نبضة قلم

قراءة نقدية لنص (بيروت) للشاعرة منى البدراني من الناقد الكبير / يحيى معيدي

 

 

الحدث :  المدينة المنورة : نغم محمد :

تتألق الشاعرة / خنساء المدينة – دائما- في عطاءاتها الشعرية سواء الوطني منها أو المجتمعي أو المناسبات الأخرى.

فهي شاعرة تستلهم – دائما- روح الشعر الأصيل المشارِك في كل مناسبة.

(بيروت).

العنوان.

المطلع جميل وجذاب بمفرداته الدالة على هول الحادث..
حيث بدأته بقولها:

دمار.

بصيغة النكرة، وتعقبه الجملة الفعلية :

( دك مرفأها)
لزيادة وصف ذلك الهول، وهو تركيب جميل جدا حيث أعادت الإشارة إلى (بيروت) بالضمير في قولها:
( مرفأها)

بمعنى حضور صورة هذا الحادث المؤلم عندها وعند القارئ.

ثم تؤكد الدمار الأول بالمفردة ذاتها صيغة ودلالة.

ولا يزال المطلع يشعر بتتابع الخوف والدمار بدلالاته :

(علا بنحيبه).

(فزع)

(نار)

نعم ، لقد وظفت الشاعرة مفردات المطلع لوصف هذا الحادث المؤلم..

ومن الصورة المرئية الماثلة للأعين تنطلق بنا الشاعرة للصورة الوجدانية وهي مهارة فنية جدا حيث تقول :

(وفي أعماقنا).

وتستخدم الفعل

الدلالي ( فجعت).

وتسنده للنياط.

وهنا تجمُل الصورة
حيث وصلت الفاجعة حتى للشرايين فحصل ماحصل.

ولم تكتف بتلك الصورة؛ بل رسمت الموت بأنه يدوّي في المحيط ناتجا عن انفجار… وكذلك جاءت مفردة ( انفجار) نكرة- أيضا- للدلالة السابقة نفسها.

وتسترسل في مسارها الشعري بجمل خبرية ، وكأنها تخبرنا بكل تفاصيل هذا الحادث.

(فيسحق أنفسا).

وماذا أيضا؟

وعروس شام!!
وتصفها بالسواد مستخدمة أسلوب الكناية :

(عروس شام)

(اسود الدثار).

وجميل أن جاء لون السواد هنا فالحريق والنار يناسبهما ذلك اللون…

وفي هذا البيت عادت بنا لصورة مرئية… وكأنها تبث حدثا حيا مباشرا…

وتعود – أيضا- مرة أخرى لتنقلنا لصورة وجدانية أخرى حيث تقول:

( فتنزفها المشاعر)

والتعبير بالنزف رائع جدا فالجرح نازف والألم شديد والأسى مازال منبثقا..

ولكن في هذه الحالة جاءت النقلة المشاعرية عبر الحرف
وجسدته بقولها :

( في قصيد)

وتردفه بمعنى بديع جدا:

( وتبكيها العروبة والديار)

وهنا جمعت الشاعرة بين الحال والمحل
( العروبة والديار)
وهو أجمل في التصوير معنى ومبنى.

وتستمر لتبين لنا أنه ليس الإنسان وحده من تألم جراء ذلك ؛ بل وصل للطير وغيره..

( ويرثيها هديل حمام أيك)
وهنا التنويع الدلالي وجماله…

ثم تخصص من عام الإنسان رموزا مشهورة غنائية شعرية ليتناسب المعنى بإيرادها لهم مع هديل الحمام…

وتستخدم الشاعرة هنا الكناية لتشير إلى وصف الحادث عبر الحرف والوجدان وانبثاق العاطفة من ذلك..

ثم تدخلنا في أسلوب مقارنة بديعة:

( كأن فواجع الدنيا بكف
وفاجعة بها حرق ونار.

وقد جمعت الشاعرة مفردة فواجع الدنيا وأفردت فاجعة هذا الحادث ؛ لتبين هوله وعظمه..

ثم تختم بنداء بيروت وتخاطبها بأنها ستبقى طودا في وجه المخربين، لما لها من عزة ، وللُحمة العربية التي تشير فيها إلى ريادة مملكتنا وقيادتنا في تأسيس اللُحمة ونشرها حيث تقول:

( ولحمتنا منار)

نعم ، إنها منار واضح المعالم ، شامخ ثابت..

استخدمت الشاعرة المفردات الدالة على الألم والضرر؛ لترسم لنا الصورة بمعنى جميل قريب وقد حصل المطلوب..

عاطفة الشاعرة صادقة ؛ ولذلك جاء النص حسب ما أملاه وجدانها وخيالها وموهبتها…

أهنئ أختي الشاعرة خنساء المدينة ..
تحياتي.

يحيى معيدي.

 

مبادروة ملتزمون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى