الدوليةشريط الاخبار

حقبة اقتصادية جديدة .. هل يعود التضخم للأبد؟

حقبة اقتصادية جديدة .. هل يعود التضخم للأبد؟

كان اجتماع ديسمبر لأهم لجنة اقتصادية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي روتينيا. اتفق صانعو السياسة على أن الاقتصاد يمكن أن يتأقلم مع ارتفاع مستويات الإنفاق دون أي ضغط تصاعدي عام قوي على الأسعار. رغم ارتفاع أسعار بعض المواد الخام بشكل حاد، لم تخضع السلع تامة الصنع لضغوط التكلفة التصاعدية المتفشية. وخلصت اللجنة إلى أن التضخم العام لا يشكل مصدر قلق كبيرا.
انعقد الاجتماع المذكور للجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في 15 ديسمبر 1964، قبل أسبوعين فقط من بداية فترة 17 عاما، يطلق الاحتياطي الفيدرالي الآن اسم التضخم العظيم.
تميل نقاط التحول في اتجاهات الأسعار إلى الحدوث فقط في الوقت الذي تتجاهل فيه السلطات آراء الخبراء. الإجماع الحالي هو أن ارتفاع أسعار السلع الأساسية وأسواق السلع لها تفسيرات واضحة متعلقة بالوباء، وأن مخاطر عودة التضخم العالمي لا تزال بعيدة.
بعد مرور ثلاثة عقود على تمكن السلطات في الاقتصادات المتقدمة من قمع الوحش تظل واثقة من أنها تسيطر على الوضع. يلخص أندرو بيلي، محافظ بنك إنجلترا، شعار هذه اللحظة الذي يحب أن يقول إنه يراقب التضخم بعناية شديدة لكنه لا يشعر بالقلق.
هذا الرأي لا يزال هو السائد لكنه يفقد المؤيدين. أحد المنشقين البارزين في الآونة الأخيرة روجر بوتل، مؤلف كتاب “موت التضخم” The Death of Inflation، الذي رصد الانخفاض المقبل في زيادات الأسعار في منتصف التسعينيات. هو الآن قلق. كتب بوتل في مايو: “سيتعين على الأسواق المالية أن تعتاد على عودة المشكلات المزعجة التي بدت حتى وقت قريب ميتة منذ فترة طويلة”.

تشحيم الاقتصاد

لم يضطر محافظو البنوك المركزية إلى التعامل مع مشكلة التضخم خلال حياتهم المهنية. بعد أن بلغ متوسط معدلات التضخم نحو 10 في المائة سنويا في سبعينات وثمانينات القرن الماضي، انخفضت معدلات التضخم العالمية إلى متوسط بحدود 5 في المائة في التسعينات في دول العالم الغني الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، و3 في المائة في العقد الأول من القرن الـ 21، و2 في المائة في العقد الثاني. السؤال اليوم هو ما إذا كانت وجهة نظرهم تدل على التهاون. هل يدخل العالم حقبة تضخمية أخرى؟
في حين يعتقد كثير من الأسر أن تعريف استقرار الأسعار سيكون غياب التضخم، يفضل الاقتصاديون وصانعو السياسة زيادة سنوية خفيفة في الأسعار في حدود 2 في المائة. وهذا يقلل من مخاطر حدوث أزمة اقتصادية قد تؤدي إلى دوامة انكماشية مع انخفاض الإنفاق والأسعار والأجور جميعا، ما يزيد العبء الحقيقي للديون والإضرار بالإنفاق. يوضح هولجر شميدنج، كبير الاقتصاديين في بنك بيرنبيرج، أن تضخما طفيفا يشحذ عجلة الاقتصاد، ما يسمح للقطاعات المتراجعة بالتراجع بشكل رشيق. ويقول: “ارتفاع التضخم يخفف من التعديلات الاقتصادية لأنه يحدث مجالا أكبر للتغييرات في الأجور النسبية دون الحاجة إلى انخفاض مباشر في الأجور في القطاعات الواقعة تحت الضغط”.
في معظم الاقتصادات المتقدمة -الولايات المتحدة ومنطقة اليورو واليابان- فشلت البنوك المركزية في تحقيق أهدافها للتضخم بنحو 2 في المائة رغم خفض أسعار الفائدة إلى الصفر وإيجاد تريليونات الدولارات واليورو والين، التي تم ضخها في اقتصاداتها عن طريق شراء السندات الحكومية. وبالتالي، فإن حدوث ارتفاع متواضع في التضخم سيكون موضع ترحيب من قبل البنوك المركزية التي تم تفويضها عموما بمهمة تثبيت استقرار الأسعار.

الخمسينيات والستينيات .. تضخم متغير

رغم أن التضخم لم يرتفع في الولايات المتحدة حتى منتصف الستينيات، إلا أن المملكة المتحدة شهدت ارتفاعات مستمرة في الأسعار منذ الخمسينيات، ويرجع ذلك جزئيا إلى انخفاض قيمة العملة، وحتى هذا العام كان الشاغل الاقتصادي الرئيس فيما يتعلق بالأسعار هو المخاطرة بأن تتحول الدول إلى النمط الياباني وقد تحاكي قريبا صراع الأمة المستمر منذ 30 عاما مع الانكماش المعتدل. بلغ من صعوبة إبقاء التضخم مرتفعا بدرجة كافية أن بعض الاقتصاديين بدأوا في التشكيك في عقيدة بن برنانكي، الرئيس السابق للاحتياطي الفيدرالي، الذي جادل في عام 2002 بأنه “في ظل نظام النقود الورقية يمكن للحكومة المصممة دائما أن تولد إنفاقا أعلى وبالتالي التضخم الإيجابي”.
لكن هذه النظرة إلى العالم انقلبت رأسا على عقب عام 2021. برنامج جديد للاقتراض والإنفاق مهما كلف الأمر من قبل إدارة بايدن، والاضطرار إلى الادخار خلال أزمة فيروس كورونا، ما أعطى الأسر قوة إنفاق إضافية، واختناقات في توريد السلع، كما أدى عكس الضغوط الهبوطية طويلة الأمد على الأجور والأسعار العالمية إلى تأجيج المخاوف من التضخم المفرط.
لا أحد يتحدث عن تضخم مفرط من النوع الذي شوهد في ألمانيا في عهد جمهورية فايمار عام 1923 أو أمريكا اللاتينية في الثمانينيات أو حتى المعدل العالمي البالغ 10 في المائة في السبعينيات، لكن الارتفاع الزاحف إلى مستويات مستمرة من الزيادات العامة في الأسعار لم نشهده منذ جيل. عندما قفز معدل التضخم في الولايات المتحدة في أبريل إلى 4.2 في المائة، أصيبت الأسواق المالية بالإغماء.
القلق الجديد بشأن العودة إلى التضخم ليس فقط نتيجة للقوى الاقتصادية المباشرة لكنه دلالة على تغييرات أساسية طويلة الأمد في هيكل الاقتصاد العالمي. يتم اعتماد التحفيز الاقتصادي القوي في اللحظة نفسها التي يشعر فيها الاقتصاد العالمي بتأثير شيخوخة السكان ونضج التحول الصيني الذي دام 40 عاما.

السبعينيات .. عصر الصدمات النفطية

بدأ التضخم في الارتفاع فعليا بعد صدمة النفط عام 1973، عندما فرضت “أوبك” حظرا على النفط وسط التوترات في منطقة الشرق الأوسط.
علاوة على ذلك، يخبرنا التاريخ أنه لا يمكن للسياسيين أو الاقتصاديين أو صانعي السياسة ضمان أن يحافظ العالم على معدل تضخم منخفض ومستقر. كما تظهر تجربة الاحتياطي الفيدرالي منذ الستينيات، فإن نقاط التحول في التضخم تصل دون سابق إنذار. على عكس الولايات المتحدة، حيث لم يكن هناك خوف من التضخم بعد الحرب العالمية الثانية، كان القلق بشأن التضخم يدمدم دائما بعد التخفيضات في قيمة الجنيه وأسعار الواردات المرتفعة في المملكة المتحدة خلال أعوام التوظيف الكامل في الخمسينيات و الستينيات، وفقا لما ذكره نيك كرافتس، أستاذ التاريخ الاقتصادي في جامعة ساسكس.
لكن يضيف كرافتس أن التضخم لم ينطلق إلا في السبعينيات بعد أول صدمة نفطية من منظمة أوبك وتحول السياسة الحكومية من التقشف إلى تحفيز مفرط بشكل ضخم، يدفع الاقتصاد إلى ما هو أبعد من أي تقدير معقول للمستوى المستدام من البطالة.
تشير الأبحاث التي أجراها لوكا بيناتي، الأستاذ في جامعة برن، إلى أن ثقة العالم بقدرة محافظي البنوك المركزية على ترويض أي أحداث مماثلة قد تكون مبالغا فيها. فقد وجد أن الضغط التضخمي في المملكة المتحدة في السبعينيات كان قويا للغاية، لدرجة أنه عندما أجرى التاريخ مرة أخرى في عدد من نماذج المحاكاة على افتراض أن بنكا مركزيا مستقلا هو المسؤول عن التحكم في الأسعار، كانت القوى التضخمية أقوى من أي إجراء محتمل من قبل بنك إنجلترا مع لجنة سياسة نقدية مستقلة. في السبعينيات، كان من الممكن أن يكون لها تأثير محدود فقط على إخماد زيادات الأسعار التي وصلت إلى معدل سنوي قدره 26.9 في المائة في عام 1975.

الثمانينيات .. مسؤولو البنوك المركزية يتولون المسؤولية

حين كان بول فولكر رئيسا لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، رفع أسعار الفائدة في محاولة لترويض التضخم وأطلق حقبة من البنوك المركزية ذات القوة الشاملة.
وفقا لكارين وارد، كبيرة استراتيجيي السوق الأوروبية في جيه بي مورجان لإدارة الأصول، فإن هذا يعني أن عقيدة برنانكي لا تزال قائمة ولا ينبغي نسيانها. وتقول: “افترضنا دائما أن تحسينات جانب العرض الهيكلية مثل التكنولوجيا والعولمة كبيرة جدا حيث لا يمكننا إغراقها بالطلب، لكن لا يزال يتعين عليك إغراق العرض بالطلب وتوليد التضخم في النهاية”.

مفرط التحفيز

هذا الخوف بالضبط هو الذي يرفع توقعات معدل التضخم في الولايات المتحدة وأوروبا في الوقت الحالي. إلى جانب انتعاش أسعار الطاقة إلى مستويات ما قبل كوفيد، هناك نقص في الرقائق الدقيقة والمنتجات الخشبية وكثير من المعادن وحتى الجبن. كانت هذه هي الأسباب المباشرة لارتفاع التضخم، لكن الأسواق المالية تخشى أن يكون السبب النهائي هو التحفيز المالي والنقدي المرتبط بالوباء الذي أدى إلى تعاف اقتصادي أسرع بكثير في الاقتصادات المتقدمة مما كان يعتقد أنه ممكن في نهاية عام 2020.
وحيث إن الضغط الشديد على السياسة الاقتصادية بات أكثر من أي وقت مضى في التاريخ الحديث، يمكن أن يتجاوز الإنفاق قدرة الاقتصادات على توفير السلع والخدمات، ولا سيما إذا تركت أزمة فيروس كورونا والدعم الحكومي الناس أقل استعدادا للعمل، ما يؤدي إلى نقص العمالة وضغوط كبيرة على الشركات لرفع الأجور.
إلى هذه الدرجة بلغ انعدام التوازن المحتمل بين الطلب الجامح والعرض المقيد، خاصة في الولايات المتحدة، حيث يقول بعض مؤيدي أفكار سياسة تميل إلى يسار الوسط إن أضواء التحذير تومض. يعتقد لاري سمرز وزير الخزانة في إدارة كلينتون، أن السياسة أصبحت متساهلة للغاية فوق الحد، حيث أخذ في الأسابيع الأخيرة ينتقد مرارا التهاون الخطير بشأن التضخم من جانب صانعي السياسة اليوم.
وفي حين يرد البيت الأبيض قائلا: “يعتمد الاقتصاد القوي على أساس متين من الاستثمار العام، وأن الاستثمارات في العمال والأسر والمجتمعات يمكن أن تؤتي ثمارها لعقود مقبلة”، حتى جانيت يلين، وزيرة الخزانة الحالية، أقرت بالحاجة المحتملة لارتفاع أسعار الفائدة للتأكد من أن اقتصادنا لا يتسارع.

الضغوط الديموغرافية

جاء التحول في السياسة في وقت يقبل فيه الاقتصاديون عموما أن بعض القوى العالمية الكبرى التي تبقي على الأسعار منخفضة أضعف بكثير مما كانت عليه. في التسعينيات والعقد الأول من القرن الـ 21، أدت العولمة إلى نقل ضخم لإنتاج السلع من الاقتصادات ذات الأجور المرتفعة إلى الصين وأوروبا الشرقية، ما أدى إلى تسريع انخفاض قوة العمال في الاقتصادات المتقدمة على إكراه أصحاب العمل على زيادة أجورهم، ما يبقي الأسعار منخفضة.
لكن هذه القوى الآن عند نقطة تحول، وفقا لتشارلز جودهارت، كبير الاقتصاديين السابق في بنك إنجلترا، ومؤلف كتاب “الانعكاس الديموغرافي العظيم”. انتهت الطفرة الطويلة في حجم قوتها العاملة وأصبح عدد سكانها على وشك الانخفاض لأول مرة منذ عقود. يقول جودهارت إن انخراط عدد أقل من العمال الجدد في القوى العاملة العالمية في وقت تتقلص فيه القوى العاملة في الاقتصادات المتقدمة مع تقدم السكان في العمر سيزيد من الضغوط على الشركات لرفع الأجور، ما يزيد من الضغوط التضخمية الأساسية.
يقول جودهارت إن التغير في الضغوط الديموغرافية موجود بالفعل منذ عقد من الزمان، ويتزايد الآن. وكان حذرا من تحديد موعد للتضخم المقبل، قائلا إن العالم من المرجح أن يشهد ارتفاعا في الضغط التضخمي في غضون خمسة أعوام ونحن على يقين من أنه سيكون قد حدث بحلول عام 2030.

2021 .. وعود بايدن

اتبعت إدارة بايدن نهج “القيام بكل ما يلزم” لإنعاش الاقتصاد وتقليل عدم المساواة، حتى لو كان ذلك يهدد ببعض التضخم. كان ذلك قبل أن يضرب كوفيد. الآن هو يقول: إن الضغوط الأساسية، إلى جانب مزيد من السياسات التحفيزية والقيود المفروضة على العرض المرتبطة بكوفيد، جلبت اللحظة المهمة للتصرف. “نميل إلى الاعتقاد أنه بسبب قيود العرض خصوصا، سيكون الأمر أكثر تضخما في عام 2021 مما كان يظنه محافظو البنوك المركزية في الأصل وسيستمر لفترة أطول في عامي 2022 و2023 لأنه سيكون هناك التقاء لتراكم أرصدة نقدية كبيرة … جنبا إلى جنب مع التوسع المالي المستمر الكبير”.
بالانتقال إلى أمثلة محددة للأسعار التي توقع أن يشهد ارتفاعها، يلاحظ جودهارت كيف أن الطلب الإضافي على العطلات في المملكة المتحدة سيرفع أسعار إيجارات العطلات والفنادق وحتى الأيسكريم هذا الصيف. يقول: “عليك أن تكون قديسا حتى لا ترفع أسعارك”.
الضغوط الديموغرافية ليست شيئا يمكن عكسه سريعا، كما أنه لا يجادل بإمكانية تراجع قوى العولمة، التي تراجعت بعد أن أصبحت غير شعبية سياسيا في كثير من الاقتصادات المتقدمة. مرة أخرى، أكثر مظاهر هذا الأمر حدة في الولايات المتحدة حيث يحث الاقتصاديون مثل آدم بوسن، رئيس معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، الأمريكيين على تبني التغيير الاقتصادي بدلا من الحنين إلى الماضي في الإنتاج المحلي، خاصة في التصنيع، كوسيلة لتحسين مستويات المعيشة وتعزيز النمو غير التضخمي.
لكن حتى الآن رغم أن توقعات السوق المالية للتضخم قد ارتفعت بشكل حاد في عام 2021، لا يزال صانعو السياسة في التيار السائد يحتفظون بهدوئهم.
هناك حديث متزايد في الاحتياطي الفيدرالي مفاده أنه في مرحلة ما يحتاج الأعضاء الحاليون في لجنة تحديد أسعار الفائدة إلى التفكير في تقليص وتيرة طباعة الأموال وشراء السندات الحكومية. لكن الرأي السائد أن التضخم يتعافى إلى مستويات طبيعية أكثر، وأن البنك المركزي الأمريكي تعهد بالحفاظ على السياسة شديدة التيسير إلى أن تحقق انتعاشا أكثر شمولا.
هذا هو النهج الصحيح، كما تقول لورانس بون، كبيرة الاقتصاديين في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في باريس، وهي وجهة نظر تتوافق مع المواقف المماثلة في البنوك المركزية حول العالم. وتوضح: “من السابق لأوانه دق ناقوس الخطر بشأن التضخم. هذا لا يعني أنه لا يتعين على المرء أن يراقب ما يحدث وأننا نشهد احتكاكات مع إعادة فتح الطلب والعرض بعد الأزمة … لكن السياسة الصحيحة تخفيف التوترات على جانب العرض أكثر من إجراءات البنوك المركزية لتهدئة الضغوط التضخمية”.
وتضيف أنه في معظم الاقتصادات، لا يزال هناك ركود كبير في سوق العمل، ويمكن تخفيف الضغوط الديموغرافية الكبيرة بشكل كبير من خلال التقاعد في وقت لاحق، بينما ستكون أجزاء أخرى من آسيا وإفريقيا سعيدة بالاندماج في الاقتصاد العالمي كما فعلت الصين.
لا تزال وجهة نظر بون تمثل رأي الإجماع بين الاقتصاديين. وهناك ثقة كبيرة في البنوك المركزية بأن أي ارتفاع في التضخم هذا العام سيكون مؤقتا ويمكن ترويضه بسهولة دون الحاجة إلى تشديد السياسة بشكل كبير.
لكن لأول مرة منذ عدة عقود، هناك احتمال أن تكون نقطة تحول مهمة قد وصلت، وأن ارتفاع الأسعار سيكون أكثر من مجرد حدث مؤقت، وشيئا يصعب التحكم فيه.

مبادروة ملتزمون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى