62.5 تريليون #دولار .. جبل من الدين العام للحكومات في العالم
نما جبل الدين العام العالمي بأكثر من السدس (17.4 في المائة) في 2020، بزيادة قدرها 9.3 تريليون دولار ليصل إلى مستوى قياسي قدره نحو 62.5 تريليون دولار، أو ما يعادل 13050 دولارا لكل إنسان يعيش على سطح الكوكب، بحسب مؤشر يانوس هندرسون.
ولا يشمل هذا الرقم الخاص بالحكومات ديون الشركات والمؤسسات والأفراد ، إذ تظهر أحدث تقارير معهد التمويل الدولي ارتفاع الدين العالمي إلى مستوى قياسي عند 281 تريليون دولار في 2020.
في المقابل، تتوقع مؤسسة، يانوس هندرسون، أن يقفز دين الحكومات مرة أخرى في 2021، مضيفا 768 دولارا للشخص الواحد.
للمقارنة، كانت ديون البلدان الـ35 المدرجة على مؤشر يانوس هندرسون- تمثل 88 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي- في حدود 16.744 تريليون دولار في 1995، لتصعد بشكل طفيف إلى 17.600 تريليون دولار في 2000 ثم إلى 23.846 تريليون دولار في 2005، لتقفز إلى 40.579 تريليون دولار في 2010، ثم إلى 43.955 تريليون دولار في 2015، قبل أن تصل إلى رقمها القياسي البالغ 62.515 تريليون دولار في 2020.
لكن هناك مفارقة، “أن هذا الدين يتم تمويله بثمن بخس”، حسب المؤسسة، وتقول “على الرغم من ارتفاع الديون بمقدار أربعة أضعاف، فإن تكاليف الاقتراض لم ترتفع إلا بمقدار الخمس في غضون 25 عاما. بمعنى أن تكاليف التمويل في 2020 كانت منخفضة للغاية لدرجة أن الاقتراض كان القرار الصحيح”.
وفي تقديمها الدراسة للصحافيين عبر الإنترنت، أوضحت، بيثاني باين من المؤسسة أن الانخفاض المطرد في أسعار الفائدة قد وفر عائدات رائعة لمستثمري السندات، لكنها ترتفع الآن وهو ما يدفع أسعار السندات إلى الانخفاض مع تعافي الاقتصاد العالمي.
المفارقة الثانية، أن أدنى دول العالم مديونية ترزح هي الأخرى تحت طائل ديون عالية، فسويسرا، على سبيل المثال، وهي بين الدول الأقل مديونية، ارتفع دينها العام 27 في المائة، أو 52 مليار دولار، ليصل إلى 246 مليار دولار في 2020.
الديون العامة تقفز إلى رقم قياسي
تؤكد الدراسة تحت عنوان “مؤشر يانوس هندرسون للديون السيادية / أبريل 2021″، أن الحكومات في جميع أنحاء العالم أخذت ما يعادل ثمانية أعوام من الاقتراض لمكافحة الوباء العالمي، ما زاد ديونها بأكثر من السدس (17.4 في المائة). وفي حين وقعت ثمانية من كل عشرة بلدان في حالة ركود، أضافت الحكومات 9300 مليار دولار إلى سجل ديونها.
وهذا الرقم يمثل (14.8 في المائة) من الناتج المحلي الإجمالي العالمي للبلدان الـ 35 المدرجة على مؤشر يانوس هندرسون، وهي حصة أكبر مما ينبغي لإعادة الاقتصاد إلى مساره الصحيح بعد الأزمة المالية العالمية.
في المجمل، انتهى الدين العام العالمي عند مستوى قياسي بلغ 62500 مليار دولار، أي نحو أربعة أضعاف مجموع الدين العام في 1995 (بزيادة قدرها 273 في المائة) وما يعادل 13050 دولارا للشخص الواحد، تمثل البلدان في المؤشر 67 في المائة من سكان العالم في 2020.
أكبر الاقتصادات لديها أكبر قدر من الديون
من بين أقل البلدان مديونية في أوروبا في المقارنة الدولية، هي: الدنمارك (145 مليار دولار)، فنلندا (197 مليار دولار)، السويد (239 مليارا)، أيرلندا (282 مليار دولار)، سويسرا (246 مليارا)، كما لهذه الدول أدنى دين للفرد الواحد في أوروبا.
أكبر الاقتصادات (الولايات المتحدة واليابان والصين) لديها أعلى الديون في 2020، لكن بريطانيا لديها أعلى عجز في الميزانية.
وبلغت ديون الولايات المتحدة 19.565 تريليون دولار، تأتي بعدها اليابان بواقع 12.858 تريليون دولار، ثم الصين (3.389 تريليون دولار). في المرتبة الرابعة فرنسا (3.299 تريليون دولار)، ثم إيطاليا (3.196 تريليون دولار)، بعدها بريطانيا (3.025 تريليون دولار)، كندا (2.014 تريليون دولار)، بعدها إسبانيا (1.640 تريليون دولار).
بين الدول الناشئة، تأتي الهند في المرتبة الأولى من ناحية الديون (1.637 تريليون دولار)، والبرازيل (1.341 تريليون دولار)، ثم المكسيك (650 مليار دولار)، وإندونيسيا (500 مليار دولار)، وإفريقيا الجنوبية (281 مليار دولار)، وروسيا (258 مليار دولار)، ثم تركيا (209 مليارات دولار).
وأخذت بعض البلدان ديونا أكثر من غيرها لمواجهة تحديات العام الماضي. ومن ناحية الكميات المطلقة، اقترضت أكبر الاقتصادات، منطقيا، أكثر من غيرها، وتمثل الولايات المتحدة واليابان والصين وحدها أكثر من نصف الاقتراض الحكومي الجديد في 2020.
وكنسبة من حجم اقتصادها، كانت بريطانيا أكبر مقترض بعجز عام يعادل خمس ناتجها المحلي الإجمالي. بيد أن الولايات المتحدة والبرازيل وجنوب إفريقيا وإسبانيا وكندا واليابان وسنغافورة لديها عجز لا يقل عن ثمن حجم اقتصاداتها.
والسويد وسويسرا من بين البلدان الأقل اقتراضا، لكن لا يوجد بلد قريب من تايوان، التي ظلت نسبة ديونها إلى الناتج المحلي الإجمالي دون تغيير تقريبا على مدار العام بفضل الاستجابة الحازمة للوباء، الذي سمح لاقتصادها بالنمو.
حتى قبل انتشار الوباء، كانت الحكومات في مختلف أنحاء العالم في عجز سنوي منذ 25 عاما، فقد تجاوز إنفاقها بشكل منهجي العائدات الضريبية، لكن الاقتصاد نما بشكل كبير أيضا، ما أوجد قاعدة ضريبية أوسع نطاقا لحمل هذا الجبل من الديون، غير أن الزيادة في الديون السيادية لا تزال تتجاوز النمو الاقتصادي بمقدار الخمس.
الدين يتم تمويله بثمن بخس
تقول الدراسة (34 صفحة) إنه على الرغم من الزيادة الحادة في الاقتراض، لم يزد عبء الخدمات الناجم عن هذا الدين. في 2020، كان على الحكومات في مختلف أنحاء العالم أن تدفع 2.0 في المائة فقط على قروضها، بعد أن كانت 7.6 في المائة في 1995.
وتضيف “هذا الانهيار في أسعار الفائدة يعني أن فاتورة الفائدة العالمية لم ترتفع إلا بمقدار الخمس، على الرغم من ارتفاع حجم الديون أربعة أضعاف تقريبا. ونسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي، انخفضت نفقات الفائدة بأكثر من النصف منذ 1995، ولم تدفع أي من البلدان على مؤشر يانوس هندرسون سعر فائدة أعلى في 2020 مما كانت عليه في 1995”.
انخفاض أسعار الفائدة يزيد عوائد مستثمري السندات السيادية
تمول الحكومات عجزها بإصدار سندات يمكن للمستثمرين شراؤها وبيعها في الأسواق المالية. وقد أدى الانخفاض المطرد في أسعار الفائدة على مدى الأعوام الـ 25 الماضية إلى تحقيق عائدات كبيرة لمستثمري السندات السيادية. وبين عامي 1995 و2020، حقق المؤشر العالمي لسندات الدول عائدا إجماليا بلغ 308 في المائة بالدولار، أي نحو خمسة أضعاف معدل التضخم خلال الفترة نفسها.
الدين يقفز مرة أخرى في 2021
تتوقع يانوس هندرسون أن يشهد عام 2021 زيادة حادة في الاقتراض الحكومي، تصل إلى نحو أربعة تريليونات دولار، أو 768 دولارا للشخص الواحد، بيد أنه بفضل الانتعاش الاقتصادي القوي، بلغت معدلات الديون ذروتها بالفعل.
تقول بيثاني باين من المؤسسة، إن “فكرة الدين لها مفاهيم أخلاقية، مثل شيء يجب تجنبه، لكن هذه الرؤية الأخلاقية تتجاهل أهمية الاقتراض العام لدعم الاقتصاد في أوقات الأزمات، كما كان الحال في 2020. وقد بلغ الدين رقما قياسيا، لكن تكاليف التمويل منخفضة إلى درجة أن الاقتراض كان القرار الصحيح”.
وتضيف، أن “النمو الاقتصادي هو أقل الطرق إيلاما لحل الديون العامة الضخمة. التعافي من كوفيد-19 سيكون متفاوتا جدا، ومن المتوقع أن تنتعش الاقتصادات، التي تركز على الخدمات، التي تضررت بشدة في 2020 بشكل أسرع من الاقتصادات الصناعية، التي عانت بشكل أقل انخفاض الطلب العالمي في 2020”.
كما ركزت بلدان كثيرة ديونها الأخيرة على الاقتراض القصير الأجل نسبيا. بالنسبة لهذه القروض، هناك خطر حقيقي من الاضطرار إلى إعادة تمويل مبالغ كبيرة من الديون بمعدلات أعلى بشكل مؤلم في المستقبل.
وخلال الندوة، التي حضرتها ”الاقتصادية”، قال، جيم سيلينسكي، الرئيس العالمي لإدارة السندات: “أسواق السندات هي آلات ضخمة للحكم على الملاءة المالية والأداء الاقتصادي لكل بلد. هذه هي التي تحدد المبلغ الذي يتعين على الحكومة دفعه للاقتراض. هي ليست مهمة فقط لمستثمري السندات”.
ويؤكد أن أسعار الفائدة في أسواق السندات تؤثر في قيمة كل أصل، من الإسكان إلى أسواق الأسهم، وبطريقة أو بأخرى، فإن سوق السندات تهم الجميع.
ويضيف “قد يمتلك الأفراد السندات مباشرة، أو قد يقررون الاحتفاظ بها من خلال صناديق استثمار السندات. وتساعد السندات على تمويل المعاشات التقاعدية وصناديق التقاعد، وشركات التأمين تستخدمها لإدارة المخاطر وتمويل التعويضات”.