أخبار منوعة

استبعاد الحكم بـ«الشبهة» نقطة تحول تاريخية في الجهاز القضائي

بـ”الإدانة”، أو “البراءة” يتم النظر في القضايا التي تصل إلى المحاكم الشرعية في المملكة والحكم فيها بعد استبعاد الحكم بـ”الشبهة” في قرار تاريخي لوزير العدل رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشيخ الدكتور وليد بن محمد الصمعاني.

نقطة تحول تاريخية في الجهاز القضائي بالمملكة ضمن الخطوات التي بدأتها وزارة العدل منذ أشهر عدة، حيث تهدف الوزارة من استبعاد حكم “الشبهة” إلى تطوير المبادئ الموضوعية عند نظر القضايا، والحكم فيها، وذلك بمراعاة الوصف الجرمي للإدانة قبل إصدار الحكم، بأن لا يتضمن الحكم بالشبهة، أو توجه التهمة، مع الأخذ بوسائل الإثبات كافة بما في ذلك القرائن المعتبرة.

وأكد القاضي السابق بالمحكمة الجزائية في محافظة جدة الشيخ تركي القرني على أن هذا المبدأ القضائي ليس جديداً على الساحة القضائية، بل هو معمول به لدى القضاء الإداري منذ عقود، مبيناً أن كون وزارة العدل تعتنق هذا المبدأ فإن له إيجابيات تعود على المنظومة القضائية بالتطوير، وتحسين المنتج القضائي (الأحكام)، وتعزيزاً لمبدأ أن الأصل براءة المتهم حتى تثبت إدانته.

وأضاف أن هذا القرار سينهي الأخذ بمبدأ الشبهة الضعيفة لمعاقبة المتهم، ويحفز جهات الضبط، والتحقيق على الاهتمام بإثبات الواقعة الجنائية أمام القضاء.

وتابع: هذا القرار لا ينافي الأخذ بهذا المبدأ الحكم بالقرائن القوية لأنها مبدأ شرعي معمول به فبعض القرائن مجتمعة تصل إلى حد الإدانة للمتهم، وعلى كل حال تطبيق هذا المبدأ الجديد في المحاكم سيقضي على التفاوت في الأحكام إلى حد ما، وسيظهر جدل، وخلاف حول الأخذ بالقرائن، ومدى قوتها لإدانة المتهم، وهذا أمر طبيعي يحدث في باكورة كل ما هو جديد.

من جهته قال القاضي السابق رئيس المحكمة العامة بمحافظة رابغ والمحامي حالياً عبدالله بن محسن الصاعدي: إنه توضيحاً للالتباس الذي حصل لدى البعض ممن اطلع على القرار في التعزير بالشبهة، أنه ليس المقصود من القرارين عدم الحكم بالقرائن القوية في حال عدم ثبوت التهمة بالبيّنات المعتبرة شرعاً في إثبات التهم، وهي شهادة الشهود، وإقرار الجاني، وإنما المقصود منه توجيه القضاة إلى العدول عن عمل سابق.

وأضاف: كان القضاة ينصون في أحكامهم بقولهم: ولعدم البينة، أو لعدم البينة الموصوله بالحق وصفاً، أو عدداً، ولإنكار المدعى عليه فإنه لم يثبت لدي قيام المدعى عليه بالتهمة المنسوبة إليه.

وتابع: ثم ينص في حكمه على: أنه وللقرائن القوية فإن الشبهة القوية تتجه نحو المدعى عليه بقيامه بالتهمة المنسوبة إليه.. كذا وكذا، ويحكم عليه باتجاه الشبهة نحوه دون إثبات لفظ الثبوت.

وأكد على أن هذه القرارات جاءت لتصحح هذا العمل، ويكون النص على الأحكام في حال عدم ثبوت التهمة بالبينة، أو الإقرار، وإنما ثبتت بالقرائن القوية كالآتي: وللقرائن القوية فإنه قد ثبت لدي قيام المدعى عليه بالتهمة المنسوبة إليه فيكون الحكم بالثبوت المبني على القرائن القوية، وليس للشبهة، لأن الشبهة لا ثبت بها الأحكام، وتجب بها العقوبات.

ويراعي القرار المبادئ الشرعية والنظامية التي توجب ثبوت الإدانة بالوصف الجرمي للفعل الموجب للعقوبة قبل إيقاع العقوبة الجزائية، حيث تضمن وجوب أن يسبق تقرير العقوبة الجزائية النص على ثبوت إدانة المتهم وعلى الوصف الجرمي للفعل الموجب للعقوبة، وألاّ يكون توجه التهمة، أو الشبهة من الأوصاف التي يدان بها المتهم مع مراعاة ما نصت عليه المادة 158 من نظام الإجراءات الجزائية من عدم تقيد المحكمة بالوصف الوارد في لائحة الدعوى.

يذكر أن القرار الصادر عن المجلس الأعلى للقضاء لم يغفل الأخذ بوسائل الإثبات كافة، وعدم التقيد بوسائل إثبات محددة مع مراعاة الأحكام المقررة شرعاً فيما يتصل بأدلة الإثبات الموجبة لإقامة الحد، والنظر في استحقاق المتهم للتعزير عند درء الحد، أو عدم ثبوت موجبه في القضايا الجزائية، بحيث لا تتقيد المحكمة في إثبات الإدانة بوسائل إثبات محددة، وإنما تثبت الإدانة بالوسائل كافة التي توجد لدى المحكمة القناعة بارتكاب المتهم للجريمة وفقاً للأدلة المقدمة إليها بما في ذلك القرائن المعتبرة سواء كانت الجريمة منصوصاً على تحديد عقوبتها نظاماً، أو لا.

مبادروة ملتزمون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى