أخبار منوعة

أوغور شاهين وأوزليم توريتشي شخصيتا «فاينانشيال تايمز» لعام 2020.

أوغور شاهين وأوزليم توريتشي شخصيتا «فاينانشيال تايمز» لعام 2020

في الـ11 شهرا منذ أن كرسا جهدهما لإيقاف الوباء الأكثر فتكا منذ أكثر من قرن، كانت أوزليم توريتشي وأوغور شاهين يمضيان لحظاتهما الخاصة القليلة الثمينة وهما يمارسان الركض في شوارع الضواحي المهجورة بالقرب من منزلهما في مدينة ماينز الألمانية، ويستمعان إلى قوائم موسيقى البوب في الثمانينيات.

مؤسسا شركة بيونتيك، اللذان غمرتهما الأوراق من الهيئات التنظيمية في جميع أنحاء العالم، فوتا مشاهدة تسجيل لقطات تلفزيونية لمارجريت كينان البالغة من العمر 90 عاما وهي ترفع كمها في مستشفى في كوفنتري في المملكة المتحدة لتصبح أول مريضة يتم حقنها بلقاح كوفيد – 19 المعتمد – تتدفق الأخبار عبر رسائل الأصدقاء والزملاء.

لكن كانت رمزية تلك الصور واضحة، فقد أدت بشكل فعال إلى بدء معركة البشرية ضد مرض أودى بحياة أكثر من 1.6 مليون شخص.

يعترف الدكتور شاهين، الذي بدت ثقته الهادئة غير قابلة للكسر خلال العام الماضي: “كنا متوترين”. على الرغم من رؤيته أن لقاحهما قد تم إعطاؤه إلى أكثر من 22 ألف شخص في الدراسات السريرية في ستة بلدان، إلا أنه يقول “يختلف الأمر عندما يتم تطعيم الأشخاص لأول مرة خارج التجربة، في بيئة العالم الحقيقي”.

مجرد حقيقة توافر تلقيح آمن وفعال بعد أقل من عام على إطلاق التسلسل الجيني لعامل ممرض جديد يشبه الالتهاب الرئوي يضع الإنجاز الذي حققه الدكتور شاهين والدكتورة توريتشي، وهما شخصيتا “فاينانشيال تايمز” لعام 2020، جنبا إلى جنب مع أعظم الإنجازات الطبية في عصرنا.

العلم بطبيعته عملية بطيئة ومضنية. يجب تحدي الفرضيات واختبار الأفكار الجديدة حتى الإرهاق. الفشل جزء أساسي من العملية.

لا تتم الموافقة أبدا على نحو ستة من كل عشرة لقاحات مرشحة، حتى عندما يتم اختيارها بعناية على مدى عدة أعوام، ودون الاضطرار إلى التعامل مع خلفية أنظمة الرعاية الصحية التي وصلت إلى نقطة الانهيار أو الاقتصاد العالمي المنهك.

سرعة قياسية

كل هذا يجعل السرعة التي تمكن بها الزوجان من إنتاج لقاح يتمتع نجاح تزيد على 95 في المائة في الوقاية من المرض مذهلة حتى أكثر من ذلك.

الجهد الذي بقيمة مليارات اليورو الذي أطلقه الطبيبان العالمان، والذي يحمل الاسم الرمزي “مشروع سرعة البرق” Project Lightspeed، أدى إلى “أسرع تطوير للقاح منذ أن قام إدوارد جينر بتلقيح ابن البستاني الذي يعمل لديه بجدري البقر في عام 1796″، كما يقول بول هانتر، أستاذ الطب في جامعة شرق أنجليا. كان الرقم القياسي الحديث السابق للقاح، الذي تم تحقيقه في الستينيات من القرن الماضي للنكاف، هو أربع سنوات.

شركة بيونتيك، التي يستخدم لقاحها تكنولوجيا ثورية جديدة يمكن استخدامها في علاج السرطان، ليست وحدها. موديرنا، شركة التكنولوجيا الحيوية الأمريكية، على وشك الحصول على الموافقة على لقاح يكاد يكون مساويا في فعاليته للمنتج الذي طوره زملاؤهما الألمان. قد يكون لدى لقاح جامعة أكسفورد وأسترا زينيكا معدل استجابة مماثل عند بعض الجرعات – ونظرا لتكاليف التصنيع المنخفضة، يمكن استخدامه على نطاق واسع في العالم النامي. قد تكون اللقاحات الصينية والروسية فعالة للغاية بمجرد خضوعها لمزيد من الاختبارات الخارجية.

بصفتهما مبتكرين للقاح الأول الذي حصل على موافقة اثنتين من أكثر الهيئات التنظيمية صدقية في العالم، فقد ذهبت جائزة “فاينانشيال تايمز” إلى الدكتور شاهين والدكتورة توريتشي. وهما رمز لقصة نجاح علمية وتجارية رائعة.

حتى قبل بضعة أشهر، أشار العلماء إلى أن الحصول على لقاح بسرعة كبيرة بحيث يكون فعالا 70 في المائة سيكون إنجازا كبيرا. بدلا من ذلك، هناك ثلاثة لقاحات على الأقل يمكن أن تزيد نسبتها عن 90 في المائة. مجتمعة، فإنها تمثل انتصار الابتكار.

يقول مايكل هيد، زميل أبحاث أول في الصحة العالمية في جامعة ساوثهامبتون: “إذا توقعت في كانون الثاني (يناير)، عندما ظهر كوفيد – 19 لأول مرة، أنه سيكون لديك لقاح فعال تمت الموافقة عليه بعد أقل من عام، لكان الناس قد سخروا منك في وجهك”.

على مائدة الإفطار

حول مائدة الإفطار في كانون الثاني (يناير) مع الدكتورة توريتشي – شريكته البحثية وزوجته – ناقش الدكتور شاهين (55 عاما) تقريرا في مجلة “لانست” الطبية حول مرض يصيب الجهاز التنفسي تسبب في اضطراب وهياج في مقاطعة هوبي الصينية.

شعر أن الأدلة تشير إلى معدل مخيف للعدوى وخطر انتشار أسرع مما أدركه حتى مؤلفو الدراسة.

قبل شهرين حتى من إعلان منظمة الصحة العالمية أن الوباء هو جائحة، اقترح الدكتور شاهين أن تخصص الشركة البالغة من العمر 12 عاما، الجزء الأكبر من مواردها الضئيلة لابتكار لقاح.

تقول الدكتورة توريتشي عن زوجها: “لديه معدل نجاح مرتفع للغاية عندما يتعلق الأمر بالتنبؤ بالنتائج” – وهي سمة تعترف مازحة بأنها كانت في البداية “مزعجة”. وافقت هي وبقية أعضاء مجلس إدارة الشركة على الخطة بعد فترة وجيزة.

بالنسبة إلى الدكتور شاهين والدكتورة توريتشي – اللذين يصران على أن التكنولوجيا التي ساعدا على تطويرها يمكن أن تبشر بثورة طبية، لكن سبق أن تم رفضها على أنها “خيال علمي” – فقد قدم لقاح فيروس كورونا الناجح قدرا من إثبات صحة الفكرة بقدر ما كان مصدرا للارتياح.

الزوجان، اللذان قاما بتأليف مئات الأبحاث الأكاديمية، وقدما مئات الطلبات من أجل براءات الاختراع، وأسسا منظمتين غير ربحيتين وشركة بقيمة ملياري يورو، واجها شكوكا من معظم المؤسسات الطبية حتى هذا العام.

تم وضع الأساس الذي أدى إلى هذا الفتح الكبير على مدى عدة عقود، حيث اضطر الباحثان اللذان يتحدثان بصوت منخفض إلى الخروج من منطقة الراحة في مختبراتهما ليصبحا من أصحاب المشاريع، ومعلمين، ومبشرين.

بعد لقائهما بوصفهما طبيبين متدربين في جناح سرطان الدم في جنوب غرب ألمانيا في أوائل التسعينيات، اكتشف الزوجان أنهما يشتركان في خلفيات متشابهة – فقد هاجرت عائلة كل منهما من تركيا بحثا عن فرصة اقتصادية. وأدركا أيضا أن اهتمامهما الأساسي ليس في العلوم الأكاديمية البحتة، ولكن في العلوم التطبيقية.

تقول الدكتورة توريتشي، التي كانت تدير أول شركة للثنائي، Ganymed، وهي الآن كبيرة المسؤولين الطبيين في بيونتيك: “أولا وقبل كل شيء، نحن أطباء”.

وتضيف أن عمل حياتهما ـ الذي تركز في النهاية على منصة لقاحات متخصصة جدا لدرجة أن 150 شخصا فقط حضروا قبل سبعة أعوام المؤتمر العالمي الأول المخصص للتكنولوجيا ـ كان دائما “حول توفير الحلول للمريض. كان العلم أداة لتحقيق ذلك. لم يكن الأمر يتعلق قط بفهم الآلية فقط لأنها جميلة جدا”.

أثناء ممارستهما للطب أصبحا مهووسين بمعالجة السرطان واعترف الدكتور شاهين بأنه كان مدفوعا “بجمال الرياضيات والعلوم والبيولوجيا” أكثر من زوجته. كانت بدايتهما هي تطوير أداة لاكتشاف واستخدام المستضدات التي تحدث بشكل طبيعي والتي يمكن أن تحفز الجسم على محاربة الأورام.

لكن رؤيتهما تعرضت لضربة قوية في منتصف التسعينيات. اتضح أن السرطانات متنوعة للغاية حيث لا يمكن مهاجمتها بواسطة عقار شامل.

يتذكر الدكتور شاهين “تعلمنا من دراساتنا أن السرطانات البشرية شديدة التنوع. وفهمنا أننا بحاجة إلى تكنولوجيا متعددة الاستخدامات لتمكين نهج اللقاحات التي تكون مناسبة للأشخاص بحسب حالة كل منهم”.

ما أعقب ذلك كان فترة محمومة قام فيها الزوجان بموازنة واجباتهما السريرية مع اللحظات المسروقة في المختبر لاختبار عدد كبير من التكنولوجيات التي تبين أنها لا تفي بالغرض – قبل أن يواجها منصة مهملة ظنا على الفور أنها يمكن أن تغير الطب.

تم اكتشاف الحامض الريبي النووي المرسال mRNA لأول مرة في عام 1961، وهو يحمل معلومات وراثية منسوخة من الحمض النووي لإنتاج البروتينات التي تبني وتتحكم في أعضاء وأنسجة الجسم. وكان من رأيهما أنه إذا تم استغلال mRNA بشكل صحيح، فيمكن أن يكون حارس مرور للجهاز المناعي، والتحكم في موارد الجسم وتعديلها وإعادة توجيهها لمحاربة أنواع معينة من السرطان ومسببات الأمراض.

تشكيك مبكر

يتذكر ماتياس كرومير، حاصل على دكتوراه في البيولوجيا الجزيئية والكيمياء الحيوية، يقود استثمارات علوم الحياة في شركة رأس المال المغامر MIG ـ مقرها ميونيخ ـ وهي داعمة لشركتي جانيميد وبيونتيك: “كنت من بين أول من أخبر شاهين أن الأمر جنوني، ولن ينجح أبدا”.

لم يكن رفضه للفكرة غير منطقي. على عكس الحمض النووي، فإن mRNA غير مستقر إلى حد كبير للغاية، وعادة ما يتحلل بواسطة الإنزيمات في غضون دقائق من أداء وظيفته. يقول الدكتور شاهين إن التجارب المبكرة على mRNA كانت “محبطة للغاية”.

بعد أن أدرك الزوجان أن لقاحات mRNA تتطلب أعواما من البحث والتحسين قبل أن تكون مناسبة للغرض، فقد شرعا في تطوير مزيد من المركبات البيولوجية المعروفة باسم الأجسام المضادة أحادية النسيلة، التي وجدا أنها فعالة للغاية ضد سرطان المعدة والبنكرياس والمبايض.

في عام 2001، أسس الزوجان شركة جانيميد – وهي شركة انفصلت عن الجامعة، لتطوير الأجسام المضادة العلاجية. على عكس كثير من الباحثين الذين يتهيبون الطبيعة العملية للمعاملات في العالم التجاري، انهمكا في دراسات الأعمال، والتعلم من مقاطع الفيديو عبر الإنترنت وكتاب “خطة العمل للأغبياء” الذي لا يزال موجودا على رف مكتب الدكتور شاهين ذي الأثاث المتناثر، والموجود بين المجلدات التي تدرس الأحماض النووية.

يقول كرومير، الذي درس mRNA بنفسه: “لم يكونا من أهل الأعمال عندما بدآ العمل. إنهما من الأمثلة القليلة جدا للأشخاص الذين تحولوا من كونهم علماء إلى مختصين بالأعمال أيضا”.

ستؤتي هذه العقلية ثمارها هذا العام، عندما تمكن فريق بيونتيك، المحمي من بيروقراطية الشركات متعددة الجنسيات الكبيرة، من تطوير 20 لقاحا مرشحا لكوفيد – 19 في غضون أسابيع، باستخدام صف من المختبرات في مقر الشركة الذي هو على نمط الشركات الناشئة، وتشكيل قوائم بأسماء العاملين وواجباتهم على سبورة بيضاء في الممر.

تم اتخاذ قرارات مجلس الإدارة بشأن المكافآت وتقسيم المسؤوليات بسرعة وكان الدكتور شاهين يدور بانتظام للإشراف على البحث.

مهمة mRNA

على الرغم من النجاح الهائل لشركة جانيميد، التي بيعت مقابل 1.4 مليار دولار، في عام 2016، في أكبر صفقة للتكنولوجيا الحيوية في ألمانيا، لم يستسلم الزوجان مطلقا بشأن mRNA. أثناء إدارة الشركة، واصلا أبحاثهما في جامعة ماينز. بموجب برنامج يسمى NT – Novel Technologies، (التكنولوجيات الجديدة) قاما بتقديم عشرات من براءات الاختراع التي شكلت فيما بعد أساس بيونتيك، والتي تعد أحرفها الكبيرة تكريما لذلك الوقت. حتى إن الزوجين هربا إلى المختبر للقيام ببعض الأعمال في يوم زفافهما.

بحلول عام 2008، كان الإنجاز الرئيسي الأول لفريق شاهين وتوريتشي هو حماية جزيء mRNA الضعيف وتحسينه، ما أدى إلى زيادة هائلة في الاستقرار.

كان التقدم كافيا لإقناع شركة MIG بالاستثمار في بيونتيك، وتعريف الزوجين بالتوأم أندرياس وتوماس سترونجمان، وهما من أصحاب المليارات. يتذكر سترونجمان أنه بعد اجتماعهم الأولي، كان لديه “شعور داخلي بأن هؤلاء هم الأشخاص الذين سيحققون الوعد بمنصات mRNA”، حيث تأثر بشخصيتيهما بقدر ما تأثر بعروضهما العلمية.

بعد أن أدرك الدكتور شاهين والدكتورة توريتشي أنه سيكون هناك تدافع على المواهب بمجرد أن تصبح مزايا منصات mRNA أكثر وضوحا في مجتمع العلوم، فقد شرعا في بناء قناة للأدوية خاصة بهما، من خلال الاستثمار في التعليم.

بعد حصولهما على منحة قدرها 40 مليون يورو من الحكومة الألمانية، ساعدا على إطلاق تجمع للمتميزين لجذب العلماء الشباب، وأسسا منظمة غير ربحية تسمى TRON، من أجل “علم الأورام المتعدية”، مع معلمهم، عالم المناعة كريستوف هوبر، أصبحت أرضا خصبة للباحثين الذين شكلوا لاحقا جوهر فريق كوفيد – 19 في بيونتيك.

في الوقت نفسه تقريبا، التقيا أيضا بكاتالين كاريكو، رائدة الـmRNA، وهي عالمة مجرية المولد ـ نبذها رؤساؤها في جامعة بنسلفانيا ـ تم استخدام ابتكاراتها الحاصلة على براءة اختراع أساسا للقاح كوفيد – 19 الناجح.

لكن بعيدا عن مجموعة صغيرة من أصحاب رأس المال المغامر، قلة هم الذين يؤمنون بالآفاق الاقتصادية لثلاثي التكنولوجيا الحيوية المشتغل الـmRNA، الذي يشمل إلى جانب بيونتيك كلا من موديرنا ـ مقرها بوسطن ـ ومنافستها المحلية، كيورفاك.

يقول سترونجمان (70 عاما) وهو أحد أغنى الرجال في ألمانيا: “منذ عام مضى، لم يكن أحد يعرف بيونتيك في ألمانيا. الآن يقولون إننا نعلم دائما أن بيونتيك هي شركة رائعة”.

دورة الابتكار

بعد ثلاثة أشهر فقط من كشف الدكتور شاهين عند قراءته مقال مجلة “لانست”، أصبحت بيونتيك أول شركة خاصة في أوروبا تشرع في التجارب السريرية للقاح كوفيد – 19، بعد نتائج ناجحة من اختبارات أجريت على القرود والفئران.

طوال الوقت كان الدكتور شاهين الذي أكد أنه “يمكن معالجة الفيروس بنجاح بواسطة لقاح”، يعتقد أنه مع وجود ما يكفي من النيات الحسنة من الجهات التنظيمية، يمكن أن يتم طرح اللقاح في السوق بحلول نهاية العام.

كان أساس هذا الاعتقاد هو الميزة الرئيسية لـmRNA التي دفعت الزوجين إلى متابعة المنصة دون هوادة لعقود – القدرة على إنتاج نسخ متعددة من الجزيء في غضون أيام، بدلا من الاضطرار إلى إنشاء مزارع خليوية في طبق تجارب مثلما تفعل اللقاحات التقليدية.

تقول الدكتورة توريتشي: “عندما بدأنا بهذا النوع من تجارب السرطان الشخصية اضطررنا إلى تطوير عمليات الاختبار والتصنيع التي كانت سريعة جدا ورشيقة للغاية وقابلة للتكيف للغاية”.

بمساعدة الشريك الأمريكي، فايزر، ومنحة حكومية ألمانية سمحت لشركة بيونتيك بتوسيع مرافق إنتاجها، بدأت مئات الآلاف من القوارير التي تحتوي على اللقاح BNT162b2 في شق طريقها إلى العيادات في المملكة المتحدة والولايات المتحدة والشرق الأوسط في وقت سابق من هذا الشهر، استعدادا لأكبر حملة تطعيم جماعية في التاريخ.

لكن من المحتمل أن تكون للتطوير القياسي للقاح تداعيات أوسع بكثير.

يقول بيتر أوبنشو، أستاذ الطب في إمبريال كوليدج لندن: “إنه لأمر غير عادي نهائيا أن هذا النهج الجديد للتلقيح – حقن الحمض النووي الريبي في العضلات – قد تحقق بهذه السرعة الكبيرة وثبت أنه فعال للغاية. هذا يفتح مجالا جديدا بالكامل في علم اللقاحات”.

يشير البروفيسور أوبنشو إلأى أن فيروس كورونا التالي يمكن معالجته بشكل أسرع، لأن صانعي الأدوية “يحتاجون فقط إلى إعادة برمجة التركيب الكيميائي” للقاحات الـmRNA الحالية. يمكن الآن أيضا التعجيل بالعشرات من علاجات الـmRNA الخاصة بالسرطان، والتحصين للأمراض النادرة، وعلاجات فيروس نقص المناعة البشرية والسل، حيث يتدفق الاستثمار في هذا المجال.

على الرغم من أن تطوير عقاقير السرطان هي عملية أبطأ، إلا أن شركات الـmRNA “ستستفيد من قاعدة بيانات السلامة الضخمة” المتراكمة في تجربة كوفيد – 19 واسعة النطاق، كما يقول الدكتور شاهين.

يقول البروفيسور هوبر إن الباحثين الشباب سيشعرون بالإغراء أيضا لتجربة الجزيء. يقول: “تلك كانت دورة ابتكار الحمض النووي، لكنها الآن دورة ابتكار الحامض الريبي النووي المرسال”.

الدكتورة توريتشي والدكتور شاهين، وكلاهما لا يزال يدرس في المستشفى الجامعي وTRON، لا يستمتعان بالاهتمام الذي ينصب عليهما الآن، أو الدعوات المتزايدة لحصولهما على جائزة نوبل.

كما أنهما لا يستحسنان توظيف نجاحهما سياسيا – مع العناوين المثيرة التي تشيد بهما على أنهما قصة نجاح مثالية للهجرة، بدلا من التركيز على مزايا أبحاثهما.

في الشهر الماضي، حث أرمين لاشيت، رئيس وزراء الولاية الأكثر اكتظاظا بالسكان في ألمانيا والخليفة المحتمل لأنجيلا ميركل، حزب البديل لألمانيا المتشدد على “التفكير في مثل هؤلاء الأشخاص” عندما يتحدثون عن الهجرة.

تقول الدكتورة توريتشي إنها تدرك أنهما “وضعا العلامة في بعض المربعات التي يهتم بها الناس”. لكنها تتفق مع الدكتور شاهين، الذي يقول إنه يفضل “الحديث عن علمنا” بدلا من الحديث عن خلفيتهما.

إذا كان هناك درس أوسع للمجتمع من نجاحهما، يريد الزوجان أن يكون دلالة على شعار مدرسة الدكتور شاهين في كولونيا، التي سميت على اسم مؤلف الأطفال إريك كاستنر، الذي ينص على ما يلي: “لن يحدث أي شيء جيد ما لم يعمل شخص ما على تحقيقه”.

ويقولان إن مزيدا من العلماء بحاجة إلى المغامرة في عالم الأعمال والتكنولوجيا والتعليم، والجمع بين خبراتهم والتطبيقات. أو على حد تعبير الدكتور شاهين: “نقول دائما إن عليك الجمع بين ’الاستكشاف‘ والكمية المناسبة من ’الاستغلال‘”.

لقاحات أخرى

• موديرنا: تسير موديرنا بسرعة على خطى بيونتيك وفايزر، ومن المحتمل أن يتلقى لقاح كوفيد – 19 موافقة طارئة من الولايات المتحدة بحلول نهاية الأسبوع.

مجموعة التكنولوجيا الحيوية ومقرها بوسطن هي أيضا رائدة في تكنولوجيا الـmRNA، حيث تعمل منذ أكثر من عشرة أعوام على إثبات أنها يمكن أن تكون منصة لكل من اللقاحات والعلاجات.

حقق لقاح كوفيد – 19 من موديرنا معدل فعالية مكافئا تقريبا 94.1 في المائة في المرحلة الثالثة من تجربته، وأبلغ عن بيانات سلامة مماثلة. ربما يكون الاختلاف العملي الأكبر بين اللقاحات هو أنه يمكن تخزين لقاحات موديرنا في درجات حرارة الفريزر الطبي العادية، بدلا من درجات الحرارة شديدة البرودة التي يتطلبها لقاح بيونتيك وفايزر.

حصلت الشركة على أموال أكثر بكثير من الحكومة الأمريكية – تصل إلى 4.1 مليار دولار من أجل التطوير، بما في ذلك التجارب والتصنيع. في الأسبوع الماضي، طلبت عملية “السرعة الخاطفة” Warp Speed، برنامج لقاح كوفيد الحكومي، 100 مليون جرعة أخرى بحلول الربع الثاني من العام المقبل، ليصل إجمالي الطلب المسبق إلى 200 مليون.

• أكسفورد/أسترا زينيكا: مثل الدكتورة توريتشي والدكتور شاهين، دخلت سارة جلبرت وزملاؤها في جامعة أكسفورد في سباق عندما تم التعرف على فيروس جديد غامض في الصين.

لقاحهم الذي تم تطويره بالتعاون مع أسترا زينيكا، مصنوع من نسخة ضعيفة من فيروس نزلات البرد. تتم إعادة برمجته لنقل التسلسل الجيني لجزء من فيروس كورونا إلى الخلايا البشرية، حيث يحفز الجهاز المناعي للمتلقي لصد المرض.

في تشرين الثاني (نوفمبر) أعلنوا أن اللقاح لديه معدل فعالية 70 في المائة – أقل من المنافسين بيونتيك/فايزر وموديرنا. الادعاء الإضافي بأن نظام الجرعات المختلف قد أدى إلى فعالية 90 في المائة قوبل بالحيرة، ولا سيما عندما تم العلم أن اللقاح لم يتم اختباره حتى الآن في الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 55 عاما.

لكن اللقاح لديه ميزتان كبيرتان. يعني قرار أسترا زينيكا ببيعه بسعر التكلفة أنه بحدود ثلاثة دولارات للجرعة، ويمكن الاحتفاظ به في درجات حرارة الثلاجة العادية. توفر هاتان الصفاتان الأمل في أنه يمكن أن يحمي الملايين في العالم النامي في الأشهر المقبلة.

• ساينوفاك: كورونا فاك، لقاح كوفيد – 19 الذي طورته شركة ساينوفاك للتكنولوجيا الحيوية ـ مقرها بكين ـ هو فرصة لمجموعة المستحضرات الصيدلانية البالغة من العمر 21 عاما لتأمين فوز لطموحات الصين في ترسيخ نفسها مصدرا للقاحات.

أظهرت النتائج التي تم نشرها علنا للتجارب السريرية للمرحلة المبكرة من اللقاح، التي تستخدم نسخة معطلة كيميائيا من سارس كوف 2 لإثارة استجابة مناعية، أن اللقاح آمن وقادر على إنتاج أجسام مضادة معادلة للفيروس في 98 في المائة من الحالات.

لكن التقدم توقف حيث اضطرت شركة ساينوفاك إلى البحث عن شركاء في الخارج لإجراء تجارب فعالية للمرحلة الثالثة على نطاق واسع، بسبب توقف عدوى الفيروس بالكامل تقريبا في الصين. التجارب جارية في البرازيل وإندونيسيا وتركيا وتشيلي، لكن الشركة لم تعلن حتى الآن عن فعالية اللقاح.

على الرغم من التأخير في إنهاء التجارب، بدأت ساينوفاك منذ الآن في إعطاء اللقاح لعشرات الآلاف في الصين كجزء من برنامج محدود الاستخدام. في وقت سابق من هذا الشهر، قامت المجموعة بأول عملية تسليم للخارج، عندما تم شحن 1.2 مليون جرعة من كورونا فاك إلى جاكرتا.

المصدر الاقتصادية

مبادروة ملتزمون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى