الدرك الاسفل من السخم
منصة الحدث ـ بقلم الكاتبة ـ وعد سعيد
انا لا أستطيع الخروج عن هذا الإطار الذي خُلقَ من المجهول، إنني متعبة من ضيق المكان وكآبة الألوان ،ذاتي حبيسة، حوافٌ سوداء معتمة، كلما حاولت التفكير بأمورٍ تشبه الحياة خارج إطارها
الأدهم؛ يروادني الموت فجاة! ،أخشى أنني لن أنجو.
كانت مجرد غيمة سوداء عابرة حطت فوق راسي قدر شبر ،حين راحت تتراقص فوقي وتعاقبني بنظرة مشؤومة سأملكها طِوال حياتي، أما الآن تجسّد كلياً في هيئة وحش أمسى يعشو نحوي بخطواته الوئيدة يغرس أنيابه في أضلعي فيهشم روحي لأجزاء ،يتبعني شيئاً فشيئا كظلمةٍ سحيقة يظهر في كل زمان،
باهتٌ مليءٌ بالقلق ، يجر أقدامي وينتشل حبوري، يتمرغ بداخلي يكاد يملأني،يظل يحبو خلفي وكلما اِختليتُ جلس بجانبي وهمس لي بهوادة بصوته الرخيم:
“ذلك الدواء أمامك ستة أقراص ليست مؤذية والخطة بسيطة! عشرة منها وأربعة للتاكد من إنهاء الالم دفعة واحدة أو البقاء في مخاض الحياة..”
يتأمل انحساري غرقي في قتامهِ المريع ،لِمَ يعتقد أن ديجوره مبجّلٌ هكذا؟ وكأنه السبيل الوحيد ،يجبرني على اعتناق مبدأه الكَمِد، وكل ليلة حين يهبط رأسي على وسادة المساء أترقبُ بارتياعٍ حضوره، هو ليس مخيف كما ينجلي عليه بل هو مؤلم غليظ ومرهق بشكل بائس.
ذات ليلة قررت التذوق من كأس الشعور علّ هذا التبلد يزول إلا أن ما استطعمته هو ألمٌ مفاجئ في صدري يحاكي وميض حزنٍ برّاق انبثق أثناء تلاوة أنفاسي للحن الهلاك المؤقت ،قلبي يُعزَف كالكمان انني أختنق بينما أفكاري تهوي في الدرك الأسفل من السخم هناك حيث يتماهى الواقع واللاواعي وينمزج فلا أدرك أين أنا!
مغيبةُ العقل استسلم للشهيق، ثم اصحو رويداً رويداً يهدئ اختلاجي وسربٌ من النمل يكفن أطرافي
دقائق طويلة ثم يهم بالإنصراف ..انها مجرد نوبة هلع!