المقالات

18عاماً من التخطيط

الحدث – بدر محمد الغامدي

ما زلت أتذكر تَواصُل أحد الأصدقاء معي في عام 2001 ، وكان ذلك بالضبط في عصر يوم الخميس 27 ذو الحجة 1421 هـ ، الموافق 22 مارس 2001 م قال لي بلهجته العامية : ” تجي معانا نروح عند فلان ونسولف معاه ” ، قلت : ” تم “. ما زلت أتذكر ذلك اليوم ، وتلك الجلسة وما جاء فيها من تفاصيل .

في تلك الحقبة وفي بدايات الدراسة الجامعية – بصراحة – كانت تمر علي هذه الأيام دون أن أحقق أي منجز لنفسي ، غير أنها حياة طبيعية مثل أي شخص . لكن بعد تلك الجلسة التي لا أنساها ، بدأت جدياً أنظر للأيام و الأعوام بنظرة مختلفة . الآن بعد مرور ثمانية عشر عاماً تقريباً وأنا – و لله الحمد – سنوياً أضع لنفسي أهدافاً أركز عليها حتى يأتي نهاية العام وأنا قد أنجزت الكثير من أهدافي.

مع أن طابع البدايات يأتيك دائماً الحماس في أنك تريد أن تحقق الكثير لكن مع سنوات التجربة والخبرة في ذلك أصبحت أعرف ما يناسبني فأركز على الأهم فقط ولا أنصح بكثرة الأهداف حتى يكون هناك تركيز لتحقيق المنشود.

قرأت مع بداية هذا العام الميلادي الجديد 2019 بعض الكتابات الغريبة في وسائل التواصل الاجتماعي والتي يذكر البعض فيها أن من أهدافي في 2019 ألا يكون لدي أهداف يعني بمنظوري الخاص تعيش بلا هدف.

تذكرت وقتها مطلع قول الشاعر ” إيليا أبي ماضي ” في قصيدته الشهيرة ” الطلاسم ” :

جئت، لا أعلم من أين، ولكنّي أتيت

ولقد أبصرت قدّامي طريقا فمشيت

وسأبقى ماشياً إن شئت هذا أم أبيت

كيف جئت؟ كيف أبصرت طريقي؟

لست أدري!

أتفق أن يركز الشخص في أهداف لا تتعدى أصابع اليد الواحد وأن يأخذ مساحة من الترفيه والمرح والهدوء الذهني ويكون تطويره وارتقاؤه بتدرج ولكن أن يمر عام كامل بلا أهداف مكتوبة تريد أن تحققها فهذا هراء من وجهة نظري.

الأهداف يجب أن تكون مكتوبة في ورقة خاصة لك تراجعها كل فترة قابلة للقياس ويمكن تحقيقها فيها تحد ومن ضمن اهتماماتك ، وتبدأ بتاريخ محدد و تنتهي بتاريخ محدد أيضاً ، و تكون الأهداف محددة وواضحة لك ، فهذه مؤشرات سريعة للهدف.

إضافة لذلك أن تكون مكتوبة أيضا في جدول زمني خلال العام كاملا وإذا أردت مرحلتها و هذا الأفضل جعلها ( مثلا كل ثلاثة أشهر هدفا أو جزء منه ) وهكذا ويكون فيها طابع التنويع فمنها ( صحية – ثقافية – اجتماعية – رياضية – ترفيهية – عمل – مهارية … إلخ ) .

فالأهم ؛ الشئ الذي يناسبك أنت ولا تنظر لغيرك فهي حياتك لا حياة الآخرين صحيح تستفيد وتستشير الغير لكن في نهاية المطاف هي حياتك وأهدافك الخاصة لأن أهدافك هي جزء منك ومن شغفك ومن أمنياتك.

همست في نفسي وتنهّدت كثيرا قلت : الحمد لله الذي جعلني أقرأ الكثير وأستشير الكثير وأجالس المتخصصين واحضر الدورات في التخطيط بأنواعه، حتى أصبح لا يمر علي عام إلا و أنا أضع لنفسي بصمة ، ولو على المستوى الشخصي فقط .

وعلى طرف آخر أستغرب من البعض أيضاً قيامهم بربط الأهداف بالتجارة أو القراءة أو تعلم لغات جديدة فقط، بالنسبة لي أرى أن اكتساب أمر إيجابي كل فترة مثلا أمر عظيم  كالمحافظة على صلاة الوتر وعدم الغيبة وممارسة الرياضة والنوم المبكر أو أي أمر إيجابي تراه مناسبا ومنها أيضا ترك عادة سلبية لازمتك وتريد التخلص منها.

عندها لا شيئا يعدل لذة تحقيق الأهداف لذا كافئ نفسك عند تحقيق أي هدف مهما كان لأنك تستحق ذلك ومن لم ينطلق نقل له أبدأ الآن ، فأنت تستطيع جعل الله أعوامنا سعادة وإيجابية وتحقيقا للأهداف والمنجزات.

مبادروة ملتزمون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى