المقالات

طلب الزواج وتحليل المخدرات

 

 

طلب الزواج وتحليل المخدرات

بقلم

الكاتب / أ.د رشود محمد الخريف

تداولت بعض وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي قرار إضافة فحص المخدرات ضمن الفحوص الطبية لطالبي الزواج، وذلك بعد مسرحيات من معاناة النساء مع مدمني المخدرات، وآلام الأطفال، والتكاليف الباهظة التي يتحملها المجتمع جراء شرور المخدرات وأضرارها، خاصة أنها – بالتأكيد – أحد أسباب معدلات الطلاق المرتفعة في المجتمع السعودي. ومن المؤسف أن ثقافة المجتمعات العربية عموما والخليجية خصوصا تسمح بالتدليس على المرأة وإخفاء بعض المعلومات عنها من أجل مساعدة المتعاطي على الزواج، وذلك من خلال طلب الزواج من أسر تقطن في أماكن بعيدة لا تعلم شيئا عن سلوكيات طالب الزواج أو ممارساته السابقة، في محاولة لإصلاح المتعاطي على حساب المرأة المسكينة! في الحقيقة، لقد استقطب هذا الموضوع اهتمام مجموعة من المثقفين في إحدى الجلسات الخاصة التي تشرفت باستضافتها في منزلي، وكان موضوع حديثهم الرئيس، وهو ما يعكس ترحيب المجتمع بهذا الإجراء وتأييدهم له. لا شك أن إضافة “تحليل المخدرات” في الفحص الطبي لطالبي الزواج يعد – في رأيي – ضرورة طال انتظارها، وذلك لعدة اعتبارات، منها: أولا، إن قيم الأمانة والصدق والوضوح والشفافية ينبغي أن تكون أساسا لبناء رابطة الزواج بين الرجل والمرأة، لأن رابطة الزواج أقدس وأعظم رابطة بين بني البشر. ومن منطلق أن هذه الرابطة مصدر التكاثر البشري وأساس بناء الأسرة وتكوين المجتمع، فإن تأسيس هذه العلاقة ينبغي أن يكون سليما لكي تكون الأسرة وحدة منتجة ولبنة صالحة في كيان المجتمع، خاصة أننا نطالب – دائما – بالالتزام بهذه القيم الجميلة عند تنفيذ برامج ومشروعات أقل أهمية. ثانيا، الارتباط بمدمن مخدرات يحول الحياة الزوجية في أغلب الأحيان إلى جحيم، وربما يؤدي إلى انحراف أخلاقي للزوجة أو انغماس في تعاطي المخدرات. ثالثا، الارتباط بالمدمن يؤثر سلبا في تنشئة الأطفال وتربيتهم، بل يكون – في كثير من الأحيان – مصدرا للعنف ضد الأطفال وسببا في سلب الاستمتاع بطفولتهم وحرمانهم من الرفاهية والعيش الكريم. رابعا، سيضيف هذا الارتباط أعباء متعددة على المجتمع سواء من حيث إمكانية حدوث الجرائم أو تحمل الأعباء المالية المتمثلة في تقديم خدمات العلاج للمتعاطي، والمساعدات الغذائية والسكنية وأحيانا النفسية لأفراد أسر مدمني المخدرات. وبوجه عام، فعلى الرغم من إمكانية تفادي نتائج الفحص بحيل لا نهاية لها، فإن فحص راغبي الزواج يبقى ضروريا وربما حافزا للتخلي عن تعاطي المخدرات ، خاصة إذا ارتبط بوضع عقوبات رادعة للمتلاعبين بنتائج الفحص. وأخيرا إلى جانب إضافة تحليل المخدرات ضمن الفحص الطبي لطالبي الزواج، ينبغي التفكير في إضافة بعض الفحوص الأخرى، لكي تكون الزوجة والزوج على اطلاع كامل بسمات شخصية شريك الحياة وممارساته، ومنها: فحص مرض نقص المناعة “الإيدز”، وفحص الإصابة بالأمراض النفسية، وكذلك الاطلاع على السجلات المدنية لمعرفة عدد الزوجات في العصمة بالنسبة للرجل، لكي لا تخدع المرأة بالزواج من رجل لديه عدد من الزوجات. ومن الأهمية بمكان أن تشمل الفحوص كلا من الرجل والمرأة على حد سواء.

مبادروة ملتزمون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى