الدولية

خطة أردوغان السرية للاجئين السوريين… شرعية دولية للاحتلال التركي

تناول تقرير نشرته مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية الخطة السرية التي قدمها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مؤخراً إلى الأمم المتحدة لتوطين مليون سوري في 140 قرية من الأراضي التي سيطرت عليها قواته على امتداد 20 ميلاً من حدودها مع شمال سوريا.

ولكن التقرير، الذي أعده الكاتبان كولوم لينش ولارا سيليغمان، يحذر من أن مشروع أردوغان الضخم، وهو أحد أكبر مشاريع البناء العامة على الأراضي التي يحتلها أجانب في التاريخ الحديث وتبلغ تكلفته 26 مليار دولار أمريكي، يستهدف تطهير الحدود التركية من الأكراد السوريين. 

خطة أردوغان الطموحة
وبحسب التقرير، عززت خطة أردوغان المخاوف من أن تركيا تستعد للضغط على اللاجئين السوريين للعودة إلى مناطق لاتزال غير آمنة (حيث يوجد في تركيا 3,7 مليون لاجئ سوري)، إلى جانب عزم تركيا على تغيير التركيبة السكانية في المنطقة ومنع الأكراد، سكان المنطقة، من العودة إلى أراضيهم بعد غزوها من أردوغان في أكتوبر(تشرين الأول) الماضي.

وفي اجتماع عُقد في اسطنبول في الأول من شهر نوفمبر(تشرين الثاني) الماضي، كشفت وثيقة من ست صفحات شاركها أردوغان مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن تفاصيل مشروع البناء الضخم الذي يتطلب أكثر من 26 مليار دولار كمساعدات أجنبية. ويصف تقرير المجلة الأمريكية هذه الوثيقة بأنها أقرب إلى نشرة عقارية لمشروع تطوير سكني كبير وتطرح وعوداً للسكان الجدد بالوصول إلى المدارس والمستشفيات والمساجد والساحات الرياضية مع حصول البعض على فدان من الأراضي الزراعية.
  
ويعتبر هاردين لانج، مسؤول سابق في حفظ السلام بالأمم المتحدة ويشغل حالياً منصب نائب رئيس منظمة اللاجئين الدولية، أن الخطة التي طرحها أردوغان تُعد الأكثر طموحاً في التاريخ الحديث، إذ يحاول إعادة هندسة هذه المنطقة من الأراضي على طول الحدود في شمال شرق سوريا.

ابتزاز وتهديد
ويُشير تقرير المجلة الأمريكية إلى أن تركيا تسعى للحصول على دعم مالي وسياسي لمشروع التسوية من الأمم المتحدة والحكومات الأوروبية، وتستخدم أسلوب الابتزاز والتهديد بفتح الأبواب أمام تدفق اللاجئين للدخول إلى أوروبا من خلال عبور الحدود التركية.

ولكن غوتيريش خلال لقائه مع أردوغان أكد على أهمية العودة الطوعية والآمنة والكريمة للاجئين، وذلك بحسب المتحدث باسم الأمم المتحدة. وتم إبلاغ أردوغان أن المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين سوف يشكل فريق عمل لدراسة الاقتراح. وفي الوقت نفسه رأى بعض المدافعين عن الشؤون الإنسانية أنه كان على غوتيريش رفض الخطة بشكل مباشر.

أما كريس بويان، المتحدث باسم وكالة اللاجئين، التي أجرت مناقشات مع تركيا الشهر الماضي في جنيف وأنقرة وسيتم عقد جولة ثالثة من المحادثات في جنيف أوائل العام المقبل، فقد شدد على أهمية مبادئ العودة الطوعية والمستدامة للاجئين إلى أماكنهم الأصلية حينما تكون العودة آمنة، وأن الأمر متروك للاجئين لتحديد ما إذا كانوا يرغبون في العودة.

الغزو التركي “ربيع السلام”
وينوه تقرير المجلة إلى غزو القوات التركية لشمال شرق سوريا في أوائل أكتوبر(تشرين الأول) الماضي، وهي العملية العسكرية التي أطلق عليها أردوغان “ربيع السلام”، وأسفرت عن تشريد أكثر من 200 ألف شخص مدني وتوسيع منطقة عازلة يبلغ عمقها 20 ميلاً بطول 300 ميل داخل الأراضي السورية. وانطلقت هذه العملية بعد محادثة هاتفية بين أردوغان والرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي منح أردوغان الضوء الأخضر ووافق على سحب وحدة صغيرة من القوات الأمريكية في طريق الغزو.

وبدأت تركيا في نقل أعداد صغيرة من اللاجئين السوريين بهدوء إلى منطقة شمال شرق سوريا التي كانت موطناً تقليدياً للعرب والأكراد والتركمان والأشوريين. وفي أواخر نوفمبر (تشرين الثاني)، عبر مئات الأشخاص الحدود من تركيا إلى البلدات الحدودية. وتدعي تركيا أن هؤلاء الأشخاص ينتمون إلى المنطقة الواقعة تحت سيطرة الأكراد، ولكن السكان المحليين يقولون إن هؤلاء اللاجئين ينتمون إلى مناطق أخرى في سوريا مثل دير الزور والرقة ومناطق أخرى بعيدة مثل إدلب والغوطة وحمص وحتى العراق. ويبدو أن أغلبيتهم، بحسب “فورين بوليسي”، ينتمون إلى أسر المقاتلين المدعومين من تركيا.

استغاثة الأكراد من التطهير العرقي
ويلفت التقرير إلى استغاثة الجنرال مظلوم عبدي قائد قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد إلى الرئيس ترامب والمجتمع الدولي من أجل التدخل ووقف اضطهاد الوكلاء الأتراك للأقلية الكردية والتصدي للمخطط التركي بالتطهير العرقي في المنطقة.

وفي الوقت نفسه، يناقش مجلس الأمن طلب تركيا بفتح معبر إنساني جديد من تركيا عبر بلدة تل أبيض السورية التي تقع في قلب برنامج الأراضي الطموح لتركيا.

ولكن يعرب الخبراء في المنطقة عن بعض القلق من أن فتح معبر دولي جديد عبر تل أبيض يمكن أن يضفي مزيداً من الشرعية على احتلال تركيا للأراضي السورية، وربما يساعد في توفير الدعم المالي والسياسي المطلوب لخطة أردوغان الطموحة.

ويخلص تقرير “فورين بوليسي” أن أردوغان يكافح من أجل تأمين الدعم المالي من الحكومات الأجنبية أو المؤسسات المالية لتنفيذ خطته التي كشفت عن نطاق طموحاته للاستفادة من المكاسب العسكرية التي حققها في حملته العسكرية الأخيرة للضغط على سوريا. 

مبادروة ملتزمون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى