المقالات

الأثـر الاجتماعي للحوادث

كتب عبدالرحمن بن عبدالله اللعبون*

لا يقل الأثر الاجتماعي للحوادث والإصابات والعاهات في كثير من الحالات عن أثرها الاقتصادي، فإذا كان هذا الأخير يمس عناصر الإنتاج وينعكس سلباً على النتيجة النهائية، فإن الأثر الاجتماعي يطال الحالة النفسية للعامل وربما يمتد إلى زملاء العمل والمجتمع بصورة عامة، وفي هذا الإطار يختلف الأثر الاجتماعي الناتج عن الحوادث والإصابات في العمل والأمراض المهنية والحالات الصحية‏ الصعبة تبعا لما تسببه من آثار سلبية سواء كانت فردية أو‏ جماعية، وشعور العامل بالعزلة عن المجتمع ينبع بشكل خاص عند حدوث العاهات المستديمة والإصابات الخطيرة‏ وذلك نتيجة عدم القدرة على المشاركة في الحياة العامة كالآخرين، مما يحرمه التمتع بالحياة العادية بشكل طبيعي، أما على مستوى الزملاء في العمل فإن الشعور بالرهبة والخطورة قد ينعكس بشكل لا إرادي على معدل أداء الزملاء‏ العاملين ولا سيما إذا كان الحادث يمس أكثر من عامل فيؤدي ذلك إلى انخفاض مستوى الإنتاج نتيجة التوقف عن العمل‏ لفترة من الوقت،‏ كما أن التهرب من القيام ببعض الأعمال المشابهة لتلك المسببة للحادث أو الإصابة يضعف حلقات الإنتاج.‏

وعلى صعيد المجتمع فإن تكرار الحوادث والإصابات قد يضفي على أعمال‏ المصنع صفة الخطورة مما يزيد من أسعار الاشتراكات لدى مؤسسات التأمين، علما أن حدوث الإصابات الكثيرة يفقد‏ الثقة بالنفس على القيام بعملية التصنيع والتي تعتبر مرحلة حضارية متقدمة.‏

 أما ما يخص تكاليف إصابات العمل فهناك علاقة مباشرة بين إصابات العمل واقتصاديات المنشأة والاقتصاد القومي وذلك ناتج‏ من أن أي إصابة عمل تعني ضياعا بشريا على خلفية إما أن يكون فقد إنسان أو عجزه كليا أو جزئيا عن أداء عمله لإصابة‏ عضو من أعضائه أو إصابته بمرض يقلل من طاقته الإنتاجية، كما أن الحوادث يصاحبها دائما ضياع مادي على صورة تلف‏ لمعدات العمل أو تعطلها كليا أو ضياع مواد خام أو منتجات.‏ وبالنسبة للخسائر التي يتحملها صاحب العمل والمؤثرة على اقتصاديات المنشأة مباشرة فتعود إلى جملة من‏ العوامل أهمها التكاليف المباشرة من ناحية أجور العمال المصابين فترة انقطاعهم عن العمل بسبب الإصابة، ومصروفات‏ العلاج للمصابين، سواء أدوية أو عمليات أو تكاليف المستشفيات، إضافة للتعويض الذي يصرف على هؤلاء مقابل العجز‏ الذي يحدث نتيجة الإصابة.‏

 في حين تصل قيمة التكاليف غير المباشرة إلى ستة أضعاف المباشرة حيث هناك تكلفة الوقت الضائع من العامل بمعنى‏ الأجر الذي لا يقابله إنتاج، وأجور العمال الآخرين المجاورين للمصاب والذين يتوقفون عن العمل نتيجة التأثير النفسي إثر‏ المفاجأة لإصابة زميل لهم وحبّ الفضول لمعرفة أسباب الحادث،‏ أما الخسائر التي يتحملها العامل المصاب فهي كبيرة من الناحية المادية نتيجة حرمانه من الأجور الإضافية والمكافآت عدا‏ عن الألم الجسماني أو الضرر العضوي.

سلامتك في غاية الأهمية فحافظ عليها.

 

  • مدرب وأخصائي سلامة
مبادروة ملتزمون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى