التقنيه والتكنولوجيا

كشف خفايا «بروتين كورونا» بواسطة حاسوب فائق السرعة.

نجح فريق بحثي مشترك بين جامعتي كاليفورنيا وإسطنبول للتقنية، في استخدام الحاسوب فائق السرعة (Stampede2) للكشف عن خفايا بروتين «سبايك»، الذي يمنح فيروس «كورونا» الشكل التاجي المميز، وهو إنجاز من شأنه أن يساعد في العثور على النقاط الضعيفة لفيروس «كورونا» واستغلالها. والفيروس الذي يعيث فسادا في حياتنا هو آلة عدوى فعالة، حيث يتكون من 29 بروتينا (مقارنة بـ400 ألف لدينا)، ومن هذه البروتينات، هو بروتين «سبايك» الذي من دونه لا يستطيع الفيروس اقتحام الخلايا البشرية.

ومن خلال تعاون بين أحمد يلدز، الأستاذ المساعد في الفيزياء وبيولوجيا الخلايا الجزيئية بجامعة كاليفورنيا ومساعده ميرت غور في جامعة إسطنبول للتقنية، تم الجمع بين محاكاة الديناميكيات الجزيئية التي تعمل بالكومبيوتر العملاق فائق السرعة (Stampede2)، وتجارب الجزيء الواحد، لكشف أسرار بروتين «سبايك»، وهو جزء الفيروس الذي يرتبط بالخلايا البشرية ويبدأ عملية إدخال الحمض النووي الريبي الفيروسي في الخلية. ويقول يلدز إنهم وجدوا 3 مراحل حرجة تسمح لبروتين «سبايك» باختراق الخلية والبدء في التكاثر، حيث يحتاج البروتين أولا للتحول من تكوين مغلق إلى تكوين مفتوح، ويرتبط في المرحلة الثانية بمستقبلاته على السطح الخارجي لخلايانا، ويؤدي هذا الارتباط إلى حدوث تغيير تكوين داخل بروتين «سبايك» ويسمح لبروتين بشري آخر بشقه، وأخيرا، يتفاعل السطح المكشوف حديثا من بروتين «سبايك» مع غشاء الخلية المضيفة ويمكّن الحمض النووي الريبي الفيروسي من دخول الخلية واختطافها.

وفي أوائل فبراير «شباط» الماضي، كشفت صور المجهر الإلكتروني عن بنية بروتين «سبايك»، لكن اللقطات أظهرت فقط التكوينات الرئيسية التي يتخذها، وليس الشكل الانتقالي بين الخطوات. يقول يلدز: «نحن كنا نرى فقط لقطات من التماثل المستقر، لأننا لا نعرف توقيت الأحداث التي تسمح للبروتين بالانتقال من شكل مستقر إلى آخر، وهنا يأتي دور النمذجة الحاسوبية التي أتاحها الحاسوب فائق السرعة». ويضيف: «أظهرنا أن بروتين (سبايك) يكون في حالة وسيطة قبل أن يتمكن من الالتحام ببروتين المستقبل الخاص به على غشاء الخلية المضيفة، وهذه الحالة الوسيطة يمكن أن تكون مفيدة لاستهدافها بالأدوية لمنع البروتين من البدء في العدوى الفيروسية».

وفي حين أن الكثير من المجموعات الأخرى حول العالم تدرس بروتين سبايك بشكل عام، على أمل العثور على دواء يمكنه منع الفيروس من الالتصاق بالخلايا البشرية، فإن يلدز وغور يتبعان نهجا أكثر دقة. ويوضح يلدز أن «بروتين (سبايك) يرتبط بقوة بمستقبلاته بشبكة تفاعل معقدة، لقد أظهرنا أنه إذا قطعت للتو أحد هذه التفاعلات، فلن تتمكن من إيقاف الارتباط، لهذا السبب قد لا تسفر بعض دراسات تطوير الأدوية الأساسية عن النتائج المرجوة». ويضيف «ولكن إذا كان من الممكن منع البروتين من الانتقال من حالة مغلقة إلى حالة مفتوحة مثلا، فقد يفسح ذلك المجال للعلاج».

ولم تكتف محاكاة الكومبيوتر بواسطة يلدز وغور من تتبع المراحل الـ3 لبروتين «سبايك»، بل حددت أيضا الأحماض الأمينية المحددة التي تعمل على استقرار كل مرحلة. يقول يلدز: «إذا تمكنا من تحديد الروابط المهمة على مستوى الأحماض الأمينية الأحادية، وما هي التفاعلات التي تستقر والتي تعتبر بالغة الأهمية، فقد يكون من الممكن استهداف تلك الحالات بجزيئات صغيرة تمنعها». وساعد يلدز وغور في هذا البحث، والذي تمت فيه محاكاة سلوك الفيروس على مستوى الذرة أو الأحماض الأمينية الفردية، استخدام الكومبيوتر الفائق (Stampede2) في مركز الحوسبة المتقدمة في جامعة تكساس (TACC)، وهو ثاني أسرع كومبيوتر فائق في جامعة أميركية.

يقول يلدز إن «محاكاة جزء من الثانية من الفيروس وتفاعلاته مع الخلايا البشرية، يصل إلى ما يقرب من مليون ذرة في المجموع، وتستغرق هذه العملية أسابيع على حاسوب عملاق، وقد يستغرق سنوات من دون هذا الحاسوب».

ويثني الدكتور أحمد محمود سالمان، مدرس علم المناعة وتطوير اللقاحات بمعهد «إدوارد جينر» بجامعة أكسفورد وعضو فريق تطوير اللقاح، على ما توصل له الفريق البحثي، مشيرا إلى أن أبرز ما يميز ما توصلوا له، أنه يعطي نظرة مختلفة لبروتين الفيروس على المستوى الكيميائي والفيزيائي، وليس البيولوجي فقط، مثل أغلب الدراسات.

يقول سالمان لـ«الشرق الأوسط» إن فهم التغيرات الكيميائية التي تحدث في البروتين خلال المراحل الـ3 التي يقطعها لاقتحام الخلية، وكذلك التغيرات الفيزيائية في الشكل، يساعد على اقتراح أدوية تتعامل مع هذه التغيرات لوقف انتقال البروتين من مرحلة إلى أخرى.

المصدر الشرق الاوسط

مبادروة ملتزمون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى