الدولية

البنك الدولي يحتاج إلى عصر جديد من الشفافية

البنك الدولي يحتاج إلى عصر جديد من الشفافية

قبل ستة أعوام، طلب قادة البنك الدولي من شركة محاماة التحقيق في واقعة مثيرة للجدل تتعلق بالصين. لا، لم يكن هذا مرتبطا بتقرير “ممارسة الأعمال” الذي أثار الدراما في وقت سابق من هذا الشهر، وسط مزاعم بأن البيانات قد تم تعديلها لمصلحة الصين من قبل كبار مسؤولي البنك السابقين.
عوضا عن ذلك، كان الجدل القائم في عام 2015 حول “قرض” تبلغ قيمته مليار دولار قدمته الصين للبنك، الذي عارضه في ذلك الوقت جميع كبار مسؤولي الخزانة السبعة الذين يديرون شؤون البنك ومؤسسة التنمية الدولية – وأثار تحقيقا من قبل شركة محاماة خارجية، هي لوك لورد.
اليوم، اختفت حلقة 2015 هذه تقريبا تماما عن الأنظار، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن تحقيق لوك لورد لم يتهم أي شخص في النهاية بارتكاب مخالفات ولم يتم نشر التقرير مطلقا. (من الواضح أن الصين عارضت نشره، كما أخبرني مسؤولو البنك الدولي.)
ولكن يجدر بنا أن نأخذ في الحسبان هذه الملحمة غير المعروفة مرة أخرى اليوم، لإعطاء سياق أوسع لأحدث دراما حول البنك وتصنيفاته لممارسة الأعمال. أحد الأسباب هو أن قصة 2015 هذه يجب أن تذكرنا بأن هذه ليست المرة الأولى التي يظهر فيها الجدل حول دور الصين في المنظمات متعددة الأطراف، كما أنها ليست المرة الأولى التي توجد فيها مزاعم بأن كبار المانحين قد حاولوا إخضاع قواعد البنك لإرادتهم.

 

البنك الدولي يحتاج إلى عصر جديد من الشفافية

وعلى كل، فإن نزاع 2015 يؤكد أيضا على نقطة ثانية مهمة. فمثلما سيستفيد البنك من تطبيق نظام أكثر استقلالية لكتابة التقارير الاقتصادية، فإنه سيستفيد أيضا من وجود وتوطيد قواعد أكثر اتساقا وتماسكا وشفافية حول التدفقات المالية.
إن هذه النقطة مهمة بشكل مضاعف في الوقت الحالي نظرا إلى أن البنك يتعرض لضغوط لتوسيع بصمته المالية بطرق مبتكرة لمعالجة قضايا مثل تغير المناخ. فهذا الأسبوع، على سبيل المثال، سمعت مجموعة من الدعوات للمنظمة لإنشاء مشروع تمويل أخضر جديد خلال اجتماع لمجموعة مستثمري الأمم المتحدة.
لفهم سبب أهمية القضايا المؤسسية، قد يكون تاريخ ملحمة عام 2015 مفيدا. إذ إنه في الأعوام الأولى من العقد الماضي، كان مسؤولو البنك الدولي يبحثون أيضا عن طرق مبتكرة لجمع الأموال من أجل قضايا التنمية الجديرة بالاهتمام. وواجه المانحون الغربيون، مثل الولايات المتحدة، ضغوطا مالية. لكن الصين عرضت التدخل في صفقة تبلغ قيمتها مليار دولار.
كانت هناك مفاجأة. فلم ترغب الصين في استخدام قرض أو منحة، كما فعلت دول أخرى في السابق، ويعود ذلك جزئيا إلى القيود المحلية المعقدة حول مستوى أسعار الفائدة التي يمكن أن تتقاضاها على القرض. بدلا من ذلك اشترت الصين سندا طويل الأجل كانت قيمته تبلغ مليار دولار أصدرته مؤسسة التمويل الدولية (أحد أذرع البنك). وقد تم تخصيص هذه الأموال للتنمية، من خلال برنامج وكالة التنمية الدولية التابعة للبنك الدولي.
عندما وصلت أخبار هذه الصفقة إلى الإدارة العليا في البنك، غضب المسؤولون في فريق الخزانة في البنك (الذين أشرفوا أيضا على الوكالة الدولية للتنمية). فقد أرسلوا عشرات الشكاوى إلى مجلس إدارة البنك محذرين من أن الصفقة استثنتهم من عملية صنع القرار وانتهكت بروتوكولات التمويل، والإبلاغ والاستثمار السابقة.
وكما اشتكت إحدى رسائل البريد الإلكتروني في كانون الثاني (يناير) 2015 التي تم اطلاعي عليها، “إننا نرحب بدعم الصين وشراكتها… إن مخاوفنا تتركز حول، الافتقار التام للشفافية في المفاوضات على هذه الصفقة وانهيار الحوكمة، وتضارب المصالح، وانتهاك الفصل بين الأدوار والمسؤوليات “. أواه.
ومع ذلك، رفض موظفو البنك المسؤولون عن إعاقة صفقة المليار دولار هذه الانتقادات، وأصروا على أن هيكلها هو السبيل الوحيد لاستيعاب الصين. وخلص التحقيق في النهاية إلى أنه لا يوجد دليل على الاحتيال أو عدم الأمانة، وعزا النزاع إلى “عدم الوضوح فيما يتعلق بأدوار الفرق المختلفة… لذلك يختلف الأشخاص ذوو النيات الحسنة في كل مجموعة حول أدوارهم ومسؤولياتهم”. بالعربية الفصحى، تم تقديمها على أنها حرب نفوذ.
بعد ستة أعوام، لا يزال هذا “القرض” يحمل بعض الدروس عندما يتعلق الأمر بمختلف القضايا التي تواجهها المنظمة متعددة الأطراف اليوم. آخر هذه الدروس، أن الملحمة تظهر أهمية وجود هياكل وعمليات حوكمة منسقة وذات شفافية لعمليات الخزانة في بنوك التنمية متعددة الأطراف.
في النهاية، حقيقة أن عديدا من مسؤولي وزارة الخزانة كانوا غير راضين عما عدوه مخالفات للقواعد الداخلية حول هذا القرض الصيني البالغ مليار دولار كان ينبغي أن تثير نقاشا مفتوحا، حتى لو دحض التحقيق المزاعم حول ارتكاب مخالفات. يظهر تاريخ وول ستريت أن الصفقات الغامضة نادرا ما تكون فكرة جيدة.
ثانيا، لقد حان الوقت لأن يتبنى البنك الدولي وينفذ قانونا يتعلق بحرية المعلومات، الذي من شأنه أن يسمح للأطراف الخارجية بفحص الوثائق المتعلقة بالتمويل – أو أي شيء آخر – لمعرفة ما إذا كانت القواعد قد تم انتهاكها، أو أنه تمت موازنتها. إن المنظمة حذرة بالفعل في هذا الاتجاه. ولم يتم نشر تقرير لوك لورد لعام 2015 مطلقا (على الرغم من تسريب الملخص). ومع ذلك، قرر المجلس هذا العام أن ينشر بسرعة تقرير مجموعة ويلمر هيل القانونية حول مزاعم ممارسة أنشطة الأعمال الأخيرة. هذا تقدم.
يجب أن تصبح السابقة الآن هي القاعدة، وليست الاستثناء، إذا أريد استعادة ثقة أوسع في البنك وبنوك التنمية المتعددة الأطراف الأخرى. وإذا كان هناك وقت تقوم فيه الحاجة لعمل البنك في المجالات الحاسمة مثل التخفيف من حدة الفقر أو معالجة تغير المناخ، فهو الآن. لهذا السبب، فإن الأمر بحاجة إلى المصداقية – وليس الجدل.

رابط الخبر

 
مبادروة ملتزمون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى