المقالات

سأحبك كما أنت يا بني …

 يقول أحد الآباء :

ابني خالد منذ نعومة أظفاره ومستواه الدراسي بين الستين والسبعين بالمائة ، في الصف الرابع الإبتدائي كنت أضغط عليه كثيراً ليتفوق ، وفي كثير من الأوقات كانت أمه تقارنه بزملائه وإخوته وأقاربه ، لدرجة أنه تأزم نفسياً وبدأ يكلم نفسه كثيراً ويبكي وهو نائم ، ومر المسكين بحالة اكتئاب شديد .

ذهبنا لأكبر طبيب نفسي واشتكت أمه للطبيب قلة حفظ خالد ، فأعطانا الطبيب دواء لتقوية الذاكرة ، تسبب لاحقاً في تكوين ماء على المخ .

ذات يوم أحسست أننا نقود خالد نحو الجنون ، نريد أن نحقق فيه حلم التفوق الدراسي فقط ، كأننا نطلب من حصان أن يمشي بسرعة القطار ، أحسست أن ابني بدأ يضيع مني ، فقررت تغيير طريقتي القاتلة معه وفعلت الآتي :

▪ذهبت لزيارته في المدرسة ، واستأذنت من مدرس فصل خالد في أنني أريد أن أقول كلمة لإبني أمام زملائه ، ووقفت أمام التلاميذ وناديت على خالد ليقف جواري ، وأحطته بذراعي ،  وقلت لزملائه :

اسمعوا يا شباب ، خالد هذا ابني ، وأنا أحبه كثيراً وهو يجتهد ويذاكر كثيراً  ومهما كانت درجاته قليلة فحبه في قلبي كبير ،  ومهما فعل فهو ابني وحبيبي .

 من اليوم سأطبق عليه القاعدة التي تقول ( على المرء أن يعمل وليس عليه إدراك النجاح ) ومن اليوم إن ذاكر وكان الأول فهو أبني وحبيبي ، وإن ذاكر ورسب فهو أبني وحبيبي .

أريد أمامكم أن أتأسف لخالد عما فعلته معه فيما مضى ، وقبلت رأس خالد أمامهم ، وانهمرت الدموع من عيني ومن عين خالد ، وأخذته في حضني وصفق جميع تلامذة الصف ، وعدت يومها إلى البيت مرتاحاً ، وعاد خالد سعيداً ، وقال لي :

لقد رفعت رأسي اليوم يا أبي ، لقد قال لي زميلي الأول على الفصل: (ليت لي أبا مثل أبيك) .

ومرت الأيام وأنا أطبق قاعدة ( على المرء أن يعمل وليس عليه إدراك النجاح ) جاءت امتحانات الشهر الأول والتزمت بالقاعدة مع ولدي خالد ، وبمرور الوقت بدأ خالد يطمئن في نومه ، وتوقف عن الكلام مع نفسه واختفى عنه التبول اللا إرادي الذي كان عنده .

لقد تحسن خالد وهدأت نفوسنا من حوله ، ولكن مستواه الدراسي لم يتحسن ، ونحن نقبله اليوم كما هو لأن هذه هي قدراته .

▪نصيحتي لكل أب بعد تلك التجربة : 

لا تضغط على ابنك كثيراً ، فربما يتعب نفسياً فتنفق في علاجه كل ما تملك ليعود طبيعياً كما كان وقد لا تنجح .

استمتع بإبنك كما هو ….

ولنعلم أن هذه من الأرزاق التي تقسم بين البشر ويختلفون ويتفاوتون فيها ، فهم يتفاوتون في :

– قوة سرعة الحفظ .

– قوة سرعة الذاكرة .

– قوة سرعة الفهم .

فكل سريع في نقطة وبطيء في نقطة أخرى وقد يكون بطيء فيها كلها لكن يتمتع بصحته جيدة ، لديه قوة سمع وقوة بصر وهكذا …..

لذلك قسم منهم يتفوق بالدراسة والعلم والحفظ وقسم يتفوق بالعمل ، وكل حسب ما رزقه الله ، فتقبل رزقك بأبنائك بالرضا واجتهد في تربيتهم على ما يرضي الله واقنع ان رزقهم تكفل به الله .

▪مهم جداً :

لا تضغطوا على أبنائكم فهذه الحياة نعيشها مرة واحدة استمتعوا بابنائكم واقبلوهم بجميع حالاتهم لكي يتحقق لهم ولكم النجاح والتوفيق .

منقول.

مبادروة ملتزمون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى