الدولية

شيعة لبنان في مأزق… الولاء لحزب الله أوالانتفاضة على الفساد

كتبت الصحافيتان فيفيان يي وهويدا سعد في صحيفة “نيويورك تايمز”، أن هناك عبارة لبنانية يمكن ترجمتها إلى “صفعة” بالعامية سحسوح. هذا ما يبدو أنه حدث للعديد من المتظاهرين ضد الحكومة الذين شوهدوا على الشاشات ينددون بالأمين العام لحزب الله حسن نصرالله في الأيام الأولى للانتفاضة التي مضى عليها حتى الآن بضعة أشهر.

وقالتا إن الصفعة التي تلقاها هؤلاء من حزب يملك نفوذاً هائلاً في الحكومة اللبنانية، يمكن أن تكون جسدية أو حتى شفهية. وفي الحالتين، ظهر المحتجون مجدداً على شاشات التفلزيون بعد بضعة أيام، وبدوا أذلاء، لكن هذه المرة ليعتذروا عما قالوه.

وأوضحتا أن الاعتذار أمام الكاميرا كان مقدمة لممارسات عنفية ضد المحتجين من الطائفة الشيعية، الأكبر بين طوائف لبنان الـ 18، والتي الفت منذ عقود حول حزب الله طلباً للحماية والوظائف والخدمات الاجتماعية، فضلاً عن مشاعر النضال ضد إسرائيل وخصوم آخرين.

ازدراء للزعماء

وبينما يمضي لبنان نحو شهر خامس من الانهيار السياسي والاقتصادي، تتواصل الاحتجاجات في أنحاء البلاد لتشمل محتجين من مختلف الخلفيات الدينية، يجمعهم ازدراء قادة لا يقدمون لهم الأساسيات، 24 ساعة من التيار الكهربائي، واقتصاد ناجح، وحكم موثوق.

وأشارت الكاتبتان إلى أن الاحتجاجات دفعت الكثير من الشيعة اللبنانيين إلى مأزق، فكيف يمكن أن يؤمنوا ولاءهم لحزب الله مع دعمهم للأمر الواقع؟ وهل سيحاول الحزب إخماد الانتفاضة، أو أنه سيصغي إليها؟.

ويقول علي اسماعيل، من بلدة كفررمان الجنوبية التي يهيمن عليها الحزب، وحركة أمل الفصيل الشيعي الآخر: “أؤيد مقاومة إسرائيل…لكني أؤيد أيضاً المقاومة ضد الفساد”.

جائعون
ويبدو الماضي القريب لاسماعيل مشابهاً لكثير من المحتجين اللبنانيين، إذ اضطر إلى الاستدانة ليدفع أقساط مدارس أبنائه.

وقالت زوجته فرح، إنها لم توفق في طلبات تقدمت بها للتدريس، بسبب افتقارها لعلاقة مع حزب الله. وحتى الشخص الذي ظهر معتذراً على التلفزيون وجه نداء قائلاً: “إننا جائعون. ولا وظائف لدينا”.

وقالت الكاتبتان إن أحد دوافع الاحتجاجات كان نجاح حزب الله عسكرياً ضد إسرائيل، وتجاهله القضايا المحلية في الوقت نفسه، حسب المحللة في معهد الشرق الأوسط رندا سليم.

إن التهديدات الأمنية التي عبأت القاعدة الحزبية، سواء ضد إسرائيل أو فصائل سنية متشددة في سوريا، تراجعت بشكل ملحوظ. وعندما دخل الحزب السياسة اللبنانية في 2005 لحماية نفسه باعتباره جيش ظل، فإنه دعم الحكومة العاجزة والفساد عوض، أن يفي بوعود الإصلاح التي أطلقها.

العقوبات على إيران
ولفتت الصحافيتان إلى أن العقوبات الأمريكية والولاء لإيران، حدا من قدرة الحزب على الاستمرار في تقديم المساعدات والخدمات والوظائف التي يعتمد عليها مؤيدوه في وقت يترنح فيه الاقتصاد اللبناني.

وكما هو الحال مع حركات تحرير أخرى، وجد حزب الله أن الحكم معقد أكثر بكثير من حرب العصابات.

جزء من معادلة الفساد

وقالت رندا سليم إن حزب الله لم يعطِ الأولوية للخبز والزبدة، لكنه فجأة وجد نفسه في مواجهة بيئة تقول بشكل أساسي إن الخبز والزبدة، أولويتان.

إنه الآن جزء من حكومة فاسدة، ولا يمكنه لوم الآخرين بسبب هذا الفساد، إنه جزء من معادلة الفساد. لذلك فإن السؤال، هو كيف سيتصرف؟”.

وأضافت الصحافيتان أن حركة أمل حشدت الولاء عبر الوظائف، وزعيمها نبيه بري رئيس البرلمان، وينظر إليه على أنه أحد أعمدة الفساد ضمن الطبقة الحاكمة. وحتى الان، عبأت أمل وحزب الله قواهما للحفاظ على الأمر الواقع، وتراجعت الاحتجاجات في المناطق ذات الغالبية الشيعية بشكل ملحوظ مع قمع الحزبين للانتفاضة.

ومع تصاعد الضغط على إيران في الداخل والخارج وتصاعد التوتر مع الولايات المتحدة، فإن شريكها حزب الله يجد نفسه أكثر من أي فترة أخرى، محتاجاً إلى الحفاظ على قوته ونفوذه في لبنان.

تهديدات
وأفادت الصحافيتان بأنه من خلال مقابلات في المناطق ذات الغالبية الشيعية، قال المحتجون إنهم تلقوا تهديدات من مجهولين عبر وات ساب، بسبب التأثيرات السلبية لمشاركتهم في الانتفاضة.

كما أن ممثلين عن حزب الله وأمل زاروا محتجين لإقناعهم بالعدول عن نشاطهم. ويقول بعض الشيعة الذين دعموا الانتفاضة في بداياتها، اليوم إنهم باتوا مقتنعين بأن الولايات الولايات المتحدة تناور سراً للضغط على حزب الله وشركائه الشيعة في إيران والعراق، وإلا فكيف يمكن تفسير تزامن الانتفاضات في البلدان الثلاثة. 

مبادروة ملتزمون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى