المقالات

#بن_في_قاع_الفنجان

غادة_طنطاوي

اليوم أصبحت في الثامنة والأربعين من عمري، سعيدة للغاية بعمري الجديد، ولم أخجل يومًا ما عن التصريح بعمري الحقيقي.

فخورة بما حققته من نجاحٍ في وقت قصير، وراضية عن إنجازاتي، تقبلت خيباتي الماضية بكل قناعة بأنها جراء ما اقترفته يومًا.. وبأنها جعلتني بالقوة التي أنا عليها الآن، فخورة جدًا بتجاعيد جبيني التي لم تطرق باب أي طبيب تجميل حتى أتخلص منها..!! والتي تحكي لكم عن تجاربٍ علمتني أن أقف وحيدة في وجه أي تيارٍ أراد كسري يومًا ما.

تعلمت أن أنتصر على أحزاني وحيدة، وأن أحيا حياتي كما يحلو لي، وليس كما يتوقع البعض مني أن أكون..!! تيقنت بأن خذلاني من البعض كان مصدر قوتي، وبأن هناك أشياء قد ننتظرها ولا تأتي، وعلمت حينها بأنها لم تكن لي في بادئ الأمر وإن تمنيتها.. تعلمت أن لا أحزن على ما فات وأن أسعد بما هو آتٍ.. تعلمت أن أصبر على آمالٍ بنيتها طويلًا ولم تتحقق إلا في مرحلةٍ متأخرة من عمري، وعرفت مؤخرًا بأنها لو تحققت في وقتٍ أبكر لما كانت سأشعر بقيمتها..!! تعلمت أن لا أغلق بابي في وجه من احتاجني، وعلمت أن جبر الخواطر عبادة لا يشعر بِلَّذْتَها إلا من اعتاد عليها.. وتيقنت بأن إبتسامتي في وجه من يكرهني سلاحٌ لا يجيد استخدامه إلا من كان لديه سلامٌ مع نفسه، وبأن ليني في الكلام مع الناس هو مفتاحي السحري لقلوبهم.

تعلمت أن أنام كل ليلة راضية عن نفسي، غير آبهة لما اقترفه البعض في حقي، فعند الله تجتمع الخصوم..!! وأن بِرِّي بوالداي هو أكبر النعم في حياتي..!! وعلمت بعد فوات الأوآن بأنه لا يوجد أصدقاء في هذا الزمن إلا قلة ممن رحم ربي..!! وأن سندك الوحيد في هذه الدنيا هو رضا خالقي وخالقك الذي لو اجتمع العالم عليك لما استطاعوا ضَرَّك إلا بأمره.
تعلمت أن الثقة المطلقة في البعض ستوجعك لاحقًا بقدر إيمانك بهم..!! وأنك أنت الوحيد من تصنع سعادتك.

وختامًا أسألك يا الله.. ياواسع الفرج.. يا عالٍ بلا درج.. يامن شققت البحر لموسى حتى خرج.. بأن لا تكسر لي ظهرًا ولا تحني قامتي لغيرك.. وأن تحفظ لي أمي، أبي، إخوتي وابنتي فلا طاقة لي على العيش دونهم.

مبادروة ملتزمون
زر الذهاب إلى الأعلى