مسلم جديد
بقلم/ مشاري محمد بن دليلة
كاتب في الشؤون الاجتماعية والثقافية
في يوم جميل من أيام رمضان تلقيت دعوة كريمة لتناول وجبة الإفطار على مائدة رجل من رجال البر والإحسان المعروف بعطائه، فمنذ أن يعلن عن دخول شهر رمضان المبارك يبادر بتوزيع الطعام للمحتاجين في منازلهم بيد دائمة العطاء للخير ونفس محبة للخير وتسع الجميع، وأجود ما يكون في رمضان ولعله يمتثل في ذلك هدي النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان أجود مايكون في رمضان، وقد اجتمع معي على مائدة الإفطار في هذا اليوم الجميل ضيوف من المسلمين الجدد من مختلف الجنسيات .
إن فكرة هذا الاجتماع ولقاء المسلمين الجدد الهدف منه هو تعليمهم سماحة الإسلام وقيمة التكافلية، واهتمامه كذلك بالمؤلفة قلوبهم وكان عددهم ما يقارب 30 شخصاً ومن بينهم 14 آخرون قد هيأوا أنفسهم للدخول في الإسلام .
لقد أكرمنا ذلك الكريم ابن الكريم بمائدة فيها كل ما لذ وطاب، وقبل صلاة المغرب وفي موقف مهيب اصطف غير المسلمين صفاً واحداً ونطقوا بالشهادتين معلنين عن دخولهم في الإسلام والتزامهم بشرائعه، وسط مشاعر من الفرح لا يمكن وصفها بقلم أو بخطاب، ولاشك أن من عاش هذا الحدث سوف يشعر بسماحة ديننا الإسلامي وعظمته ورغبة البشرية في الارتباط به؛ حيث إن الدين عند الله هو الإسلام ، كما قال الله تعالى (إن الدين عند الله الإسلام) ، فعندما نطق غير المسلمين بالشهادة حمدنا الله أن منّ عليهم بالهداية وأنقذهم من النار ودخلوا الإسلام ، وقد نعتقد أن دعوة غير المسلم للإسلام أمر يسير وسهل بحيث يمكن إقناعه بسهولة، لكن الأمر غير ذلك فيحتاج إلى جهد وبذل النفس وهو يسير على من يوفقه الله عز وجل لذلك وصدقت نيته .
إن الإسلام هو الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة ذلًا وخضوعًا ، وإن تعاليم الإسلام من أشرف وأجلّ العلوم الربانية، من امتثلها عاش بسلام وأمان، فهي تعاليم شاملة ومستوعبة لقضايا العصر، وقد نزلت على نبي الهدى محمد صلى الله عليه وسلم وبها أكمل الدين وبلغها على لسانه صلى الله عليه وسلم قبيل موته (تركتُكم على البيضاءِ ليلِها كنهارِها لا يزيغُ عنها بعدي إلا هالِكٌ)، وتأمل معي أخي القارىء فعندما تكون داعية للإسلام بما عندك من علم فيسلم على يديك من كان في ضلالة فكم من الأجور ستنالها وكم من الأعمال الصالحات ستجنيها؟
إن من أعظم الوظائف التي يتقلدها الإنسان في هذه الحياة الدنيا أن يكون داعياً الى الله، يقول الله عزوجل (ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعملا صالحاً وقال إنني من المسلمين )، ذلك الذي وهب نفسه للدعوة ليخرج الناس من الظلمات إلى النور فعمله متعدٍ وأثره باقٍ فمن هوأحسن منه ؟، أخرج الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً” ، فعندما يسلم ذلك الفرد ويصلي ويعمل الصالحات سوف يعود ذلك كله لمن كان سبباً في إسلامه ، اسأل نفسك أخي القارئ كم من خدم أو عمالة قدموا إلينا في بلادنا المباركة وعملوا عندك وهم من غير المسلمين فماذا قدمت لهم؟ ، إن الدعوة إلى الله أمرها عظيم وهي نهج الأنبياء والرسل؛ حيث كان من هديهم بذل النفس والتضحية وتحمل الأذى كله في سبيل الدعوة إلى الله ، فيقطعون الفيافي والقفار ليبلغوا دين الله الذي تحمل الأنبياء المتاعب من أجله ثم تبعهم بعد ذلك الصالحون ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
إن من نعم الله عزوجل أن يسخر من يحمل أمانة هذا الدين فيبلغه للعالمين ، لقد رأينا في واقعنا من وهب نفسه للدعوة إلى الإسلام في أصقاع الأرض ، فهو يسافر وينتقل بين الدول والقرى ليبلغ دين الله ويخرج الناس من عبادة الأوثان والبقر والخرافات إلى عبادة رب السموات ، فيصحح المفاهيم الخاطئة حول سماحة الإسلام ووسطيته ، ويناظر القساوسة، ولأن دين الإسلام هو الدين الصحيح فيستجيب له كل من وصلته رسالته، ولاسيما الذين يعيشون التيه والضلال ، فيقبل على الإسلام بقلبه وجسده ، فالحمدلله الذي منّ علينا أن جعلنا مسلمين وولدنا على الفطرة فهي نعمة تستحق الشكر .
أعود إلى ما ابتدرت به المقال في ذلك اليوم الرمضاني الماتع كانت أجواء تتسم بمشاعر إيمانية فياضة و فخر وامتنان برؤية غير المسلمين وهم يتسابقون للدخول في الإسلام، فنسأل الله أن يثبتهم على القول الثابت وأن يبارك فيمن كان سبباً في هدايتهم ويجزل العطاء لرجل البر الذي دعاهم في منزله وأكرمهم، والشكر موصولة أواصره لقيادتنا الحكيمة ودولتنا العظيمة التي كانت منارة للإسلام والمسلمين .