إمام و خطيب المسجد النبوي الشيخ القاسم : من أعظم ما تذهب به أيام العام سُدىً اضاعة الأوقات من غير عمارة الآخرة
منصة الحدث ـ متابعات
خطب وأم بالمصلين فضيلة الشيخ الدكتور عبدالمحسن بن محمد القاسم إمام وخطيب المسجد النبوي.
وبعد أن حمد الله عز وجل بدأ فضيلته الخطبة بقوله: أيها المسلمون جعل الله الحياة الدنيا داراً لابتلاء العباد واختبارهم, يقطعون مراحلها سائرين إلى دار البقاء فهي مزرعة العاملين, وسوق العابدين, وقد قال تعالى (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) فمن أحسن العمل فاز واستحق الثواب, ومن أساء وقصَّر خسر واستحق العقاب, والغاية التي من أجلها خلق الجن والإنس في هذه الحياة أن يعبدوا الله وحده دون سواه, وقد أعانهم على هذه الغاية بما نصب لهم من الشواهد في أنفسهم وفيما حولهم, وبما أرسل إليهم من الرسل, وأنزل عليهم من الكتب., فقامت عليهم الحجة, واستبانت لهم المحجَّة, وضرب لكل عبد أجلاً, وحَدَّ لكل مخلوق حَدَّاً, وكتب له في علمه عمُراً, فعُمر العبد في هذه الدنيا هو محل محلُّ عمله وكدحه إلى ربه قبل أن يلاقيه.
وأكمل فضيلته: كل عام ينقضي من عمر العبد – بل كل يوم من أيامه- فيه تذكرة بأن لكل بداية نهاية, وأن لكل أجل كتاباً, ولكل فاتحة ختاماً, ولكل بنيان تماماً, وفي طلوع فجر العام الجديد ما يذكِّر النفس بأن الفرصة لا تزال حاضرة, وأن الأمل لائح, والرجاء قائم, والعاقل الموفق من يحصي على نفسه نتيجة عمله, وثمرة عمره, كما يحصي أرباح تجارته وخسارته, فالعمر هو رأس كل مخلوق, وعدَّته الصحة وسلامة القوى, وأكثر الناس مغبون فيهما, قال النبي صلى الله عليه وسلم (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ)
وأضاف: ومن أعظم ما تذهب به أيام العام سُدىً اضاعة الأوقات من غير عمارة الآخرة, قال ابن القيم رحمه الله: ( أبغض الخلق إلى الله البطَّال الذي لا في شغل الدنيا ولا في سعي الآخرة).
واختتم فضيلته الخطبة عن الأشهر الحرم فقال: قد أظلكم شهر الله المحرم, أضافه الله إلى نفسه لأن تحريمه من الله لا من غيره, فهو أحد الأشهر الحرم التي حرمها الله في كتابه, ونهى عن ظلم الأنفس فيها بالمعاصي والذنوب, وقال ابن عباس رضي الله عنهما (الذنب فيهن أعظم, والعمل الصالح والأجر أعظم.
وكثرة التطوع بالصيام في هذا الشهر فعل مسنون, وأفضل ما يُتحرى من أيامه بالصيام يوم عاشوراء فقد صامه النبي صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه., فهو يوم أنجى الله فيه موسى وقومه, وأغرق فرعون وقومه, فصامه موسى شكراً لله.,
وأضاف فضيلته: أن ليس لفاتحة العام مزية في الشرع, ولم يرد فيه فضل ولا خصيصة, وتخصيصه بعبادة بدنية أو مالية أو غيرها إحداث في الدين.