القريحة الأدبية إرضاءها وجودتها

منصة الحدث ـ بقلم الكاتبة : شوق السماعيل ـ @sh9009_
أي كاتب من شأنه أن يستحثّ قريحته الأدبية من مصدرٍ ما ، يبعث بالإلهام وتنبثق منه شرارته الأدبية ، ولكن السؤال هو : كيف يكون بوسعنا إرضاء جموح هذه القريحة ؟ وأنى لنا كمعشر كتّاب متمرسّين أو حتى مبتدئين أن نضمن جودتها الأدبية ؟
ففي فُسحة الأدب ، ونافذة الشعر ، يُحتم وجود مسكة أدبية يُهيمن من خلالها على بلاغة المحتوى الأدبي وفصاحته ، ولُجيّة مبعوثه ، ويكمن ذلك فيما يختلج في مكنون الأديب ، وما يموج في مخيّلته الخصبة ، ورحابة أفكاره ، والقدرة على صياغة مشاعره صياغةً مُتقنة يُشهد بها تطريز الأحرف تطريزاً أدبياً بحتاً .
وشريطة ذلك : نُظم الكلِم بطريقةٍ بديعة ، ونسج المحتوى الأدبي من لُب الأديب كما لو كان نهِماً لإنتقاء أعذب المأكولات في مأدبةٍ ما .
وليس من الضروري أن تُدرج القريحة تحت الشعر والقصائد وحسب! بل هي ملكة الإجادة ودلالة التمكّن للأدب بشتى أنواعه ، ولو أطلنا النظر ، لوجدنا أن هناك الكثير من الكتب والمؤلفات العربية التي تخلو من الإبتداع والإستنباط الأدبي ، وهذا ما يُرسخ تماماً أهمية أن يدأب الأديب في سعيه وبذله على جودة قريحته حتى يُشهد له بالبراعة ، ولا ينكفّ عن الدأب حتى وإن بلغ ذلك ، لضرورة التمرّس والتطوير بشكلٍ متواصل .
بل وبلغنا زمناً مُلبداً بأشباه الكتّاب الذين لم تسود القريحة الأدبية في موادهم المقدمة ، ومن القريحة ماهو فطريٍ ومكتسب ، ومنه ما يتحوّر طردياً مع الجهد المبذول للأديب ، بل وإن أكثر ما تستفيض منه تلك القريحة هي دواخل الأديب أو الشاعر / من نقدٍ لاذع ، وعصارة تجارب ، ومرارة مواقف ، وإحساسٍ مُغمّد نتاج أثر نفسي مُتراكم ، ولذلك نجد أن أكثر النصوص الحزينة ، والمرثيّات المصفوفة ، هي أجود مواد الأدب ، والأكثر إرضاءً لنفس قارئها وكاتبها ، مما بها من عاطفةٍ وثيقة ، وغذاءً للأفئدة ، فيُعزز ذلك من قوّة الحرف ، وكفاءة الرسالة ، حتى تتوافق مع الحضارة الأدبية شكلاً ومضموناً ، وقد تغدو تلك المادة الأدبية المقدمة وظيفةً تعليمية ومنهجية ونموذجاً مُتناولاً في الساحة الأدبية والثقافية وغيرها ، لأنه بلا شك ؛ قوة القريحة تعني قوة الفكرة وقوة الفكرة تعني قوة الرسالة ، وقوة الرسالة تعني قوة ما يعوم في الفضاء الفكري والأدبي
ومن نماذج قوة القريحة الأدبية هي أشعار وكتابات الأديب والسفير الدبلوماسي ” غازي القصيبي ، رحمه الله لما يتوفر بها من عناصر ومقومات المحتوى الأدبي ، بالإضافة إلى الإلهام ، والعاطفة والمنطق اللذان اجتمعا رغم نقيضهما وخلَقا قريحةً أدبية مميزة للغاية تشهد لها الساحة الأدبية بقوة حتى رغم مرور أعوام طائلة على تاريخ نشرها ، وهناك الكثير من الأسماء اللامعة التي لا يسعنا ذكرها ، ولكننا نسعى جاهدين كأُناس شغوفة في المجال الأدبي أن نستلهم منهم إبداعاتهم ونأخذهم بعين الإعتبار كنماذج ناجحة برعت في تخصصها والخوَض في مَغاره .