المقالات

الجٓمّالة

بقلم – محمد الرياني

تناولنا طعام الغداء في يوم زواج جارنا ، قال لي ونحن نغسل أيدينا والوقت قريب من العصر هيا بنا إلى الجمّالة ، تذكرت غابات الأراك وابن عمتي وزوجته وابنهما ، وصلنا أرضا يسكنها الخير والفرح ، رائحة الأرض عندهم تعبق برائحة السيل ، وأصوات الدواب تملأ الأزقة انتشاء بمقدم موسم الغيث ، فرشوا لنا المكان ؛ فنحن ضيوف أعزاء عليهم جئنا من الوادي الشهير ، كان ابن عمتي يسأل عن الحاضر والغائب ، عن المسافرين والقادمين، وعن الطبيبة الشعبية المشهورة ، وعن الأرض عندنا هل زارها السيل من قريب أم لا؟ ، وكانت زوجته تسأل عن فلانة هل أنجبت أولادا بعد زواجها ؟وعن صديقتها القديمة ما أخبارها وهل تعافت من وجعها ؟ وتستفسر عن التي سافرت إلى الشام كم أولادا معها ؟ وينهض زوجها ليسأل عن الثور الأبيض هل لايزال يحرث الأرض كما كان يفعل من قبل؟ ، مضى النهار وحلّ الليل لتتألق قصته ، ظهر القمر مستديرا وكأنه في أقرب نقطة من الأرض ، طلبنا منهم أن يسمحوا لنا بالمغادرة ، تركنا المكان ونحن لانريد مفارقتهم وهم لايريدوننا أن نبرح المكان ، قطعنا أكثر المسافة نحو وادينا حيث قريتنا الصغيرة ، في الطريق ضاعت خطانا ، تبدلت الجهات ، رأينا القمر في غير مكانه ،عدنا إلى حيث أتينا ، قلت لوالدي يبدو أننا راجعون إلى الجمّالة ، إنني أستروح أشجار الكباث ، قلتها مازحا ! سألت أحد سالكي الطريق عن وجهتنا ، قال لي : ارجع إلى طريقك ؛ يبدو أنك (عائم ) ، عكست السير وسلكت الطريق الذي أتيت منه ، كان نصف الليل قد انقضى والقمر يكاد يشق الرمال من شدة بياضه، وصلنا بعد رحلة تاريخية، نمت تلك الليلة من التعب والدوار الذي ضرب رأسي ، أشرقت الشمس ولا زلت أستنشق رائحة الأرض والأشجار الطاهرة ، وفي رأسي حديث نجمين على الأرض والقمر فوقهما يضيء الكون .

مبادروة ملتزمون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى