زوجين من الأحذية

منصة الحدث ـ بقلم ـ وعد سعيد
كمن جمع بجعبتهِ أمآلٌ كثيرة، عاينَ الصغيرُ صندوق الأمنيات الموضوعِ في ركنِ الحي، فلَم يجد سوى ظلمة الصندوق وفراغ وبعض الغبار، يبدو كما يتراءى له أن أمنيتهُ لم يحن موعد تحقّقها بعد،اِنجلت على معالمهِ آثار خيبةٍ كابد لأخفائها اِمتزج معه ابتسامةٌ لا تناسب حالهُ البّتة، سارَ عائدًا يجرُّ خلفهُ أذيالُ الخيّبة ربما هذه المرة الخامسة التي يتفحص فيها صندوق أمنياتهِ فلا يجد فيها أي شيءٍ، في البداية كان يعود وهو غارق في الأمل إلا أنه ودون أن يدرك كان اليأس يسيرُ مقترباً منه حتى نجح بالسطو على مشاعره الهشّة، لم يخمّن طِوال هذه المدة التي يسير فيها ذهابًا وإيابًا أن زوجين من الأعين كانت تراقبانه بعينان تنضحان فضولاً.
عاد بعد ثلاثة أيام وقد غلبه القنوط تعجّب بوجود رجل يعرفهُ جيداً إنه الخبّاز الذي يطعمُ الطيّور قربَ صندوق أمنياتهِ!
ألقى عليهِ التحية وعاينهُ باستفهامات تطوف حولهُ، تبسّم له الخباز وقال:
“لا تدع اليأس يغلبك في هذا النزال يا صغيري، عملت بجد طوال الوقت في الحفاظ على اِبتسامتك العذبة هذه، وحذائك الرث تحملته طويلاً، تسميهْ صندوق أمنيات بينما يسميه العامة بنك الملابس ..أغمض عينيك وتحلّى بالإيمان لآخر مرة وتأمل لعل ما تتمناه سيحدث!”
اِرتجف قلب الصغير وهرع نحو صندوق أمنياتهِ ففوجئ بوجود زوجين من الأحذية التي لطالما أنتظرهُ بفارغ الصبر والأمل، لم يحاول البّتة إخفاء البهجة التي إكتنزها داخله وتجلّت على معالمه البهية اِحتضن الحذاء والسعادة التي اِنهالت عليه دفعةً واحدة خرجت على هيئة ضحكة زينت محيّاه.