هل يتعين تحديث لقاحات كوفيد لمتحور أوميكرون؟
أثار التحذير الذي صدر عن رئيس موديرنا، مجموعة المستحضرات الصيدلانية، من أن لقاحات كوفيد – 19 ربما تكون أقل فاعلية ضد متحور أوميكرون، القلق بشأن أفضل سلاح يمتلكه العالم لمحاربة الجائحة.
في حين طمأن رئيس شركة تطوير اللقاحات بيونتيك بأن من تلقوا اللقاح بالكامل سيكون لديهم “مستوى عال من الحماية ضد المرض الشديد” من السلالة الجديدة، لا يوجد حتى الآن دليل قاطع على كيفية صمود الحماية المناعية ضد المتغير شديد التحور. والعلماء الذين لم يسمعوا حتى عن أوميكرون قبل أسبوع يتسابقون لاختبار الإجهاد للجرعات الحالية، بينما يعكفون على إعداد صيغة لقاح جديدة مصممة خصيصا للتهديد الناشئ.
لماذا يخشى العلماء أن تصبح اللقاحات أقل فاعلية؟
لقد تم تصنيع جميع لقاحات كوفيد المتاحة للدفاع ضد السلالة الأصلية لفيروس سارس-كوف-2، الذي تم اكتشافه لأول مرة في مدينة ووهان في الصين. ويمثل متحور أوميكرون تغييرا كبيرا عن سلفه حيث يخشى العلماء أن الاستجابة المناعية المبرمجة عبر اللقاحات الأصلية قد لا تعمل بشكل فاعل.
متحور أوميكرون، الذي تم اكتشافه لأول مرة في جنوب إفريقيا، يمتلك 50 طفرة غير مسبوقة، أكثر من نصفها على بروتين سبايك الذي يسمح للفيروس بالارتباط بالخلايا البشرية.
وقال بول بينياس، أستاذ علم الفيروسات الارتجاعية في جامعة روكفلر، “لقد كان هناك سباق تسلح بين تطور أجسامنا المضادة أثناء تعرضها للقاحات و/أو العدوى، والفيروس أثناء محاولته التهرب من تلك الأجسام المضادة، إن متحور أوميكرون هو أحدث وابل للفيروس في هذا الصراع الجيني”.
قام فريق بينياس هذا العام بإنشاء بروتين سبايك به 20 طفرة، يتداخل عديد منها مع تحورات أوميكرون، واكتشف أن المتحور الاصطناعي “كان تقريبا مقاوما تماما” للأجسام المضادة المحيدة من العدوى السابقة أو من جرعتين من لقاح “آر إن إيه” المرسال، كما قال.
وأضاف بينياس، “إنني واثق تماما من توقعي أنه سيكون المتحور الأكثر مقاومة للأجسام المضادة الذي ظهر حتى الآن. لكننا لا نعرف حجم هذه المقاومة “.
وعلى الرغم من ذلك، وجه أوجور ساهين، رئيس شركة بيونتيك، التي طورت اللقاح الذي تنتجه الآن شركة فايزر، ملاحظة أكثر إيجابية. فقد قال، “إننا نعتقد أن الأفراد الملقحين بالكامل سيظلون يتمتعون بمستوى عال من الحماية ضد الأمراض الشديدة التي يسببها أوميكرون”.
ما مدى احتمالية إعادة صياغة اللقاحات؟
بعد أن توقع ستيفان بانسل، رئيس شركة موديرنا، أنه سيكون هناك “انخفاض كبير” في فاعلية اللقاحات الحالية، قال إن شركته تمضي قدما في صنع عقاقير جديدة التي تستهدف متحور أوميكرون.
وقالت إليانور رايلي، أستاذة علم المناعة والأمراض المعدية في جامعة إدنبرة، إن بانسل “قد يكون على حق من حيث ما إذا كانت اللقاحات الحالية كافية للوقاية من العدوى”.
لكن من المحتمل أن يكون تأثير هذا المتحور في حالات الدخول إلى المستشفى والوفاة أقل حدة، على حد قولها، لأن “المناعة ضد المرض الشديد تتوسطها الخلايا التائية” التي تكون “أقل تأثرا” بالطفرات.
إن الخلايا التائية تشكل جزءا من بنوك ذاكرة الجهاز المناعي، وتوفر حماية مستدامة ضد الأمراض الشديدة.
وشدد روبرتو بوريوني، أستاذ علم الأحياء الدقيقة وعلم الفيروسات في جامعة فيتا سالوت سان رافاييل، على أنه “من المستحيل الحكم” على طبيعة الفيروس بناء على العدد الهائل من الطفرات. وقال، “مع الطفرات، ليست كل اللعبة أرقاما”، مضيفا أن اختبارات اللقاحات ضد المتغيرات الجديدة ستستغرق أسبوعا على الأقل.
وقالت بيني هيتون، الرئيسة العالمية للقاحات في شركة جونسون آند جونسون، إن فريقها بدأ في التحضير للمتحور بمجرد حصولهم على البيانات. وأوضحت أنهم يسعون إلى تحديد ما إذا كانت اللقاحات الحالية ستصمد في الوقت نفسه الذي بدأوا فيه إنشاء نسخة معدلة.
وأضافت، “يعكف فريقي… على دراسة جميع التسلسلات الجينية التي ظهرت ويبحث عن أفضل السبل لتصميم ذلك وتجهيز كل شيء لتطوير هذا اللقاح وتصنيعه”.
كم من الوقت سيستغرق وما القيود؟
قالت شركة بيونتيك بالاشتراك مع شركة فايزر، في أواخر الأسبوع الماضي إنها تحركت “منذ أشهر” لتكييف لقاحها الحالي في حالة كان هذا المتحور “متغيرا هاربا”، وأنها ستكون في وضع يمكنها من تسليم دفعات أولية في غضون 100 يوم.
وقالت أوكسانا بيزيك، زميلة التدريس في كلية الصيدلة في يونيفيرسيتي كوليدج لندن، إن صانعي اللقاحات كانوا في “حالة حرب” ضد أي متغيرات جديدة منذ بعض الوقت.
وقالت بيزيك، “إن الجزء الأطول من كل هذه العملية ليس فقط تعديل نظام اللقاح، إنه اختبار السلامة، وتفسير البيانات وزيادة الإمدادات”.
إن نموذج تحديث لقاح كوفيد يشبه النموذج المستخدم في لقاحات الإنفلونزا، التي تتم إعادة صياغتها كل عام دون الحاجة إلى التجارب السريرية البشرية.
وقد أوضح جاكوب جلانفيل، عالم المناعة الحسابية ومؤسس شركة العلاج الأمريكية سينتيفاكس، أن الإطار الزمني البالغ 100 يوم كان “سريعا للغاية” ولا يمكن اختصاره أكثر من ذلك بكثير.
إنه ينطوي على عملية بيولوجية تخضع لسيطرة صارمة لتصنيع اللقاح الجديد، متبوعا بتكثيف اختبارات الإنتاج والسلامة. وقال، “هناك خطوات في علم الأحياء لا يمكنك تسريعها”.
وقال جون بيل، الأستاذ الملكي للطب في جامعة أكسفورد، الذي ساعد على هندسة الصفقة التي أدت إلى لقاح أكسفورد/أسترازينيكا، إن جميع الشركات المصنعة الرائدة “يمكنها أن تتحول بسرعة نحو لقاحات أوميكرون الجديدة وتنتج كواشف لاستحداث المناعة في غضون شهرين”.
وأضاف، “إن كثيرا سيعتمد على مرونة الجهات التنظيمية”.
لكن من المرجح أن يزداد الطلب على إمدادات لقاح جديد. فقد قالت شركة إيرفينيتي، وهي شركة لتحليلات علوم الحياة، إنه في أفضل سيناريو يمكن إنتاج ستة مليارات جرعة بحلول تشرين الأول (أكتوبر) من العام المقبل.
أين يترك ذلك برنامج الجرعة التعزيزية؟
لقد أضاف التهديد من المتغير الجديد حاجة ملحة لبرامج الجرعات المعززة الغربية، حيث كثفت دول من بينها المملكة المتحدة جهودها لزيادة المناعة قبل فصل الشتاء. وشدد العلماء على أن الجرعات المعززة الثالثة لم تكن أقل أهمية حيث ظهر المتحور أوميكرون الآن.
قال بوريوني من جامعة فيتا سالوت سان رافاييل: “ليس هناك ما نخسره مع الجرعات التعزيزية. إذا قلل أوميكرون من فاعلية اللقاحات، فإنك ستفضل أن يقلل من حماية ثلاث جرعات بدلا من جرعتين فقط”.
لقد ظهر دليل مشؤوم من العالم الحقيقي الثلاثاء الماضي، مع تقرير عن إصابة طبيبين إسرائيليين بسلالة أوميكرون على الرغم من تلقيهما ثلاث جرعات من لقاح فايزر. وأظهرا حتى الآن أعراضا خفيفة.
وقال بينياس من جامعة روكفلر، “كيف سيكون أداء أوميكرون ضد طيف الأجسام المضادة لدى الأشخاص الذين أخذوا الجرعات التعزيزية، إننا ببساطة لا نعرف”.
وجادل أن أولئك الذين تم تطعيمهم وأصيبوا بالعدوى لديهم “المعيار الذهبي” للحماية المناعية، مضيفا أن بحثه أظهر “أن لديهم مجموعة رائعة من الأجسام المضادة التي يمكن أن تحيد حتى الطفرة التي صنعناها”. وأضاف أن هذا أعطى الأمل في أن متلقي الجرعات المعززة أو المطعمين الذين أصيبوا سابقا بالعدوى قد يحتفظون “بدرجة كبيرة من الحماية”.