المقالات

تمرد الأبناء على الآباء عقوق بدايته تأفف ونهايته الندم ” 2-2″

بقلم/ وسيلة الحلبي

ولعقوق الوالدين أسباب كثيرة منها – الجهل: فالجهل داءٌ قاتل، والجاهل عدو نفسه، فإذا جهل المرء عواقب العقوق العاجلة والآجلة، وجهل ثمرات البِّر العاجلة والآجلة، قاده ذلك إلى العقوق، وصرفه عن البر.

وسوء التربية: فالوالدان إذا لم يربيا أولادهما على التقوى، والبر والصلة، وطلب المعالي، فإن ذلك سيقودهم إلى التمرد والعقوق.

والتناقض: وذلك إذا كان الوالدان يعلِّمان الأولاد، وهما لا يعملان بما يُعَلِّمان، بل ربما يعملان نقيض ذلك؛ فهذا الأمر مدعاة للتمرد والعقوق.

والصحبة السيئة للأولاد: فهي مما يفسد الأولاد، ومما يجرئهم على العقوق، كما أنها ترهق الوالدين، وتضعف أثرهم في تربية الأولاد.

وعقوق الوالدين لوالديهم: فهذا من جملة الأسباب الموجبة للعقوق، فإن كان الوالدان عاقين لوالديهم عوقبا بعقوق أولادهما- في الغالب- وذلك من جهتين: أن الأولاد يقتدون بآبائهم في العقوق. وأن الجزاء من جنس العمل.

وقلة تقوى الله في حالة الطلاق: فكثير من الأزواج إذا حصل بينهما طلاق لا يتقيان الله في ذلك، ولا يحصل الطلاق بينهما بإحسان، كما أمر الله.

بل تجد كلَّ واحد منهما يغري الأولاد بالآخر، والنتيجة: أن الأولاد سيعقُّون الوالدين جميعًا، والوالدان هما السبب كما قال أبو ذؤيب الهذلي:

فلا تغضبَنْ في سيرةٍ أنت سرتَها

وأول راضٍ سُنَّةً من يسيرُها

والتفرقة بين الأولاد: فهذا العمل يورث لدى الأولاد الشحناء والبغضاء، فتسود بينهم روح الكراهية، ويقودهم ذلك إلى بغض الوالدين وقطيعتهما.

وإيثار  الراحة والدّعَة: فبعض الناس إذا كان لديه والدان كبيران أو مريضان، رغب في التخلص منهما، إما بإيداعهما دور العَجَزة، أو بترك المنزل والسكنى خارجه، أو غير ذلك؛ إيثارًا للراحة- كما يزعم- وما علم أن راحته إنما هي بلزوم والديه وبرِّهما. و قلة إعانة الوالدين لأولادهما على البر: فبعض الوالدين لا يعين أولاده على البر، ولا يشجعهم على الإحسان إذا أحسنوا .فحق الوالدين عظيم، وهو واجب بكل حال. لكنَّ الأولاد إذا لم يجدوا التشجيع، والدعاء، والإعانة من الوالدين- ربما ملُّوا، وتركوا بر الوالدين، أو قصَّروا في ذلك. وسوء خلق الزوجة: فقد يبتلى الإنسان بزوجة سيئة الخلق، لا تخاف الله، ولا ترعى الحقوق، فتجدها تغري الزوج، بأن يتمرد على والديه، أو يخرجهما من المنزل، أو يقطع إحسانه عنهما؛ ليخلو لها الجوّ بزوجها، وتستأثر به دون غيرها.

وقلة الإحساس بمصاب الوالدين: فبعض الأبناء لم يجرب الأُبوَّة، وبعض البنات لم تجرب الأمومة، فتجد من هذه حاله لا يأبه بوالديه؛ سواء إذا تأخر بالليل، أو إذا ابتعد عنهما، أو أساء إليهما.

هذه بعض الأسباب التي تؤدي إلى عقوق الوالدين.

سبل العلاج

 لابد من الترغيب في برهما، والترهيب من عقوقهما، فما أحرى بذلك الابن أن يحرص كل الحرص على بر والديه، وأن يتجنب عقوقهما؛ رغبة فيما عند الله من جزيل الثواب، ورهبة مما لديه من شديد العقاب، العاجل والآجل. وقيل ” كما أن لك على ولدك حقّا كذلك لولدك عليك حق. ولا بد من مراعاة الآداب مع الوالدين فهناك آداب ينبغي لنا مراعاتها، ويجدر بنا سلوكها مع الوالدين، لعلنا نرد لهما بعض الدَّيْن، ونقوم ببعض ما أوجب الله علينا نحوهما، كي نرضي ربنا، وتنشرح صدورنا، وتطيب حياتُنا، وتُيسَّر أمورُنا، ويبارك الله في أعمارنا، ويُنسأَ لنا في آثارنا.

فمن تلك الآداب ما يلي:

1- طاعتهما واجتناب معصيتهما: والإحسان إليهما: بالقول والفعل،

وخفض الجناح: وذلك بالتذلل لهما، والتواضع والبعد عن زجرهما: وذلك بلين الخطاب، والتلطف بالكلام، والحذر كل الحذر من نهرهما، ورفع الصوت عليهما. و الإصغاء إليهما: وذلك بالإقبال عليهما بالوجه إذا تحدثا، وترك مقاطعتهما أو منازعتهما الحديث، والحذر كل الحذر من تكذيبهما، أو ردّ حديثهما .والفرح بأوامرهما، وترك التضجر والتأفف منهما: كما قال عزَّ وجل: فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما {الإسراء: 23}.

التطلّق لهما: وذلك بمقابلتهما بالبِشر والترحاب بعيدًا عن العبوس، وتقطيب الجبين.

والتودد لهما، والتحبب إليهما: ومن ذلك مبادأتهما بالسلام، وتقبيل أيديهما، ورؤوسهما، والتوسيع لهما في المجلس، وألا يمدّ يده إلى الطعام قبلهما، وأن يمشي خلفهما في النهار، وأمامهما في الليل خصوصًا إذا كان الطريق مظلمًا أو وَعِرًا، أما إذا كان الطريق واضحًا سالكًا فلا بأس أن يمشي خلفهما. تجنب المنَّة في الخدمة أو العطِيَّة: فالمنة تهدم الصنيعة، وهي من مساوئ الأخلاق، ويزداد قبحها إذا كانت في حق الوالدين. فعلى الولد أن يقدم لوالديه ما يستطيع، وأن يعترف بالتقصير، ويعتذر عن عدم استطاعته أن يوفي والديه حقهما. تقديم حقّ الأم: فمما ينبغي مراعاته أيضًا تقديم بر الأم، والعطف عليها والإحسان إليها على بر الأب والعطف عليه والإحسان إليه. وذلك لما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، مَن أولى الناس بحسن صحابتي؟ قال: “أمك”. قال: ثم مَن؟ قال: “أُمَّك”. قال: ثم مَن؟ قال: “أمك”. قال: ثم مَن؟ قال: “أبوك”. {البخاري (5971)، ومسلم (2548}).

قد يقال: الأم تقدم وتفضل بالبر والإحسان والعطف؛ والأب يقدم في الطاعة؛ لأن الأب رب المنزل، وقائد السفينة.

– تلبية ندائهما بسرعة: سواء كان الإنسان مشغولاً أم غير مشغول؛ فبعض الناس إذا ناداه أحد والديه وكان مشغولاً- تظاهر بأنه لم يسمع الصوت، وإن كان فارغًا أجابهما. وتعويد الأولاد البر: وذلك بأن يكون المرء قدوة لهم، وأن يسعى قدر المستطاع لتوطيد العلاقة بين أولاده وبين والديه. والاستئذان حال الدخول عليهما: فربما كانا أو أحدهما على حالة لا يرضى أن يراه أحد وهو عليها. والعمل على ما يسرهما وإن لم يأمرا به: من رعاية للإخوة، أو صلة للأرحام كثرة الدعاء والاستغفار لهما في حياتهما: قال الله تعالى: وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا {الإسراء: 24}، وقال تعالى حكاية عن نوح عليه السلام: رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات {نوح: 28}. برّهما بعد موتهما: فمما يدل على عظم حق الوالدين، وسعة رحمة رب العالمين، أنْ كان بر الوالدين لا ينقطع حتى بعد الممات؛ فقد يُقصِّر أحدٌ من الناس في حق والديه وهما على قيد الحياة، فإذا ماتا عضَّ يده، وقرع سنَّه؛ ندمًا على تفريطه وتضيعه لحقِّ الوالدين، وتمنى أن يرجعا للدنيا؛ ليعمل معهما صالحًا غير الذي كان يعمل.

 

  • عضو الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين
  • عضو اتحاد الكتاب والمثقفين العرب
مبادروة ملتزمون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى