الفقراء أول من يدخلون الجنة
بقلم/ مشاري محمد بن دليلة
كاتب في الشؤون الاجتماعية والثقافية
ورد في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “يدخل فقراء المسلمين الجنة قبل أغنيائهم بنصف يوم، وهو خمسمائة عام» وهذه بشارة عظيمة تؤنس القلب وتجعلك تنظر إلى الحياة بأطرها الحقيقية ،يبتلى الإنسان بالفقر فالبعض يصبر ويعلم أن الله عزوجل قدر له ذلك لحكمة هو يعلمها سبحانه، والبعض يجزع ويقارن وينفد صبره ولسان حاله لماذا أنا فقير ، النظرة للدنيا يجب أن تكون كمسافر وسيعود لوطنه الأصلي ينظر اليها أنها دار ممر والحياة الأبدية في دار المستقر جنات النعيم ، ورد في الحديث قال رسول الله ﷺ: (يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة، فيصبغ في النار صبغةً، ثم يقال: يا ابن آدم هل رأيت خيراً قط؟ هل مر بك نعيمٌ قط؟ فيقول: لا والله يا رب، ويؤتى بأشد الناس بؤساً في الدنيا من أهل الجنة، فيصبغ صبغةً في الجنة، فيقال له: يا ابن آدم هل رأيت بؤساً قط؟ هل مر بك شدةٌ قط؟ فيقول: لا، والله ما مر بي بؤسٌ قط، ولا رأيت شدةً قط)، نحن في زمان طغت علينا الماديات كم رصيدك البنكي ماهي سيارتك ماهي وظيفتك أين تسكن ما نوع لباسك ..إلخ من مغريات الحياة أصبحت هي المقياس والميزان للفرد، أصبح البعض منا يتباهى بما رزقه الله في وسائل التواصل الاجتماعي ويكسر بذلك قلوب الضعفاء والمعوزين مما أدى إلى تفكك أسري بين العوائل نظير المقارنة الكاذبة ، لانقول استسلم للفقر بل اجعل الفقر سلماً للجد والاجتهاد والعمل الدؤوب، ولا تحزن بل ارفع من تفاؤلك بالله وعلق آمالك به فسوف يقضي حاجتك.
تأمل في النعم التي حباك الله بها نعمة الصحة والعافية والأمن والأمان في المملكة العربية السعودية وتعليم ناضج واقتصاد مزدهر فالممكنات المادية موجودة ويبقى فعل السبب وأن تبادر بذلك يقول النبي يقولﷺ:{ من أصبح منكم آمناً في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا }. ، لاتمدنّ عينيك إلى ما في أيدي الناس بل اصنع من نفسك شخصا شغوفا طموحا وضع لك أهدافاً تتغلب بها على الفقر بإذن الله ، كثير منا قد ركن إلى الوظيفة واستلام الراتب في آخر الشهر وبدأ ينظر إلى أن هذا هو مصدر الدخل فقط بينما لم ينظر إلى الفرص التجارية والاستثمارية التي هيأتها مملكتنا الحبيبة لزيادة الدخل، تستطيع اليوم أن تقتنص الفرص المسعودة وتبني رحلتك التجارية الافتراضية عبر المنصات الإلكترونية، تستطيع أن تستخرج شهادة العمل الحر وتقدم مالديك من استشارات بما رزقك الله من مهارات تنموية ، الفقر ليس عيباً إنما المعيب هو الركون وعدم فعل الأسباب ، اغمض عينيك وتأمل في نفسك قد تعيش سعادة لايعيشها من كان غنيا ، بعض الأغنياء تجده في كل وقت مسافراً لدولة ويسابق لاقتناص الفرص الدنيوية مقصرا في أعمال الآخرة ويرهق نفسه بالعمل أكثر من طاقته البشرية وقد لايجد وقتاً لزيارة والديه والجلوس مع أسرته حتى يصل إلى مرحلة الذبول، وقد تعتريه الأمراض المزمنة ، بينما أنت تعيش تحدي الفقر ولكنك تمارس الحياة الجميلة تجدك من أفضل الناس قرباً من الله في العبادة وتأدية الفرائض وبالقرب من والديك وخدمتهم وحرصك على أسرتك وأبنائك تأمل هذا! ،الدنيا لاتنتهي ولكن البشر هم الذي ينتهون ، لا نقارن ولا نقول من هو الأفضل ولكن كل ميسر لما خلق له، أهمس في أذنك تأمل نعم الله عليك ، كلما زاد مالك كلما زادت محاسبتك من الله عزوجل قَالَ صلى الله عليه وسلم : ” لا تَزُولُ قَدَمَا الْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ: عَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ , وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلاهُ , وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ , وَعَنْ عِلْمِهِ مَاذَا عَمِلَ فِيهِ ” إذا زاد المال زاد الانفتاح على الحياة فإن لم يستثمر في طاعة الله قد يكون وبالا عليك إذا عصيته به ، لاتحزن مات أنبياء وهم أفضل البشر ومع ذلك لم يعرف عنهم الغناء مات نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهون عند يهودي، كان مبتغاهم إصلاح البشرية وهدايتهم للطريق القويم وعبادة رب العالمين ، كان النبي يدخل بيته ويسأل أهله هل عندكم طعام فيقولون لا فيقول اللهم إني صائم ، وكان يعصب على بطنه عصابة من الجوع وهو من أفضل الخلق على الإطلاق لكنه عليه الصلاة والسلام يعلم أن الغاية الأسمى التي بعث بها هي دعوة البشرية لعبادة الله وإتمام مكارم الأخلاق ، يقول تعالى (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ *مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ) أعد حساباتك مع الله عزوجل وابحث عن مكامن الحياة الحقيقية .
وَلَستُ أَرى السَعادَةَ جَمعَ مالٍ
وَلَكِنَّ التَقيَّ هُوَ السَعيدُ
وَتَقوى اللَهِ خَيرُ الزادِ ذُخراً
وَعِندَ اللَهِ لِلأَتقى مَزيدُ
وَما لا بُدَّ أَن يَأَتي قَريبٌ
وَلَكِنَّ الَّذي يَمضي بَعيدُ