحظياً على شاشات تلفزيوناتنا العربية روح تحتمل ، فوالله إننا لميتين حتى وإن ضايقناكم بإلحاحنا هذا فارحموا ميتتنا هذه ولا تأتوا عليها هي الأخرى  . 

 

مبادروة ملتزمون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى