التقنيه والتكنولوجيا

الانهيار التكنولوجي أزمة قيد الانتظار.

الانهيار التكنولوجي أزمة قيد الانتظار

كانت التكنولوجيا أداة لا غنى عنها في استجابتنا لوباء كوفيد – 19 وما تبعه من ركود اقتصادي.

اعتمد الأطباء التطبيب عن بعد. ويتم تعليم أطفال المدارس في فصول دراسية رقمية. المليارات منا يتواصلون ويتسوقون ويعملون ويستمتعون في الغالب عبر الإنترنت.

لكن ما لم نتوخى الحذر، فإن اعتمادنا المتزايد على التكنولوجيا قد يؤدي إلى تضخيم الأزمة العالمية المقبلة بدلا من تقليلها. تماما مثل جائحة كوفيد – 19، يقع هذا الخطر في فئة متوقعة تماما، لكنها إلى حد كبير ستأتي بغتة. نحن نعلم كيف يمكن أن تنتهي هذه القصة حتى لو لم نكن قد قرأنا النص.

استخدامنا الشامل للتكنولوجيا يتجاوز منذ الآن قدرتنا على إدارتها بأمان. ما لم نقم بتحديث ما لدينا من أنظمة الأمن والحوكمة واللوائح التنظيمية، فسنظل عرضة بشكل مقلق لحدوث شلل في البنية التحتية الحيوية، إما عن طريق عمل شرير متعمد، وإما افتراضيا. فلنطلق عليه اسم انهيار التكنولوجيا.

تشير أحداث هذا الأسبوع في “فاير آي”، شركة الأمن السيبراني الأمريكية، إلى المخاطر الكامنة. تتمثل مهمة الشركة في حماية عملائها من المتسللين، لكن تم اختراقها هي نفسها. وجهت فاير آي أصابع الاتهام إلى مهاجم ترعاه دولة ما “سعى في المقام الأول للحصول على معلومات تتعلق بزبائن حكوميين معينين”.

من المثير للقلق أن المتسللين سرقوا الأدوات التي يستخدمها “الفريق الأحمر” في فاير آي الذي يخترق أنظمة عملائه لتسليط الضوء على نقاط الضعف لديهم. تسعى الشركة الآن جاهدة لنشر إجراءات مضادة.

الأسلحة السيبرانية تصبح منذ الآن جزءا مقبولا من ترسانة كثير من الدول نظرا لرخص ثمنها وفعاليتها وإمكانية إنكارها. تم اختبار استخدامها في فيلم وثائقي جديد تقشعر له الأبدان على شبكة HBO، يستند إلى كتاب من تأليف ديفيد سانجر.

يسلط الفيلم الضوء على كيف كانت الولايات المتحدة وإسرائيل أول من أدرك قوة الأسلحة السيبرانية. فقد أطلقتا العنان لبرنامج ستكسنت Stuxnet ضد إيران لتقويض برنامج أسلحتها النووية في 2007. إيمي زيجارت، المديرة المشاركة لمركز الأمن الدولي والتعاون في جامعة ستانفورد، تقول في الفيلم: “كان برنامج ستكسنت هو المرة الأولى التي تستخدم فيها دولة كبرى سلاحا سيبرانيا قويا بطريقة هجومية”.

الهجوم الناجح فتح بابا من المستحيل الآن إغلاقه. استنتج الكوريون الشماليون والروس والصينيون أن الحرب الإلكترونية لعبة غير متكافئة ضد دولة كبيرة ومفتوحة ومكشوفة رقميا مثل الولايات المتحدة.

في 2014، كان هناك هجوم سيبراني إيراني ضار على إمبراطورية الكازينو لشيلدون أديلسون، رجل الأعمال الأمريكي الذي طالب صراحة بإلقاء قنبلة نووية على إيران. بعد ذلك تسبب قراصنة كوريون شماليون في إلحاق أضرار جسيمة بشركة أفلام سوني، ردا على إصدار فيلم يسخر من الديكتاتور كيم جونغ أون. وأطلقوا لاحقا برنامج الفدية WannaCry، مستغلين العيوب في برامج مايكروسوفت، ليصل إلى أكثر من 155 دولة.

شن الروس هجمات سيبرانية على أوكرانيا، ما أدى إلى تعطيل شبكات الكهرباء وأنظمة المترو والمطارات. اخترقوا أيضا اللجنة الوطنية الديمقراطية خلال حملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2016 وقدموا رسائل بريد إلكتروني مسروقة إلى ويكيليكس.

اخترق قراصنة صينيون مكتب إدارة شؤون الموظفين في الولايات المتحدة للوصول إلى ما يقارب 22 مليون ملف. وفقا للخبراء الذين تحدثوا في الفيلم، حاولوا أيضا اختراق برامج لقاح كوفيد – 19 ونشروا عمدا “وباء معلومات” مضللة حول الوباء في الولايات المتحدة.

بالنظر إلى كل هذا، فلا عجب أن مسؤولي الدفاع الأمريكيين يحذرون منذ أعوام من مخاطر “بيرل هاربر سيبراني” قد يؤدي إلى تدمير البنية التحتية الحيوية، ويفكرون في شن هجمات إلكترونية مدمرة خاصة بهم.

لكن الصراع السيبراني بين الدول ليس فقط هو ما ينذر بالخطر. يجب أن نقلق أيضا بشأن عدم الاستقرار المنهجي للإنترنت، لأن إدارتها واهية بشكل مثير للقلق. تظل التصحيحات البارعة قصيرة المدى مطبقة لفترة طويلة بشكل ملحوظ بينما لم تتحقق قط الإصلاحات طويلة المدى.

يجادل ساتيا ناديلا، الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت، بأن ثقة المجتمع بالتكنولوجيا تراجعت بسبب المخاوف المتزايدة بشأن الأمن السيبراني والخصوصية وأمان الإنترنت والاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي. قال الأسبوع الماضي: “بالنظر إلى حتمية لعب التكنولوجيا دورا مركزيا بدرجة أكبر بكثير، نحتاج إلى بناء مزيد من الثقة”.

أضاف ناديلا أن فرق الهندسة في الشركات ينبغي أن تتحمل مزيدا من المسؤولية لتطوير الأنظمة لضمان الأمن وتعزيز الثقة. لكننا نحتاج أيضا إلى لوائح ومؤسسات جديدة.

لا تزال هياكل الحوكمة لدينا عالقة في العصر التناظري. نحن إما بحاجة إلى إعادة تصور نطاقها وإما ابتكار هياكل جديدة. يمكننا البدء بمنظمة بيانات عالمية للموافقة على حماية البيانات الشخصية وتأمين تدفقات البيانات الدولية. قد يتم تكليف مكافئ رقمي لإدارة الغذاء والدواء الأمريكية بالموافقة المسبقة على الخوارزميات المستخدمة في المجالات الحساسة، مثل الرعاية الصحية والنظام القضائي. ويمكن لاتفاقية رقمية في جنيف أن تحدد حدود الحرب الإلكترونية.

أخبرني ويليام جيبسون، كاتب الخيال العلمي الذي ابتكر مصطلح الفضاء السيبراني، في وقت سابق من هذا العام أننا قد نكون الجيل الأخير الذي يميز بين عالمنا غير المتصل بالإنترنت وعالم الإنترنت. إنه محق بلا شك. حان الوقت لأن نحكم عوالمنا المادية والافتراضية على أنها عالم واحد

المصدر الاقتصادية

مبادروة ملتزمون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى