عبدالرحمن الزامل: صالح كامل أوقف ثلث أمواله
بقلم : عبدالعزيز قاسم
اعلامي وكاتب صحفي
1) يكرمني الدكتور عبدالرحمن الزامل رجل الاقتصاد المعروف، ورئيس مجلس إدارة مجموعة الزامل؛ بالتعقيب بين الفينة والفينة على بعض مقالاتي التي يشرفني بقراءتها، ونتحاور حولها، وأحرص على سؤاله عن آخر التطورات الاقتصادية ونظرته لما ستؤول الأمور، فيجيبني بعفويته وبساطته وبعمقه في الاقتصاد والسياسة، والرجلُ مثقفٌ حاصلٌ على الدكتوراه من جامعة جنوب كاليفورنيا في العلاقات الدولية عام 1972م، وبكالوريوس قانون من جامعة القاهرة عام 1965م
2) أرسلتُ له، وقلت بأنني تلقيت رسالة على لسانك، تقول فيها إن الشيخ صالح كامل أخبرك أنه أوقف ثلث ماله، فهل هذا صحيح؟ كي نثبته، بدلًا من أن يروج في المنتديات بدون سند ولا مرجعية معتمدة، كآلاف الرسائل التي نتلقاها يوميًا. رد عليّ صباحًا برسالة، ثم اتصل بي، ولا يدري أنني في دوامٍ رمضاني للأسف، أنام بعد الفجر وأصحو على الظهر.
3) عندما اتصلت به ظهرًا، وأبديت تأسّفي له، بادرني ضاحكًا، ومبكّتًا عليّ: نحن أهل القصيم ننام مبكرين، ونصحو مبكرين، لأن الرزق في البكور، ونحرص عليه، ولسنا مثلكم!! الدكتور عبدالرحمن صاحب طرفة وروح مرحة، ومن يجالسه يجد العمق الفكري وذكاء رجل الأعمال، مخلوطتين بروح مرحة ساحرة، تميّز عموم أهل عنيزة.
4) قال لي د. عبدالرحمن الزامل حرفيًا: تربطني بالشيخ صالح كامل آصرة أخوّة وحبّ، وكنا نلتقي بشكل مكثف في السنوات الأخيرة بسبب الغرف التجارية، وفي مكة المكرمة وقبل ثلاث سنوات تقريبًا، أبلغني بشكل خاص أنه أوقف ثلث أمواله في سبيل الله. بادرته وقتها وقلت له: لماذا لا تعلن هذا وتقوله للناس؟ فرفض ذلك، يريد الأجر الخالص.
5) يكمل د. الزامل حديثه: أتذكر أنني قلت للشيخ صالح كامل وقتها، بأننا نحن أهل القصيم نوقف أموالنا، ونُشهر ذلك رغبةً في أن يقتدي الناس بنا، ولكي نشجّع الآخرين المتردّدين كذلك، وأننا نرى الطريقة هذه أقوى وأبلغ في إشاعة هذا الخير، وأنه لا تضاد أبدًا مع صلاح النية وكون العمل خالصًا لوجه الله.
6) يضيف لي د. عبدالرحمن الزامل أنه استأذن أبناء الشيخ صالح كامل عن طريق ابنه ناصر بنشر هذه القصة مع والدهم، كي لا يعتبوا عليه، وأنهم أذنوا له. وأنا هنا -عبدالعزيز قاسم- لا أملك إلا الدعاء للشيخ صالح كامل أن يتقبل الله منه، ويرفع درجاته، ويتجاوز عن سيئاته، ويعامله بعفوه وكرمه وحلمه، ويوفق أبناءه للخير والصلاح.
7) أبديتُ رأيي ل د.الزامل، وقلت له بأنني مؤيّدٌ لك في نشر أمثال هذه المبادرات؛ ليقتدي الناس بكم، حتى من ذوي الدخول المتوسطة، وتكون ثقافة مجتمعة. ردّ عليّ بقوله: والله وأنا في هذا الشهر الفضيل، أقول لك أخي عبدالعزيز، ما عملنا خيرًا أو ساهمنا به من أموالٍ لوجهه الكريم إلا وعوضنا الله أضعافًا.
8) يكمل د. الزامل ويقول: هل تعلم أخي عبدالعزيز، أننا رأينا أثر التبرعات والأوقاف على شركاتنا وعلى صحتنا وأبنائنا وأموالنا، وأنها تضاعفت بسبب هذه المساهمات الخيرية التي نقوم بها. وهي فرصة أدعو فيها جميع التجار ورجال الأعمال أن ينفقوا أموالهم في الخير وبناء هذا الوطن، فسترتدّ عليهم مضاعفة.
9) أضرب مثالًا في رجالات عنيزة الذين غادروها -الكلام لعبدالرحمن الزامل- وكيف أنهم كانوا بارّين بها، فالجفالي والبسام والسبيعي والزامل والعليان والتميمي وغيرهم من العائلات التجارية، عادوا لمدينتهم وأقاموا مشروعات خيرية وأوقافًا، وبنوا صروحًا تعليمية وصحية وتربوية في مدينتهم الأم عنيزة، وأقول هذا تشجيعًا لتجار كل مدينة بأن يساهموا في مدينتهم، ويفوا لها. وتحدث د.الزامل عن حسرته بأن التجار من أهل مكة ذهبوا وانتقلوا لمدينة جدة وبذلوا لها، مع أن مكة المكرمة تحتاج لهم أكثر بكثير.
10) يكمل د.الزامل: وليس دعم المدينة الأم من الإقليمية بشيء أو التعصّب، صحيح كل مدن المملكة تستحق منا الدعم، ولكن لا بدّ أن يبدأ الانسان بمدينته وأهله، وأتذكر أنه في سنوات ماضية، قام مجموعة أطباء في الرياض من أبناء مدينة الزلفي بتخصيص نهاية الأسبوع للذهاب لمدينتهم ومعالجة الفقراء هناك مجانًا=
11) فكتب أحدهم في صحيفة الجزيرة بأن هذه روح إقليمية لا تليق، وأن عليهم أن يذهبوا لجيزان أو مدن الأطراف، وهاجمهم. يقول د.الزامل: فوجئنا باليوم التالي بمقالة من الملك سلمان -كان أمير الرياض وقتها- يصحّح لهذا الكاتب، ويشجّع هؤلاء الأبناء على مبادرتهم، وأن عودتهم لجذورهم والبدء بمدينتهم؛ أمرٌ حميد.
12) يتكلم د.الزمل ويقول لي: اجتمعنا نحن عائلة الزامل من وحي هذه الرسالة من الأمير سلمان وقتها، وجعلناها استراتيجية لنا، فمنها انبثقت مشروعات الوقف العديدة لعائلة الزامل، وآخرها مجمع عبدالله بن حمد الزامل ب70 مليون، وقررنا وقتها كذلك إقامة مجمع تجاري كبير “مول”، بتكلفة لا تقل عن مائة مليون ريال في عنيزة، وغرضنا أن يعمل أبناؤنا وبناتنا فيها.
13) أتذكر أنني جئت المجمع التجاري بعد اقامته -الكلام ل د.الزامل- وساءني أنني رأيت الوافدين هم من يعمل بها، ولم أجد أبناء عنيزة ولا فتياتها بها، ونحن من أقمناه كنوعٍ من الدعم للأبناء، ولم يكن غرضنا ربحيًا أبدًا، وتكدّرت من ذلك وانزعجت، وذهبت لأمير القصيم، وقلت له بما يعتمل في صدري، وضرورة اصدار قرار بأن يكون العاملون في المجمعات التجارية بكل القصيم من أبنائنا وبناتنا فقط=
14) فأجابني -الحديث ما زال ل د.الزامل- أمير القصيم وقتها بأن قرار سعودة المجمعات التجارية ليس بيده، بل هو قرارٌ يأتي من أعلى. فما زلتُ عليه أحثّه وأشجعه، بأن الدولة إن رأت صالحًا تؤيده ولا تقف ضده، وفعلًا أصدر سمو أمرًا بسعودة المولات، وبعد نجاحها الباهر؛ رأينا قرار السعودة يصدر على كل المجمعات التجارية بالمملكة.
15) تشعّب بنا الحديث، واقتصاديٌ رفيعٌ مثل د. الزامل فرصة لأن أخوض وأعرف عبره مسارات الاقتصاد ببلادنا والعالم في المستقبل، فأبدى لي تفاؤله وثقته بالاقتصاد السعودي، وقال بأننا نقف على أرضية قوية، وأننا سننهض خلال فترة وجيزة، وأقَسَم لي بالله العظيم أن الخير قادم، وأبان بأنهم في شركات الزامل لم يسرّحوا موظفًا واحدً؛ ثقة منهم بعودة وقوة اقتصادنا، وواجبًا متحتّمًا على رجال الأعمال بوضع أيديهم مع الدولة لتجاوز هذه الأزمة.
16) واستشهد د. الزامل بأنه في سنوات الأزمة العالمية وهبوط الأسهم وتفجيرات الإرهاب؛ طرحوا اكتتاب شركة الصحراء للبتروكيماويات، وكان رهانًا وتحديًا منهم وقتها، وقال الخبراء لهم بضرورة التأجيل، بيد أنهم راهنوا وأنزلوا الاكتتاب، وكان المطلوب ملياري ريال فقط، وإذا بالمبلغ يصل ل42 مليار ريال. ويكمل د.الزامل: الأمير سلمان علّق وقتها، وقال بأن هذا الرقم تصويتٌ من المواطن والتاجر بثقتهم بالدولة واقتصادها.
17) د.الزامل رأى بأن قرار زيادة القيمة المضافة سيحدّ من الاستهلاك الذي تفاقم في المجتمع السعودي، وقال بأن هناك مليارات تهدر في الكماليات والمقاهي والمطاعم وستخففها هذه الضريبة، وأن من يريد شراء الرولكس أو المرسيدس عليه أن يدفع للدولة، كي تذهب الأموال في مشروعاتها التنموية أو تساعد به الفقراء والمحتاجين.
18-18) الحديث مع أحد أباطرة الاقتصاد السعودي، الدكتور عبدالرحمن الزامل كان شيقًا، وأجمل ما فيه روحه المتفائلة دومًا، ونظرته البعيدة للأمور، وإيمانه وثقته الأكيدة بمتانة الاقتصاد السعودي، وأن هذه الأزمات عابرة وستذهب، وستعود عجلة الاقتصاد للدوران بقوة في وقت وجيز بإذن الله. ويرحم الله الشيخ صالح كامل، ويتقبل منه ما أوقفه لله تعالى.
1)يكرمني الدكتور عبدالرحمن الزامل رجل الاقتصاد المعروف ورئيس مجلس إدارة مجموعة الزامل بالتعقيب بين الفينة والفينة على بعض مقالاتي التي يشرفني بقراءتها، وهو رجل مثقف حاصل على الدكتوراه من جامعة جنوب كاليفورنيا في العلاقات الدولية عام 1972م وبكالوريوس قانون من جامعة القاهرة عام1965
— عبدالعزيز قاسم (@azizkasem) May 20, 2020