الإعلامي عبدالعزيز قاسمالمقالات

“البدو” والانتجلنسيا العربية .

البدووالانتجلنسيا العربية . 

الاعلامي وكاتب صحافي : عبدالعزيز قاسم   

ليس شربل وهبة وزير خارجية لبنان هو أول من قَاء بما يحمله من نظرة تجاه دولالخليج، أزعم أن معظم الأنتلجنسيا العربية من القوميين العرب واليساريين بالخصوص،يحملون ذات النظرة ويؤمنون بذات الفكر تجاهنا، ويورثونه لأجيالهم، وقد امتلأوا بهاإبّان المدّ القومي الناصري في حقبة الستينيات.

طرحت ذلك في بعض مكاشفاتي مع النخب السعودية من أمثال د. تركي الحمد أثناءعملي الصحافي، وهذه النظرة الدونية التي تسكنهم حيالالبدوالذين رزقهم الله نعمةالنفط، ليملأ الغلُّ الحسد صدور أولئكم، ويتنادون ويتباكون بضرورة تقاسم ثروة النفطمعهم. نادى بذلك كثيرٌ من النخب العربية في الشام ولبنان بالخصوص.

من المهم التفريق بين شعوب تلك المنطقة، وبين رموزهم الفكرية والسياسية والدينيةالذين بمجرد أن تختلف معهم، أو يُستفزون بمواقف؛ يجعل اللاوعي عندهم يقذف بكلالقذارات التي يحملونها تجاهنا، فتجدهم يمنّون علىالبدوأنهم هم من قاموابتعليمهم، وأنهم من بنى لهم بلدانهم الخليجية، ومن هذا المنّ المنحطّ الذي لا يتوقف.

د. خالد الدخيل أحد أبرز المثقفين السعوديين كتب مقالة قبل ست سنوات (6 يوليو2015) في صحيفةالحياةبعنوان: “عنصرية القوميين العرب تجاه الجزيرة العربية،تكلم فيها بصراحة حول هذه النقطة، وقال بأن القوميين العرب رغم خطابهم العروبي، إلاأن لديهم مشكلة في نظرتهم للجزيرة العربية.

حدد د. الدخيلبدقةنظرتهم لنا بقوله: ” رؤيتهم للجزيرة العربية وأهلها وتاريخهاأنها لم ولن تعرف إلا البداوة والتخلف، بغض النظر عن مرور الزمن، وتغيّر الأجيال وحقبالتاريخ. لا مكان للتاريخ في هذه الرؤية. كان أهل هذه الجزيرة، بحسب القوميين، ولايزالون أسرى حال بداوة منذ ما قبل الإسلام، وحتى يوم الناس هذا“.

وبما قلت لكم أن هذه النظرة تخرج من اللاوعي لديهم بمجرد اختلافهم معنا، وهوما أكده د. الدخيل بقوله: “والأغرب في أمر القوميين أن رؤيتهم هذه ليست رؤية بحثية، أوفرضية علمية، وإنما هي موقف إثنولوجي عنصري نهائي، غير قابل للتغيير،يستخدمونه عادة في هجاء أهل الجزيرة متى ما برز معهم خلاف، أو فرض الموقفاللجوء إليه

بالمناسبة؛ لا تختص هذه النظرة فقط بالقوميين واليسار العرب، بل تشمل حتىبعض الإسلاميين من تلكم الدول القريبة والبعيدة، ويورد د. الدخيل بعض ما قاله الكاتبالإسلامي فهمي هويدي في هذا الشأن. لذلك أؤكد أن هذه النظرة متوارثة بين هذه النخبالعربية عمومًا، الذين لا يروا فينا سوى حفنةبدومعهم محافظ نقودٍ متخمة.

عودة للوزير اللبناني المأفون الذي أصدر بيانًا يحاول ترقيع ما ارتكبه من فحشالقول وزور الكلام، لأستذكر حوارًا لي في دبي قبل سنوات مع أهم الإعلاميين السعوديينفي مكاشفات تكلمت فيها عن موضوع لبنان والمليارات التي ننفقها وقتذاك عليها. كانضيفي الكبير يرى عدم ترك الساحة لإيران، وضرورة كسب لبنان بصفنا.

لم ينفق أحدٌ على لبنان مثل دول الخليج والسعودية تحديدًا، وللأسف عند أولانتخابات فيها؛ ترفرف الأعلام الصفراء مبتهجة، وتصرخ للسيد القميء بفوزه، وحسنًافعلت قيادتنا اليوم بترشيد الانفاق وتقييم الولاء والانحياز لمواقفنا، وإعادة النظر فيطريقة تعاطينا مع لبنان وغيره من الدول الشقيقة.

يجب أن تفهم النخب العربية أن ثمة سياسة جديدة لقيادتنا حفظها الله، فمن غيرالمعقول أبدا أن ننفق كل هذا الانفاق ثم يأتي مأفونٌ مثل وزير الخارجية اللبناني ليتحدثبهكذا عبارات سوقية، ثم نتجاهل ذلك، ونمررها مرور الكرام.  ثمة أكلاف لما قيلومحاسبات ستكون، وعليهم تغيير نظرتهم ومواقفهم ، فنحن في عصر الحزم.

من المهم التركيز على تصحيح النظرة هاته، وترك مرتزقة السياسة من أمراء الحربهناك، والتركيز على الأجيال الجديدة واقناعهم أن نماء لبنان واستقراره لن يتأتى وإيرانوذنبهاحزب اللهمسيطران على بلدهم، ولربما التظاهرات التي قامت قبل كورونا دليلٌبيّنٌ على قناعة الأجيال الجديدة بذلك.

أسوق هنامن باب التذكير فقط لا غيرللنخب العربية أصحاب النظرة الشوهاءتجاهنا؛ مؤشر دافوس لجودة التعليم في 140 دولة للعام 2019، حيث أظهر أن دولالخليج هي الأولى عربيًا وبعضها من الأوائل عالميًا كذلك، فيما الأردن هوى فيالتصنيف، ومصر في المرتبة قبل الأخيرة، ولا تعليم في ليبيا والسودان والصومالوالعراق وسوريا واليمن.

البدو هؤلاء يا سيادة وزير الخارجية اللبناني، ومعك بقية الجوقات القوميةواليسارية والإسلامية الذين يرون نظرتك القبيحة قبح فكرك وفكرهم؛ سيقتحمون العالمالأول متسلّحين بالعلم، مؤمنين بأنفسهم وقدراتهم، عبر قيادة شابة واعدة وراشدة ترسملها اليوم طريق الريادة العالمية. ولتظلوا أنتم على بطولاتكم القومية الموهومة، وأحلامكمالرمادية.

تغريدات: عبدالعزيز قاسم

اعلامي وكاتب صحافي

مبادروة ملتزمون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى