الاقتصادشريط الاخبار

ضغوط لحظر زيت الوقود الثقيل في القطب الشمالي

قبل يومين من انعقاد الاجتماع الوزاري لمنتدى مجلس القطب الشمالي، دعت منظمات وجمعيات علمية إلى فرض حظر على زيت الوقود الثقيل المستخدم في النقل البحري كبديل عن الوقود التقليدي، مؤكدة أن الانتقال إلى أنواع الوقود الأقل تلويثا من شأنه أن يمنع حدوث أزمة بيئية وصحية.
وللتنديد بالتلوث الناجم عن الجسيمات الدقيقة من سفن الشحن، قالت منظمة “تحالف القطب الشمالي النظيف” (كلين آركيتك أليانس) أمس، إن جليد القطب الشمالي يعد أحد أكثر المناطق تضررا من تسارع الاحتباس الحراري، العامل الرئيس المعني، زيت الوقود الثقيل المستخدم في قطاعات الشحن.
وزيت الوقود الثقيل هو خليط من الهيدروكربونات ينتج من بقايا تقطير البترول، ويعد المنتج عالي اللزوجة، وفي الأغلب ما يكون ملوثا بالكبريت أو النيتروجين، ما يجعله أكثر تلويثا من الوقود التقليدي. مع ذلك، فإن سعره المنخفض جعل منه مرشحا مثاليا للصناعة البحرية، التي تستهلك أكثر من 250 مليون طن سنويا. أي ما يقرب من 10 في المائة من إنتاج النفط العالمي، أي بقيمة 65 مليار دولار، بالسعر الحالي البالغ 260 دولارا للطن.
وحسب دراسة تلقتها “الاقتصادية” من “تحالف القطب الشمالي النظيف”، يقول العلماء إن السخام الناتج عن محركات الشحن التي تستخدم زيت الوقود الثقيل “يمثل تهديدا للقطب الشمالي”، مؤكدين أن استخدام زيت الوقود الثقيل قد زاد 75 في المائة في المنطقة القطبية بين عامي 2015 و2019.
وفي بيان مشترك، طالب “تحالف القطب الشمالي النظيف” و”المجلس الدولي للنقل النظيف” (إنترناشونال كاونسل أون كلين ترانسبورتيشن) بحظر دون استثناء زيت الوقود الثقيل واستبداله بالوقود التقليدي أو بمقطرات أقل تلويثا، حتى يتم إيجاد طرق متجددة ومحايدة لثاني أكسيد الكربون.
وأكدت المنظمتان أن هذا الحل – الذي يتعارض مع البرنامج الذي قررته “المنظمة البحرية الدولية” (إنترناشونال ماريتيم أوركانزيشين) التابعة للأمم المتحدة في شباط (فبراير) الماضي – سيقلل من تركيزات الجسيمات الدقيقة المنبعثة من السفن 30 في المائة.
من جانبها، تريد “المنظمة البحرية الدولية” حظر زيت الوقود الثقيل اعتبارا من 2024، لكن مع استثناءات مسموح بها حتى 2029، وهو أمر انتقدته المنظمتان قائلة، “إن هذين العنصرين – 2024 و2029 – سيسهمان في تخفيض الانبعاثات 5 في المائة فقط على أساس الحساب السنوي وعند الأخذ بنظر الاعتبار الاستثناءات التي يسمح فيها برنامج المنظمة البحرية الدولية.
وتقول إن الحظر المخطط له حاليا على زيت الوقود الثقيل بموجب الاستثناءات الموجودة في برنامج المنظمة البحرية الدولية، سيؤدي إلى تقليل استخدام الوقود الثقيل 16 في المائة وتقليل انبعاث الكربون الأسود 5 في المائة. لكن في المقابل، إذا تم تبديل أسطول الشحن في القطب الشمالي إلى الوقود المقطر، فسيؤدي ذلك إلى تقليل الكربون الأسود 30 في المائة.
لذلك، دعا تحالف (القطب الشمالي النظيف) و(المجلس الدولي للنقل النظيف) إلى “عمل جماعي عاجل” يقوده منتدى مجلس القطب الشمالي خلال اجتماعه في 20 أيار (مايو) الجاري. وقالت المنظمتان، “إذا لم يتم التحكم في التلوث وزاد متوسط درجة حرارة الأرض بمقدار 1.7 درجة. وأضافتا، “لن يكون للقطب الشمالي أي جليد خلال فترة الصيف”، وأن هذا الانصهار سيؤدي إلى إطلاق ثاني أكسيد الكربون الملتقط في التربة الصقيعية ويزيد من تفاقم تأثير الاحتباس الحراري”.
وأوضحت المؤسستان، أن القطب الشمالي يشهد تسارعا في تغيرات جذرية غير مسبوقة، إذ شهدت المنطقة القطبية الشمالية ارتفاعا في درجات الحرارة بوتيرة أسرع من أي مكان آخر على وجه الأرض، حيث ارتفعت درجات الحرارة إلى 38 درجة مئوية في القطب الشمالي في روسيا، وتم تسجيل أدنى مستوى للجليد البحري في القطب الشمالي في تموز (يوليو) الماضي.
وشهد أيلول (سبتمبر) الماضي وصول الجليد البحري الصيفي في القطب الشمالي إلى ثاني أدنى مستوى له منذ أن بدأت التسجيلات الرسمية قبل أكثر من 40 عاما.
وفي ضوء هذه التغييرات، تحذر المنظمتان، من المحتمل الآن أن يختفي الغطاء الجليدي الصيفي عبر القطب الشمالي قبل فترة طويلة من تحقيق الدول للحياد المناخي بحلول 2050.
وكتبت المنظمتان في دراسة مشتركة بالتفصيل عما تسميه “الجانب المظلم من صناعة زيت الوقود المستخدم من قبل 50 ألفا أو نحو ذلك من السفن الكبيرة التي تشكل الأسطول التجاري العالمي”.
وأوضحتا أن الوقود الثقيل إنما هو “عالم غير شفاف للغاية وغير معروف، حيث يتم إعادة تدوير نفايات المصافي والشركات التي تريد التخلص من نفاياتها الكيماوية لإنتاج وقود ملوث ووفير وغير مكلف يضم مكونات رخيصة بهدف خفض تكلفة زيت الوقود”.
وتصف الدراسة زيت الوقود الثقيل بأنه “منتج سيئ ومدمر للبيئة يحلم الجميع بالتخلص منه، وما يزال يواصل على مدار 60 عاما في تغذية سفن الشحن العملاقة ومعها النمو السريع للتجارة العالمية.
وتضيف، “سفينة حاويات كبيرة جدا تحرق بين 140 و300 طن من الوقود الثقيل في اليوم، في محركات ضخمة يصل ارتفاعها إلى مبنى من طابقين، وأن سفينة تجارية أصغر تحرق بين 25 و65 طنا”.
مبادروة ملتزمون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى