المقالات

المناعة النفسية

بقلم المستشار النفسي الأسري ـ سها عبدالله حريري 

علمتنا الكورونا أن نهتم أكثر برفع المناعة الجسدية لأجساد أبنائنا وأنفسنا وأصبح الجميع يقرأ ويبحث ويعمل جاهدًا لرفعها .

وغفل الكثير منذ زمن أن المناعة النفسية للفرد ضرورية مثلها مثل المناعة الجسدية فهي تسهم في رفع وحماية المستوى النفسي ولا سيما الجسدي، كما أنها تلعب دورًا أساسيًا في الحفاظ على التوازن الإنفعالي الذي يعمل بمثابة حائط صد للإنسان ولا سيما الطفل أو المراهق الذي يحميه من الأزمات والصدمات وتقلبات الحياة من حوله .

والحقيقة التي أثبتتها الدراسات النفسية أن الكثير من الأمراض و الإضطرابات النفسية تؤدي إلى أمراض عضوية، وأن الكثير من الأمراض العضوية سببها الرئيس ضعف المناعة النفسية .

وكلما حرص الأهل على تثقيف أنفسهم لرفع هذا الجانب الهام لديهم وأبنائهم من خلال القرائة في التربية السليمة وحضور الدورات الفاعلة في الجانب التربوي النفسي، والبعد عن الأخبار السيئة والمقاطع والرسائل المدمرة للنفس، كلما ارتفعت المناعة النفسية لدى الجميع وبالتالي المناعة الجسدية الصحية.

ولأهمية المناعة النفسية والتي هي أساس الجسد والروح والفكر، يجب إعطاء الجوانب النفسية الإيجابية قدرًا كبيرًا من الإهتمام في الحياة اليومية، لأن صحة الإنسان لا يمكن أن تكتمل بدون صحة نفسية، والأشخاص الذين يفتقرون إلى الدعم النفسي هم أبعد مايكونوا عن الصحة النفسية السليمة وبالتالي هم ضحايا المرض النفسي والجسدي، والفشل والجريمة والإنحرافات السلوكية في المجتمعات التي يعيشون فيها.

فالمناعة النفسية السليمة والقوية تعمل على صقل تفكير الفرد وتوجيهه إلى طرق التعامل الإيجابي مع الضغوط والمشكلات في البيئة المليئة بالضغوط النفسية .

كما أن ضعف المناعة النفسية لدى الفرد يشكل خطر كبير على الصحة العقلية لديه واتزانه، بل ويضعف قدراته ويشعره بالإنهاك النفسي والبدني، مما يؤثر سلبًا على الجهاز المناعي الحيوي وتنخفض مقاومة الجسم للأمراض والفيروسات .

ونقص المناعة النفسية أو ضعفها لدى الإنسان يصيبه بالهشاشه النفسية التي تجعله عرضه للتنمر والإحباط بل والإكتئاب وضعف الثقة بالنفس والآخرين. كما أن الهشاشة النفسية لدى الفرد تتجسد في ضعف السيطرة الذاتية والتحكم بالذات وحمايتها وبالتالي إنعدام المقاومة والإستسلام لليأس والتشاؤم والحزن الشديد .

ولأهمية الموضوع وماله من ترابط وثيق بينه وبين الكثير من المشكلات الإجتماعية والنفسية والأمراض، حظي بأبحاث ودراسات كثيرة نتج عنها أن المناعة النفسية هي قدرة الفرد على حماية نفسه من التأثيرات السلبية و التخلص منها بالتفكير الإيجابي والإبداع في حل المشكلات وضبط النفس و الإتزان و الصمود والصلابة والتحدي والمثابرة والفاعلية و التكيف مع البيئة.

والسبيل الأول لرفع المناعة النفسية لدى الفرد يبدأ من منشأه ومن أسرته التي هي الداعم الأساسي له ولمناعته النفسية السليمة القوية وذلك من خلال الكلمات الإيجابية ، واحتوائهم لغضبه ومساعدته على التنفيس عن حزن بشكل صحيح ومراعاة حقوقه التربوية و الخلقيه ، فيكون الشخص هادئ مطمئن النفس وراضي القلب وصاحب فكر سليم فاعل ومنتج في مجتمعه ثابت أمام الشهوات و المطامع قادر على مواجهة الصعاب . 

مبادروة ملتزمون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى