المقالات

عدو عدوي.. حبيبي

بقلم غادة طنطاوي : 

انسحاب مفاجىء من منظمة عالمية، مصحوب بحملة سياسية مفادها التشكيك في آلية عمل تلك المنظمة، و كان مسك الختام تصريح مثير للدهشة من قبل وزير الطاقة القطري. قطر تعلن انسحابها من منظمة أوبيك. 

كان خبراً مفاجئاً لكل خبراء الاقتصاد، لم تكن قطر من الدول الخمس المؤسسة لمنظمة أوبيك، لكنها كانت معهم فترة دامت ٥٧ عاماً بالترتيب ال ١١ في الدول المنتجة للنفط و بنسبة ٢% من انتاج المنظمة، أي ما يعادل ٦٠٠ ألف برميل يومياً، و بناءً على ذلك فإن إنسحابها من المنظمة لن يعيق خط الإنتاج و لن يؤثر سلباً في تدني أو ارتفاع أسعار النفط، هذا من الجانب الاقتصادي.

أما على الصعيد السياسي فإن أي خبير أو محلل سياسي سيفهم تماماً رسالة قطر في انسحابها سياسياً بصبغة اقتصادية. سبق و أن ذكرت بأن اجتماع قمة العشرين كان عبارة عن مجموعة من البرقيات السياسية الصريحة لبعض الدول و هنا الشاهد، سلام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الحار على ولي العهد السعودي محمد بن سلمان و إجتماعه الثنائي مع الوفد الروسي كانا على رأس قائمة تلك الرسائل المبطنة، أثار الخوف لدى النظام القطري، لا سيما أنه لقاء جمع أكبر منافس لقطر في انتاج البترول داخل منظمة أوبك مع أكبر منافس لها في انتاج الغاز، أتى ذلك علاوةً على حجم العزلة الاقتصادية التي تمر بها قطر حالياً نتيجة لفرض العقوبات عليها، الأمر الذي دفعهم للبحث عن تحالف جديد مع أطرافٍ مارقة لقلب الطاولة داخل منظمة أوبيك و بالطبع كانت إيران أول المرحبين بذلك من مبدأ عدو عدوي حبيبي.

للأسف لن تعي قطر آثار هذا القرار الا على المدى الطويل، فبدلاً من أن تبحث عن حلولٍ تعيدها لحضن الخليج نراها تمشي عكس عقارب العولمة الاقتصادية، قرار كهذا بصورته المفاجئة لا يعكس سوى عدم مصداقيتها و عدم قدرتها على الإلتزام بالقرارات الدولية في حال قررت قطر الإنضمام لأي تكتل اقتصادي قادم، ناهيك عن فقدانها للقيمة السياسية و الاقتصادية التي تكتسبها كونها عضو في منظمة أوبيك، و لا يغيب عن الذكر ما صرح به مدير مكتب الإعلام  بوزارة الخارجية القطرية الذي اعتبر أن قرار بلاده بالانسحاب ما هو الا تحررا و استقلالية، و أن اقتصاد الدول لا يرتهن بمكالمة هاتفية للتخفيض و الزيادة دون أدنى احترام لأعضاء المنظمة.

كأن قطر انتظرت ٥٧ عاماً لتكتشف أن المنظمة تدار بهذه الطريقة المزعومة التي لا ترضيها، فجميع هذه التصريحات ما هي الا دليلاً قاطعاً على زعم الدوحة بأن قرار الانسحاب لم يكن لأسبابٍ سياسية بل كان لأسباب فنية، استراتيجية بحتة.. عكس رغبة دولة قطر في تركيز جهودها على تنمية و تطوير صناعة الغاز الطبيعي، فلو لم تتوفر الأسباب السياسية لما احتاجت الدوحة إلى كيل هذه الاتهامات للمنظمة، و اعلان إنسحابها من الدوحة عوضاً عن انتظار إجتماع باقي الأعضاء في فيينا.

تخيري حلفائك  يا قطر بعناية ففي النهاية لا يصح الا الصحيح.

مبادروة ملتزمون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى