المقالات

المطالبون بالعجراء !

الحدث – صالح جريبيع الزهراني

 

يبدو لي والله أعلم،ولا آخذ في ذمتي،أن بعض الناس اشتاق ظهره لعصا المطوع،وأقصد بها العصا القديمة الثقيلة الأصلية أيام السبعينات الهجرية،وليست خيزرانة موظف الهيئة الحديثة المتطورة الخفيفة اللطيفة الظريفة التي كانوا إلى عهد قريب يطاردون بها خلق الله في الطرقات والأسواق،لا أبداً،إنه يريد عودة العجراء،لأنه سبق دبغه بها في شبابه من أحد رجال الحسبة حتى استغاث،ويشعر بفقدها وما زال يشعر بالحكة الشديدة في مكانها إلى اليوم،إنه يريد استعادة شبابه من خلال هبده بها من جديد في أحد الأسواق،ولو كان الأمر بيده لطالب بإعادة حصر الحاضرين والغائبين في صلاة الفجر،ليعود بالزمن والناس إلى الوراء.

هذه المازوخية الدينية يبدو أنها ما زالت تعشعش في أذهان البعض،فهم لا يستمتعون بممارسة حياتهم إلا إذا شعروا بأنهم تحت المراقبة،ولا يستطيعون الامتثال بالأخلاق والقيم ذاتياً،وإنما لا بد أن يشعروا بالخوف ليمتثلوا،وهم لا يثقون بأهلهم ولن يشعروا بالاطمئنان إلا إذا قام رجل غريب بمراقبة سلوك أهلهم،كما أن المجتمع كله برمته في نظرهم بهائم،لا دين لهم ولا أخلاق،ويجب سوقهم بعصا المطوع كالأغنام،لينتظموا في الحياة،بل وليعبدوا الإله،وكأن العبادة أمر خالص بينهم وبين الناس وليس بين العبد وربه.

أما لماذا العجراء،فلأنني متأكد أن من طالب بعودة صلاحيات الهيئة لا يمكن أن يكون من الناحية العمرية أحد أعضاء مجلس الشورى،حيث إن أعضاء مجلس الشورى كلهم ينتمون إلى الزمن العجراوي وليس الزمن الخيزراني كما تعلمون.

لقد رأينا كيف تم تحديد صلاحيات الهيئة،وكيف أننا لم نتعب من جمع اللقطاء من الشوراع،ولم نجد الفاحشة تشيع بين الناس،واستطعنا حماية مؤخراتنا بجهود ذاتية،دون الاستعانة بصديق،واختفت أخبار الأكشن من الصحافة المتطهرة التي لا تنشر صور النساء،ولم تنشق الأرض ولم يخسف القمر ولله الحمد.
لقد بدأنا في استعادة توازن آدميتنا وأخلاقنا وحرياتنا ومواطنتنا،وبدأت الثقة في أنفسنا وما بيننا تكبر أكثر وأكثر،وبدأت الابتسامة تعلو محيانا بعد عقود من تقطيب الجبين،وبدأ الفرح يدب في الأعماق.
لقد بدأنا في التحول قليلاً قليلاً إلى أن نصبح مجتمعاً طبيعياً،ولا أدري ما المصلحة من المطالبة بعودتنا إلى مجتمع الدروشة من جديد.
هل يعقل أن يتقدم أعضاء بمجلس الشورى بطرح أوراق لإعادة التشكيك في الناس من جديد ويتم بحثها تحت قبته،وهل كل هذا من أجل أن يستعيد عضو شورى ذكريات شبابه مع العجراء وأيام كرامته المهدرة؟!
هل مجلس الشورى متوافق مع رؤية 2030 بعد الميلاد أم 2030 قبل الميلاد؟!

مبادروة ملتزمون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى