40 مليار ريال كلفة هدر ثلث الطعـــــــام في المملكة سنويا
40 مليار ريال كلفة هدر ثلث الطعـــــــام في المملكة سنويا
اثارت تصريحات وزير البيئة والزراعة مؤخرا بشأن ارتفاع هدر الغذاء في المملكة إلى 40 مليار ريال سنويا استياء الكثيرين في الاوساط المجتمعية والاقتصادية وذلك نتيجة للاسراف وعدم الاهتمام بالترشيد ، الامر الذى من شأنه ان يؤدى الى ارتفاع الاسعار والتضخم من جهة أخرى. وفيما يعول الكثيرون على الوعى بخطورة الظاهرة وتداعياتها على مختلف الاجيال ، يرى اخرون ضرورة التوسع في توزيع فائض الاطعمة والمشروبات يوميا ، والحد من الاسراف في الولائم والمناسبات. وفي هذا التحقيق نحاول أن نسمع من الخبراء والمختصين إجابات عن الآسئلة الهامة مثل ما هي الأسباب المؤدية لإرتفاع مستوى هدر الغذاء في المملكة؟ و ما هي الآلية ذات الفعالية التي يمكن من خلالها التقليل من حجم هذا الفقد سنويا ؟ وهل يمكن التعويل على الوعي وتعزيز الوازع الديني؟ وعلى الجانب الآخر يبقى السؤال ، ماهى آثار هذا الفقد والهدر على الصحة والبيئة والاقتصاد ، لاسيما وانه سبق وان تم تشكيل العديد من اللجان لمعالجة الظاهرة دون جدوى.
40 مليون طن هدر في السلع
كشفت دراسة حديثة أن الهدر والفقد الغذائي يكلف المملكة 40.4 مليار ريال سنويا على أساس الإنفاق الاستهلاكي، بينما يبلغ وفقا للسلع المستهدفة 4.06 مليون طن بنسبة تصل إلى 33.1 في المائة سنويا، و تبلغ مساهمة الفرد نحو 184 كيلو جراما من الغذاء المهدر.وأكدت الدراسة التي أعدتها المؤسسة العامة للحبوب أن الهدر في الخضراوات يتجاوز 335 ألف طن سنويا، بينما يبلغ في خضار الكوسا 38 ألف طن، والبطاطس 201 ألف طن، والخيار 82 ألف طن، والبصل 110 آلاف طن، والطماطم 234 ألف طن.
وبحسب الدراسة التي استهدفت 30.8 ألف عينة، بلغ الهدر والفقد في الدقيق والخبز 917 ألف طن سنويا، فيما تهدر 557 ألف طن من الأرز، و22 ألف طن من لحوم الغنم، إلى جانب إهدار 13 ألفا من لحوم الإبل، و41 ألف طن من اللحوم الأخرى، و444 ألف طن من لحوم الدواجن، فيما تبلغ نسبة الهدر في الأسماك 69 ألف طن سنويا. وأشارت الدراسة إلى أن حجم الهدر في التمور يبلغ 137 ألف طن، والفاكهة بشكل عام نحو 608 آلاف طن، والبرتقال 69 ألف طن، والمانجو 12 ألف طن، والبطيخ 153 ألف طن. وتشير الأرقام إلى أن حجم الفقد والهدر عالميا يبلغ نحو 1.3 مليار طن سنويا، على الصعيد العالمي، ويفقد العالم ما نسبته 14 % من الغذاء المُنتج في مرحلتي الحصاء وعروض التجزئة، كما تفقد كميات كبيرة كذلك في مستويات الاستهلاك.
لجنة حكومية للحد من الهدر الغذائي
تقول الدكتورة آمال بنت يحيي الشيخ أن تصريح وزير البيئة والمياه والزراعة عبدالرحمن بن عبدالمحسن الفضلي عن ارتفاع نسبة الفقد والهدر الغذائي إلى أكثر من 33%، بكلفة 40 مليار ريال سنوياً يمثل أكبر تحدٍ للأمن الغذائي، والجهود الكبيرة التي تبذل في هذا المجال الهام.
ولفتت الى الكثير من الإنجازات التى شهدها الوطن مؤخرا خاصة في قطاع الزراعة من خلال المبادرات الوطنية و التعاون مع المنظمات الدولية والإقليمية التي تخدم مستهدفات رؤية 2030 فيما يتعلق بتحقيق الأمن الغذائي والمائي والتنمية المستدامة، وطالبت الشيخ بتشكيل لجنة حكومية لبحث هذه الظاهرة المتنامية ووضع الحلول العاجلة لها بحيث يكون معدل الهدر مع عام 2030 لا يتجاوز 2% كحد أقصى، واعادت الى الاذهان تشكيل لجان في فترات متفرقة خلال العقدين الماضيين مشيرة الى ضرورة معرفة ما توصلت له حتى نكمل من حيث انتهوا لأننا اليوم نخوض سباقا مع الزمن من أجل تحقيق الرؤية.
فرز مخلفات الطعام في حاويات خاصة
تؤكد الدكتورة مها عبدالغفار العياش بجامعة جدة، على ضرورة فرز مخلفات الطعان في حاويات خاصة على غرار تجربة الحج الاخضر التى ترعاها امارة منطقة مكة المكرمة ، ودعت الى عدم الوقوف مكتوفي الأيدي أمام ازدياد نسبة هدر الطعام سنويا مؤكدة على ضرورة توعية المجتمع بدءاً بالمنزل بالتخطيط للوجبات الغذائية و شراء ما يحتاجه أفراد الأسرة فقط وملاحظة تاريخ انتهاء صلاحية الأطعمة ،كما يمكن استخدام طرق مختلفة لجعل الطعام يدوم لفترة أطول كالتجفيف و التجميد. وأشادت بالتبرع بالطعام الزائد للجمعيات الخيرية داعية لضرورة تخصيص حاويات للنايات بألوان مختلفة لفرزها اقتداء بتجربة الحج الاخضر التي تطبق برعاية إمارة منطقة مكة المكرمة ، كما شددت على دور التعليم والمناهج التي يجب أن تصب في رفع مستوى الوعي بين الطلاب بضرورة الترشيد وعدم الاسراف في الطعام والشراب .
زيادة الهدر يرفع معدلات الأسعار
ارجعت الدكتورة تغريد سطم النصيري بجامعة الجوف، تناقص الكتلة الغذائية لأسباب عديدة بداية من مراحل الإنتاج والحصاد، وحتى البيع بالتجزئة وعدم الوعي الصحي والبيئي بفاقد الغذاء مثل زيادة الشراء بكميات كبيرة في المناسبات وما ينتج عنها من فقدان وهدر للمنظومة الغذائية وصل إلى أكثر من 33% بما يعادل 40 مليار ريال سنوياً بالمملكة. ولفتت الى عدم كفاءة الآليات المتبعة للمحافظة على الغذاء مثل عدم كفاية التبريد وسوء النقل وتعرض المنتجات الغذائية للتلوث والحرارة والرطوبة والاستهلاك الكبير الذي يزيد عن الحاجة مضيفةً أن هدر الغذاء يؤدى الى ارتفاع الأسعار للمستهلكين إضافة إلى ما يرتبط بذلك من مشاكل بيئية مثل ندرة الموارد المائية وقلة خصوبة التربة مما يؤدى إلى زيادة الطلب على الاستيراد وارتفاع الاسعار والتضخم .
دور سلبي لمشاهير مواقع التواصل
حذرت إلهام آل شاعبه محامية من خطورة الرياء وحب الظهور، والدور السلبي لمشاهير مواقع التواصل الاجتماعي مذكرةً بقول الله تعالى: (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنهُ لايحب المسرفين).
واشارت إلى ضعف الوازع الديني لدى الكثيرين مطالبة بأهمية إيجاد طرق جديدة ومبتكرة لحفظ النعم وتوعية المجتمع و تفعيل دور الجمعيات الخيرية، وربطها برقم موحد. وحذرت من استمرار الهدر الغذائي على هذه الوتيرة لأنه يعني تحجيم التنوع البيولوجي على المستوى المحلي والعالمي و هدر نصف مساحة الأراضي الخصبة و زيادة البصمة الكربونية وتسريع تغيير المناخ،
حصة الفرد من الهدر 184 كجم سنويا
رأى الدكتور تركي سعد آل غرسانـ عضو هيئة تدريس بجامعة جدة أن قلة الوعي من جميع الأطراف (منتجين ومستهلكين) والعادات الاجتماعية الخاطئة سببان رئيسيان لارتفاع معدل الهدر الغذائي.مشيرا إلى الدراسة الميدانية التي أعدتها المؤسسة العامة للحبوب ضمن برنامج التحول الوطني، والتى اشارت الى ان الفرد في المملكة يهدر ما يقارب من 184 كجم سنوياً. وحذر من الأثار الصحية والبيئية والاقتصادية للظاهرة التي تظهر مؤشراتها في ارتفاع نسبة السمنة واستهلاك الموارد البيئية لتغطية احتياجات الفرد وبالتالي ارتفاع تكلفة الشراء والغلاء في الأسعار
الهياط الاجتماعي وراء الظاهرة
تؤكد الدكتورة دولة سعيد العمري بجامعة جدة ان ظاهرة الهدر الغذائي و الأرقام المخيفة التي أُعلن عنها مؤخرا تعود لأسباب متعددة منها غلبة الكثير من السلوكيات الفردية والمجتمعية الخاطئة و أهمها شراء ما يزيد عن الحاجة ثم التخلص منه.
وبعض عادات «الهياط» الاجتماعية لدى البعض و التي تدفعهم للاستدانة من أجل المبالغة في إكرام الضيف، وحذرت من قلة الوعي بأهمية ترشيد الاستهلاك و ضعف الوازع الديني و الاسراف والتبذير فيما أمر الله بحفظه و شكره ليدوم ، وترى ضرورة التحرك في اطار عمل مؤسسي بمؤشرات و أدوات محاسبة حتى يتغير الواقع الراهن.
5 نصائح لترشيد الاستهلاك
اشار الدكتور مجدي حسن الطوخي استشاري الصحة العامة والامراض المعدية والخبير البيئي إلى أن كمية الهدر الغذائي المرتفعة سنوياً تؤكد الحاجة الملحة لضرورة العمل على تعزيز التعاون بين الجهات الحكومية والمنظمات غير الحكومية والمطاعم ومتاجر التجزئة حول كيفية إعادة استخدام الأغذية وتدويرها مشيرا للمفاهيم المتداولة الخاطئة الواجبة تصحيحها مثل «الزود ولا النقص». واشار الى الحملة التي انطلقت في بداية شهر إبريل الماضى تحت شعار «النقص ولا الزود»؛ لتوعية الناس بخطورة هذه الأساليب والسلوكيات الخاطئة والعمل على تقليل هدر الطعام لضرره على الاقتصاد وصحة الإنسان والبيئة. ونصحت بالتخطيط لشراء المنتجات الغذائية التي تتماشى مع عدد الأسرة وحاجاتها، وعدم التسوق اثناء الجوع وعدم الإكثار من الأصناف في الوجبة الواحدة وابتكار وصفات من بقايا الأطعمة.
والتعامل مع الإعلانات التجارية بوعي وعدم الانصياع لشراء منتجات لا حاجة لها.
الاسراف في الطعام هدف لعشاق التريند
تقول الدكتورة مريم عبدالرزاق الجوفي بجامعة جدة : نعاني حاليا من ظاهرة الإسراف في إعداد الولائم والموائد للضيوف ، حتى أصبح البدخ في الطعام مقصد فئة من المجتمع تلهث وراء الحصول على ترند او هاشتاق يشيد بما تم إحرازه وتحقيقه من أرقام قياسية من الهياط ! مشيرةً إلى أن أحد أهم أسباب الفقد في الغذاء هو الإسراف في الأعراس والمناسبات ، واقترحت فرض عقوبة على من يقوم بهذا العمل ويجاهر به في وسائل التواصل الاجتماعي و الاستعانة ببعض مشاهير وسائل التواصل ذوي المحتوى الجيد ، و ليكن شعارنا في هذه الحياة حديث الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام (طَعامُ الواحِدِ يَكْفِي الاثْنَيْنِ، وطَعامُ الاثْنَيْنِ يَكْفِي الأرْبَعَةَ.)
برنامج وطنى للحد من الهدر
أطلقت المملكة عدة مبادرات للحفاظ على مواردها الطبيعية وحسن استغلالها ومنها «البرنامج الوطني للحد من الفقد والهدر في الغذاء» الذي اسند تنفيذه الى المؤسسة العامة للحبوب. ويهدف البرنامج الى نشر الوعي بأهمية التنويع الغذائي و استخدام الموارد الطبيعية الزراعية بكفاءة.
والتعريف بالأمراض الناتجة عن الهدر الغذائي وكيفية التعامل مع النفايات و تشجيع الحد من الفقد والهدر الغذائي و اعادة استخدام الأغذية
وتعزيز التعاون بين الجهات الحكومية والمنظمات غير الحكومية والمطاعم ومتاجر التجزئة.
40 مليار ريال كلفة هدر ثلث الطعـــــــام في المملكة سنويا