فنون

لماذا يفشل #الفن و #الأحذية_الرياضية في الوصول للمستوى الاستثماري؟

لماذا يفشل #الفن و #الأحذية_الرياضية في الوصول للمستوى الاستثماري؟

لقد اشتريت للتو لوحة للفنان فيرنون وارد، وهي عبارة عن لوحة زيتية كبيرة الحجم تصور مزهرية ورود، كان قد أتم الفنان العمل بها في ثلاثينيات أو أربعينيات القرن الماضي. ولعلك تتساءل الآن، كيف بمقدور صحافية مثلي، شراء عمل فني أصلي لهذا الفنان من الراتب الذي أتقاضاه؟

أو ربما لا أسمعك تقول شيئا من هذا القبيل. فأغلب الظن، أنه ليس لديك أدنى فكرة عن الفنان فيرنون وارد. لقد كان من أشهر الرسامين الإنجليز في النصف الثاني من القرن الـ20. حيث قام برسم الموانئ، والبجع والزهور والطيور، إضافة إلى رسم مشهد عاطفي بعض الشيء، لغرفة على الطراز الإدواردي.

ليس بمقدور أي شخص اقتناء عمل فني أصلي لفيرنون، لكن بمقدور الجميع الاستمتاع بأعماله الفنية. فقد تمت طباعة لوحاته الفنية بكثرة على منتجات مثل بطاقات التهنئة والصواني وأحاجي الصور المبعثرة، وآلاف المطبوعات الورقية عالية الجودة. لدرجة أنك إذا ذهبت لأي من التصفيات المنزلية، فإنك في الأغلب ستجد شيئا من هذه المنتجات معروضة للبيع.

فقد صعد نجمه كفنان مع تقدمه في السن “ذلك بسبب مستواه الذي وصفه النقاد المتعجرفون بلا هوادة أنه تجاري، ما أدى إلى تلوث سمعته الفنية خلال منتصف مشواره المهني”، وتدهورت حالته الصحية في الوقت الذي عرضت فيه أعماله في أرفع المعارض الفنية.

فحينها اعتقد كل من يراقب السوق الفنية، أن هذا هو الوقت الأنسب لشراء أعماله الفنية. هل هذا الفنان الرائع، ذو الشعبية العالية على عتبة الشهرة وقبول المؤسسة الفنية له، يمر بحالة مرضية أيضا؟

حسنا، مرحى لواقع العرض والطلب. لقد أخطأ المراقبون الظن، فاللوحة التي اشتريتها، لم تكلفني سوى 250 جنيها استرلينيا – في ظني أن هذا الثمن مرتفع شيئا ما. وفي الوقت الذي ستقرؤون فيه هذا المقال، فإنه يتم عرض إحدى لوحات وارد الجميلة عن البجع في المزاد العلني بمبلغ من المتوقع أن يراوح بين 400 و500 جنيه استرليني، لتكون من نصيب شخص محظوظ. ولكن ماذا عن المطبوعات؟ لقد تم عرض 138 نسخة منها على موقع “إي باي” حاليا، وكثير منها يتم بيعه في أماكن أخرى.

يفضل الباعة على موقع “إتسي” أعمال الفنان فيرنون، لأنهم يستطيعون باستخدامها تحويل التصفيات المنزلية غير الرائجة وبيعها على أنها مقتنيات كلاسيكية ثمينة. فحاليا، أقوم بالمساومة على إحدى مطبوعاته لبطة طائرة على صينية تقديم معتقة بقيمة عشرة جنيهات استرلينية، أما مطبوعته المفضلة لدي “بولروان لاندينج”، فهي محفوظة بأمان في كرة زجاجية محدبة ذات إطار بيضاوي، ثمنها 19 جنيها استرلينيا.

لقد كان من المحتمل أن تكون هذه الكرة الزجاجية معلقة في منزلي الآن، لو تمكنت من إيجاد خدمة توصيل تولي عناية فائقة بكرة زجاجية قابلة للكسر، من مدينة كوفنتري، وبسعر أقل من سعر الشراء.

ما أريد قوله في هذه النقطة، أنه إذا كنت ممن استثمر في شراء عمل فني لفيرنون لتحقق ربحا في المدى البعيد بناء على شهرته وزخم أعماله، فإن محاولتك قد باءت بالفشل.

هناك كثير من الحديث الرائج عن الاستثمار في الفن، وأنه طريقة رائعة لتنويع الاستثمار وزيادة العائدات طويلة الأجل. حيث تشير شركة “مادوكس” للاستشارات في لندن إلى أن الأعمال الفنية من مستوى “البلو تشيب”، قد فاقت مؤشر بورصة “فاينانشال تايمز” 100 402 في المائة خلال الـ20 عاما الماضية “وهو عائد مقداره 8.43 في المائة سنويا”.

وتعتقد شركة “ماستر ويركس الأمريكية” للاستثمار، أن قيمة الأعمال الفنية بين عام 1995 وعام 2020 قد ارتفعت 14 في المائة سنويا. وهو ما فاق كل من مؤشر “ستاندرد آند بورز 500″، والأسهم العالمية، وأسعار المنازل والذهب.

لا عجب أن يرغب الجميع بهذا الاستثمار. حيث تفضل جميع مواقع الاستثمار على الإنترنت أن تشير إلى تقرير “ديلويت” الذي وجد أن ما نسبته 85 في المائة من مديري الثروات يرون أنه ينبغي أن يكون الفن جزءا من محفظة متوازنة. ويبدو هذا الاستثمار من المعقول بمكان، إذا ما اطلعت على تقرير آخر لـ”ديلويت” تشير فيه إلى تدفق من الإيرادات المحتملة للأشخاص الذين يتوسطون عمليات بيع الأعمال الفنية وشرائها، حيث يتلقون أجرا نسبته 10 في المائة من قيمة الصفقة مقابل تمثيل العميل في المزاد العلني.

إذا فإنه من غير المستهجن أن يتدفق التمويل على الأسواق، مع رغبة الجميع في الاستثمار. وبالعودة إلى شركة “ماستر ويركس”، فهي شركة استثمارية جزئية وليست مجرد شركة استثمارية. حيث صرحت بأنها قد جمعت “قاعدة بيانات الأكثر اكتمالا للوحات الفنية التي أعيد بيعها على مدار التاريخ”.

ويخبرنا موقعها على الإنترنت بأن ذلك يمكنها من تحديد هوية الفنانين الذين يكتسبون زخما كبيرا من الاهتمام. وتقوم الشركة بعدها بشراء أعمال فنية لهم، ثم تحول هذه الأعمال إلى أسهم يمكن تداولها، ثم تطرح هذه الحصص للمستثمرين، الذين يقومون بدورهم ببيعها في أسواق ثانوية مخصصة لهذا الأمر.

يبدو ذلك جيدا، أليس ذلك؟ بعد كل هذا، إذا كان النجاح من نصيب الاستثمار الجزئي بهذا الزخم في السوق المالية، فما الذي يمنع من نجاح الاستثمار على الشاكلة نفسها في سوق الفن؟ أو حتى في سوق الأحذية الرياضية؟ إذا ما أصبحت عميلا في منصة “رير”، وهي منصة استثمارية، فسيصبح بمقدورك شراء حصة سهمية لحذاء رياضي (عفوا، المقصود هو “حذاء رياضي بمستوى الاستثمار”)، حيث بإمكانك تداول هذه الحصص السهمية مع مستخدمين آخرين في المنصة نفسها.

بالطبع هناك مشكلة تتعلق بهذا التصور. ففي المقام الأول، تتمحور المشكلة حول إمكانية إنشاء مؤشر أسعار للأعمال الفنية من أي نوع كان “فضلا عن إنشاء فهرس للأحذية الرياضية”. حيث تتضمن مؤشرات أسعار الفن، تلك الصور التي تم تداولها فعليا في المزاد العلني. وهذا جزء صغير من مجموع الأعمال الفنية، ولكنه في الغالب الجزء الذي يرتفع سعره على أي حال، لأن من المرجح أن نقوم ببيع الأصول التي ارتفعت قيمتها أكثر من تلك التي تعرضت قيمتها للانخفاض.

إذا، فمؤشرات الفن مؤشرات لقياس الزخم أكثر منها مؤشرات عامة للأسعار- حيث ينتهي المطاف بمعظم المشتريات الفنية، في أحسن الأحوال، إلى المستوى الذي وصلت إليه أعمال فيرنون الفنية، بينما تصل في أسوأ الأحوال، إلى مستوى الصفر. كما أنه من المستحيل تحديد قيمة أي من المقتنيات الأصلية. ففي النهاية، تبقى للأصول الأصلية قيمة متبقية. حيث قد يتم عرض سعر أعلى بكثير من قيمتها، لكن ستبقى هذه القيمة كما هي.

قيمة الأسهم تمثل مجموع الأرباح التي ستدفعها لك أو لأي شخص آخر في النهاية. أما قيمة السند السيادي فتتعلق بالقسيمة التي يدفعها، وقسيمة المنزل المحتمل تحقيقها من الإيجار. حيث تمثل كلها الأعمال التجارية، والحكومة، والأرض على التوالي.

لا يملك كل من الفن والأحذية الرياضية، وبهذا الصدد نفسه، الـ”إن إف تي” (الرموز غير القابلة للاستبدال) أي مصدر دخل نعتمد عليه في تقييمها. حيث لم يفلح ما نجح منها سوى في الفوز في سباق شعبية على المدى القصير أو المتوسط “وبالطبع يستثنى من ذلك الأعمال الفنية التي فازت في مسابقة للشعبية طويلة المدى”.

تمثل هذه الاستثمارات الزخم والضجيج و”الفومو” (الخوف من عدم اللحاق بالركب). فإذا لاحظنا هنا استطلاعا أجرته شركة “أوكسفورد ريسك”، كانت قد ظهرت نتائجه هذا الأسبوع، نجد أنها تقترح فيه أن ما نسبته 36 في المائة من مشتري العملات المشفرة في الأعوام القليلة الماضية، كانوا قد فعلوا ذلك على الرغم من جهلهم شبه التام بماهيتها.

قد تكون هذه الدوافع قوية. وقد تختفي عوامل كل من الزخم والضجيج والفومو بالسرعة التي جاءت فيها – وعندها سيظل المستثمرون في الأسهم يمتلكون شيئا ما، بينما لن يتبقى لمستثمري الأحذية الرياضية الجزئيين أي شيء.

ما نصيحتي؟ أنا أنصح العقلاء بأنهم إذا أرادوا شراء أحذية رياضية أو أعمال فنية، ينبغي أن يتجنبوا على الأقل النسخ الممولة منها ويقوموا بشرائها كلية “ويفضل شراء الفردتين خاصة في حالة الاستثمار في الأحذية”. ثم عليك، أقلها، أن تنظر إليها في منزلك – الأمر الذي يعطيها قيمة ترفيهية متبقية، على الأقل.

أما نصيحتي لغير العقلاء، فهي أنك إذا أردت الاستثمار فيما هو مقوم بمستوى قيمته الفعلية، فإني أستطيع أن أبيعك حصة جزئية من لوحة فيرنون الأصلية على هيئة “إن إف تي” فقط تواصل معي على البريد الإلكتروني.

المصدر الاقتصادية

مبادروة ملتزمون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى