الإعلامي عبدالعزيز قاسم

متى سيخبو “تويتر”؟

بقلم : عبدالعزيز قاسم
اعلامي وكاتب صحافي

*1)* أرسل لي صديقٌ غالٍ بأن أشترك في وسيلة تواصل اجتماعية جديدة، تعتمد على الصوت:

والحقيقة من استقراء لهاته الوسائل؛ وجدتُ أنها كل خمسٍ إلى عشرٍ من السنوات تتجدّد..

*2)* كنت أسأل من فترة: متى يهتز عرش “تويتر” وننصرف عنه لغيره؟ إذ بدأ اقبالنا قبل عشرين عامًا بمواقع الحوار مثل “الساحات” و”بناء” و”محاور” وغيرهم من عشرات المواقع الحوارية، وبعدها أتت موضة المجموعات البريدية، حتى أزالهم جميعًا “الفيس بوك” الذي اكتسح الساحة بقوة، وأبهرنا وقتها، وسحبنا لصفحاته.

*3)* أتى “تويتر” بعدد كلماته المحدودة، وأزال “الفيس بوك” وجذبنا له، وأنا أتحدث عن ساحتنا المحلية، لأن الأخير ما زال قويًا ومؤثرًا في معظم الدول العربية، غير أن ساحتنا السعودية، خصوصًا النخبوية منها، انتقلت إلى “تويتر”، الذي سحرنا بعدد كلماته القصيرة، وبات لرؤساء العالم مواقع فيه، وما زال صامدًا لحدّ ما، ويعيش فترة زاهية، وحتى “الانستغرام” لم نقبل كثيرًا عليه.

*4)* “الانستغرام” بات موقعًا للشراء وعرض المنتجات فيه، أكثر من أي شيء، رغم إن عشاق الصور ذهبوا لفترة له، لكنه لم يلمع مثل “تويتر” عند النخب أو “السناب شات” الذي سحر جيل الشباب والفتيات بسبب بعض مزاياه من حذف الصور والدردشات المباشرة، وبات مؤثرًا بشكل كبير في مجتمعنا، وصار له مشاهير يتابعهم الملايين، رغم أنني شخصيًا لا أحبه أبدًا.

*5)* ولطالما صارت لي في “السناب شات” مواقف، إذ ترسل لي ابنتي بأسئلتها، وأنصرف عنها، وأعود كي أجيب، وتذهب المحادثة، لتعاتبني في تجاهلها، ولا تدري أن أسئلتها مُحيت، وهكذا مع بقية المتابعين الذين يتواصلون معي فيه، لذلك أنا وفيٌ بصراحة ل”الفيس بوك” بسبب مزاياه في حفظ كل ما ننشر، وتلك الذكريات البديعة التي أفتحها أول ما أصحو، وأبدأ يومي بها.

*6)* من أكثر ما أحبه في “الفيس بوك” تلك الذكريات التي اعتدت قراءتها مع قهوة الصباح، وأجولُ مع أحبة ومناسبات كتبت عنها من أعوام فارطات، وأرى تغيّر السُحن عامًا بعد عام، وكم فُجعت قبل يومين فقط، وأنا أرى صورة بنيّتي الأحبّ جمانة من خمس سنوات مع بعض أصدقائي ممن زارني وهي طفلة، وتغيّرت آخر العنقود تلك بالكامل اليوم، فأرسلت الصورة القديمة لهم، وبتنا نطقطق ونتباكى على ذهاب شبابنا، ونحن نتأمل ما الذي فعلته خمس سنوات بسُحننا.

*7)* النخب تمسّكت ب “تويتر”، وبقي البعض وفيًا ل “الفيس بوك” وأنا منهم، رغم أن “التلغرام” اكتسح لفترة عبر الصفحات الفردية والمجموعات، ولكنه خبا نوعًا ما، ولم ينجح كثيرًا، رغم أن مزاياه أفضل من “الواتس آب”، وهذا الأخير -الواتس آب- أجزم أنه الأقوى تأثيرًا في إيصال المعلومات عبر مجموعاته، ووسيلة التواصل الأولى اليوم في مجتمعنا، عبر تصفحنا الدائم له، واعتمادنا عليه في التواصل مع عوائلنا وأصدقائنا وأحبتنا.

*8)* ما زلنا نعيش فترة “الواتس آب” الذهبية، رغم خطئه الكبير مؤخرًا في حكاية الخصوصية، الذي جعلنا نتجه ل “السجنال”، لكننا لم نستطع الايغال فيه وترك “الواتس آب”؛ بسبب الإرث الكبير الذي كوّناه من صداقات ومجموعات عبر عَقدٍ من السنوات، ولم يَهن علينا تركه، وقد اعتدنا عليه بشكل كلّي، وحفظنا مزاياه وطرائقه، حتى كبار السنّ منا باتوا يتقنون التواصل عبره.

*9)* على ذكر الخصوصية التي هرب الكثيرون لأجلها من “الواتس آب”، كنت أقول لبعض الأصدقاء: أية خصوصية التي تتحدثون، ونحن مكشوفون بالكامل عبر كل وسيلة!! ويا لتلك الأسرار التي نخشى عليها أن تكشف؟! عيشوا حياتكم واستمتعوا بها، ولا تجفلوا، وكما في شعبياتنا: “الانسان الذي لم يسرق؛ لا يخاف”.

*10)* برنامج “التيك توك” اليوم يشهد ازدهارًا عريضًا، وأيضًا فئة الشباب والفتيات هم من يقود تلك الوسيلة. وللأسف الشديد، فإن أي أحد يريد الشهرة؛ عليه أن يقوم ببعض ما يخدش الحياء، أو يصادم عادات وقيم المجتمع، فيشتهر مباشرة، وعلينا الاعتياد على ذلك، لأنه هذا يسربل العالم كله، وليس مجتمعنا فقط، وهناك النيابة العامة تتلقى شكاوانا على كل ما نراه مخالفًا، وهي الجهة الرسمية المسؤولة.

*11)* أجزم لكم أن عرش “تويتر” لن يظل على حاله، وسنشهد أفول نجمه في مجتمعنا، ولا أدرى المدة التي سيأخذها، والمؤسف أننا كلما أتقنا وسيلة، وبدأنا نستمتع وننخرط فيه؛ أتت أخرى وسحبتنا له، فمجتمعنا دخل في أتون العولمة والحداثة، التي فتحت كل مجتمعات العالم المنغلقة أو المحافظة رغمًا عنها، وكنا نقول في أزمنة مضت، بالقرية الكونية، وبعدها بشقة في عمارة كبيرة، إلا أننا اليوم يبدو أننا نعيش في نفس الصالة.

*12)* سأقوم بالتسجيل فيما أرسله الصديق، إذ “الأولات الروابح” بما في شعبياتنا، ورأيت أن من سَبق في وسيلة جديدة؛ يتصدّر فيها ويكسب متابعين. وقضية المتابعين هذه قصة أخرى، فهل تكتب لترضيهم، أم تكتب وتتحدث لما يعبّر عنك، وتقوم برسالتك تجاه مجتمعك؟
ولعل لي وقفة مع هذه النقطة لاحقًا.

 

مبادروة ملتزمون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى