المقالات

سهام الحياة النابضة


بقلم/ مشاري الوسمي :

الغرائز لاتُدرس.. فنحنُ لا نُعلم أبنائنا الجوع، العطش أو الرغبة في قضاء حاجتهم، و لانعلمهم الخوف أو الحب، نحنُ أداة توجيه فقط لتصحيح مسار هذه الرغبات و تهذيب الغرائز لترتقي لمستوى الآدمية السوية …

من هذه الغرائز الحب، فهو يُولد معنا و يتطور مع تقدمنا بالعمر، يبدأ بالكل، فالطفل لا يعرف الكره أو الحقد، بالتالي هو يحب و يمرح وسط الجميع دون أخذ الحيطة و الحذر من نوايا البشر و خباياهم ..

و مع تطور نمط الحياة من حياة بسيطه تقليديه إلى حياة سريعة رقمية مر الحب فيها بعدة مراحل ..

هُنا لن نسرد قصص العاشقين الأوائل أصحاب القصائد الألفيه في وصف المعشوقه الحسناء .. و لكن أتحدث عن حب الزمن القريب في عصر الأجداد، و كيف كانت المرأة تقضي حياتها متفانيه في خدمة زوجها و أبنائها و هي سيدة أميه لا تقرأ و لا تكتب، و ليس لديها أي خلفية عن الدراسات الجديدة حول علاقة الرجل بالمرأة، و لا عن كيفية الحفاظ على الزوج داخل منزلها.

أما اليوم فالحب أصبح عملة نادرة، قلما تجد الرجل الصادق الوفي و المرأة الصبور الكتوم المتفانيه كما في عهد أجدادنا السابقين، و مع تطور وسائل التواصل – وأنا هنا لا أنكر فضل هذه الوسائل على تسهيل أمور حياتنا و جعلها أفضل-

أصبح الحب كلمة سهلة متداولة على أفواه الجميع، فالمشاعر العرضية لا تسمى حباً.. و إشباع الرغبات أين كان نوعها أيضا لاتسمى حباً …

المرأة دائماً تبحث عن الرجل الذي يملأ نقصها، فهي تبحث عن إحساس الأمان الذي يُوجده قرب الرجل منها، و أنها ليست بحاجة لمواجهة الدنيا بمفردها، فهي خُلقت من ضلعه و هذه هي الفطره .

أما الرجل، فهو الطفل الكبير الذي يخرج من أحضان أمه إلى أحضان إمرأته إلى نهاية عمره، و هذه الفطرة هي التي تكسب الرجل الجفاف في التعامل مع نسائه لشعوره الدائم بالخوف و المسؤولية تجاه هؤلاء النساء ..

و إذا أختلت الموازيين و أنفردت المرأة لأي سبب كان ..أب قاسي ..أخ ظالم ..زوج مستبد ..يتبدد لديها إحساس الحاجة

بالأمان و الحب، و تهرب باحثة عنه في قنوات مختلفة كصديقة مقربه، وظيفة جيدة أو حبيباً واهماً.

و ينتج عن ذلك خلل في التركيبة الطبيعية للمرأة، فيعلو صوتها و تبدأ بإحلال الصورة الذكورية بدلاً من إظهار الأنوثة الحقيقية الخاملة في شخصيتها، فيختل جانب مهم من جوانب المجتمع.

و مع مرور الأيام تبدأ المرأة الأم بترك وظيفتها الأساسية في الحياة، كراعٍ وحامٍ لأبنائها ، و تتحول إلى موجه ومربي قاسي في معظم الأحيان، لملئ الفراغ الذي تركه الرجل داخلها. في المقابل، تجد الرجل الذي خلت حياته من حواء ، أصبح أكثر لطفاً، مرونةً و حباً للآخرين من الجنسين، لم يعد هُناك ثقلاً على عاتقه، و لا هماً يؤرقه، بل مساحات من الفراغ التي يملأه في الغالب ببعض المهام المشابهة لتلك التي تقوم بها حواء في حياة أي رجل.

ونجد الرجل الأب يتخلى شيئاً فشيئاً عن بعض واجباته تجاه أبنائه، و يصبح أكثر رفقاً بهم محققاً لأحلامهم، ظناً منه أن يعوض فراغاً تغلغل وسط نفوسهم، متجاهلاً قوانين الحياة و ركائزها، بأن الأم تعطي لأبنائها الدنيا لكن الأب يُعلّم أبنائه كيف يعيشون وسطها.

إن الحب الصادق يُولّد مجتمعات عظيمة متماسكة، له ألف وجه و ألف طريقة، فكُلنا نحمل في صدرونا قلوباً نابضه سوف تظل تحب و تعشق حتى آخر نبضة.

ليس للحب عمر .. و ليس للمحبوب ملامح .. اذا ماعشقنا رأينا الربيع في كل مكان و تقاسمنا الفرح مع الجماد و الحيوان. و إذا هجرنا الحب لوهله، أصبحت الحياة مظلمة كئيبه ظالمة و قاسية. لكن من رحمة الله بنا أن جعل في صدورنا قلوباً متقلبه لا تدوم على حال.

سيظل الحب باقٍ ببقاء البشرية، يختلف، يتطور و تتغير مفاهيمه فرفقاً بقلوبكم .. القلوب هينه و لينه، لا تتحمل قسوة الفراق و الفوضى.

أخيراً همسة للعشاقين .. لنكُن عند الفراق أجمل ..

مبادروة ملتزمون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى