المقالاتشريط الاخبار

اقتصاد الظل في الاقتصاد المصري وبعض الحلول

الحدث: دكتور مجدى الشيمى الباحث في الشؤون الاقتصادية والسياسية

يُعد الاقتصاد الخفي من الظواهر القديمة في المجتمع الإنساني، فجرائم الاحتيال والسرقة والنصب، وغيرها من الجرائم ذات الدوافع الاقتصادية، قديمة قِدمَ الانسان عينَه على هذه الأرض. إلا أنه مع ذلك بدأ الاهتمام بهذه الظاهرة متأخراً ومنذ سنوات قليلة مضت.
ويتكوّن النمو الاقتصادي الفعلي في أية دولة من مجموع معدلي نمو الاقتصاد الرسمي والاقتصاد الخفي، باعتبار أن الاقتصاد الخفي يشكل المكوّن الثاني في الاقتصاد. وليس بالضرورة أن تكون معدلات النمو في الاقتصاد الرسمي والاقتصاد الخفي واحدة، فقد ينمو أحدهما بنسبة تفوق نمو الآخر.
يُعرف الاقتصاد الخفي بأنه عبارة عن أنشطة اقتصادية غير مشروعة أو أنشطة مشروعة، ولكنّها غير مسجلة رسمياً، ولا تدخل في حسابات الناتج المحلي الإجمالي. وهناك عديد من الأمثلة على هذا الاقتصاد، مثل تجارة المخدرات، والفساد الإداري والمالي، والرشوة والتزوير على سبيل المثال.
تُعتبر ظاهرة الاقتصاد الخفي أو ما يسمى باقتصاد الظل حقيقة موجودة في جميع اقتصاديات دول العالم، المتقدمة منها والنامية على حد سواء، إلا أن الاهتمام بهذه الظاهرة لم يبدأ إلا منذ السبعينات من القرن الماضي. وقد أثبتت الدراسات أن الاقتصادات الخفيَّة قد بلغت من الأهمية بحيث لا يمكن تجاهلها من اجمالي النشاطات الاقتصادية، بل إنها في بعض الحالات تنمو بمعدلات نمو لم تشهدها الاقتصادات الرسمية.
يُصنَّف الاقتصاد الخفي وفقاً لمعيار المشروعية إلى نوعين رئيسيين: الاقتصاد الخفي المشروع، والاقتصاد الخفي غير المشروع فيتضمن الاقتصاد الخفي المشروع أنشطة اقتصادية تنتج سلعاً وخدمات مشروعة، ولا تخالف قوانين وأنظمة الدولة، كأنشطة بحد ذاتها، ولكنها غير معلنة ومجهولة بالنسبة للدولة، ويتولّد عنها دخول غير واضحة للسلطات الرسمية، وأما الاقتصاد الخفي غير المشروع فيقوم على أنشطة اقتصادية مخالفة لأنظمة وقوانين الدولة، إلى جانب الأنشطة التي تُنتج سلعاً وخدمات غير مشروعة.
كثير من الناس يطلقون اسم “اقتصاد الظلام” علي العديد من الأنشطة التجارية والاقتصادية في اقتصاد الدول النامية والمتخلفة وهو ما يسمي في علم الاقتصاد بالاقتصاد الخفي والذي يمثل 30% من حجم الناتج المحلي الإجمالي كما تؤكد الدراسات العلمية. وأن هذا النوع من الاقتصاد يمثل نحو 300 مليار جنيه إذا وصل حجم الناتج المصري إلي تريليون جنيه.
فحجم الاقتصاد غير الرسمي في مصر، يقدر بنحو 395 مليار دولار، أي ما يعادل 2.6 تريليون جنيه مصري. “يلاحظ أن حجم الاقتصاد غير الرسمي في مصر تزايد بشكل ملحوظ بعد ثورة 25 يناير، بسبب غياب العديد من المؤسسات المعنية بمراقبة النشاط الاقتصادي في الأسواق عن عملها”غير أن تقديرا حديثا لاتحاد الصناعات المصرية يقدر حجم الاقتصاد غير الرسمي في مصر بنحو تريليون جنيه مصري.
فالاقتصاد الخفي يضم المتهربين من دفع الضرائب والرسوم الحكومية وهذه الفئة في مصر تمثل نسبة تصل إلي 30% بالفعل، كما يضم أيضا صناعة بئر السلم والتي تمثل ما يزيد علي 70% من حجم صناعة الغذاء في مصر فعلي سبيل المثال يصل حجم تجارة بئر السلم إلي نحو 75 مليار جنيه من إجمالي قطاع التجارة الداخلية في مصر الذي يصل إلي 150 مليار جنيه سنويا
مما يترتب عليه ضياع مليارات الجنيهات من موارد الدولة سنويا بسبب التهرب الضريبي وعدم خضوع مصانع بئر السلم للضرائب التجارية أو الصناعية. كما أن هذه الصناعات لا تتبع الاشتراطات الصناعية والبيئية والصحية في التصنيع مما ينتج عن ذلك كوارث صحية للمصريين بسبب انتشار الأمراض الخطيرة مثل الفشل الكلوي وأمراض الكبد والسرطان وغيرها.
لان تجارة الأرصفة أو من يطلق عليهم الباعة الجائلون والذين يصل عددهم إلي أكثر من 3 ملايين بائع جائل في مصر هؤلاء ينضمون إلي الاقتصاد الخفي لان حجم تعاملاتهم لا يقل عن 30 مليار جنيه.
مقترحات الحلول:
1. يجب ألا ينظر إلى إصلاح الاقتصاد غير الرسمي من منطق الجباية وتحسين الحصيلة الضريبة للبلاد فقط، ولكن لابد من الأخذ في الاعتبار أن هذا القطاع يعد المشغل الأكبر في سوق العمل المصري، وبالتالي لا بد من إشراك العاملين في هذا القطاع والاستماع إليهم في الإجراءات التي يقترح أن يتم التعامل بها معهم لضمهم إلى الاقتصاد الرسمي.
2. تيسير إجراءات الترخيص، وخفض الرسوم الخاصة بمنشآت الاقتصاد غير الرسمي، حتى يتنسى لهذه المنشآت أن تنضم إلى الاقتصاد الرسمي، وتقديم بعض الحوافز من قبل الحكومة، مثل تخفيض التأمينات الاجتماعية للعاملين بنسبة 30 إلى 50%، على أن تتحمل الحكومة من موازنتها هذه التخفيضات.
3. تفعيل دور الأجهزة الرقابية بشكل أكبر، وعودة الأجهزة الأمنية لممارسة دورها المنوط بها في مساعدة الأجهزة الرقابية في القيام بدورها لمنع الممارسات الخاطئة من قبل مؤسسات الاقتصاد غير الرسمي. ومن جهة أخرى لا بد من تفعيل دور المجتمع الأهلي، وتشجيع جمعيات حماية المستهلك.
4. تخفيض هوامش الضرائب على أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تمثل غالب نشاط الاقتصاد غير الرسمي، حتى يتمكن أصحاب هذه المنشآت من الانتقال إلى الاقتصاد الرسمي.
5. إيصال رسالة إلى العاملين بالاقتصاد غير الرسمي، بأن الدولة ليست ضدهم وأنها لا تطاردهم، ولكنها تسعى لتقنين وضعهم وإدخالهم إلى منظومة الاقتصاد القومي، وأنها ستكون في خدمتهم عبر أجهزتها ومؤسساتها المتعددة.

مبادروة ملتزمون

‫4 تعليقات

  1. مقال ممتاز جدا دكتور مجدى الشيمي غصت فيه غرص الغواص المحترف اذ ان الإقتصاد الخفى او ما يسمى باقتصاد الظل هو احد أركان الإقتصاد الفعلى وعو يساهم بالفعل فى الناتج المحلى الإجمالي وان كان يسير فى طريق اخر ويتهرب من الضرائب والتامينات وعدم خضوع منتجاته الى الرقابه الصحية و الغذائية كما ان العمال لا تظلهم مظلة قانونية مما يجعلهم عرصة للطرد والتشريد بالاضافه الى عدم توافق هذه الاماكن والمصانع الى شروط السلامة والصحة المهنية والتى تجعلها عرضة للحرائق والكوارث التى تتعدى المنشاة نفسها واعتقد ان الحلول لابد ان تشمل اعفاءات ضريبيه وجمركية وتانينية لهذه المتشات اسوة بما تفعله الدوله مع المستثمرين وكذل محاولة ضبط وترتيب هذه الصناعات فى مجموعات تصمن لها البقاء والمنافسة فى السوق مع المنتجات المستوردة والمحلية بالاصافة الى ان تشمل مظلة التأمين الصحي والاجتماعى كل العمال وضحد فكرة الجباية المعروفة عن الدولة ومد جسور الثقة بينها وبين اىصناع والتجار الوطنيين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى