المقالاتشريط الاخبار

شعيرة الاعتراض

بقلم: بندر الغامدي

أصبحنا مؤخرًا نرى البعض يعترض على أي شيء وكل شيء لمجرد الاعتراض، وكأن الاعتراض أصبح شعيرة واجبة عليه ليمارسها، فما أن يصدر قراراً أو نرى توجهاً جديداً إلا ونرى له شتى المعارضين من المنطقيين واللامنطقيين ، وليس ذلك بمستغرب عندي ، فقد أصبح هذا السلوك هو الديدن العام ، ونادراً ما ترى متعقلًا ينظر للأمور من جميع الجوانب ، ويعلم بأن لكل أمر إيجابياته وسلبياته ، و أن الفيصل في الرفض أو القبول هو غلبة الإيجابيات أو السلبيات. وعلى سبيل المثال لا الحصر، حيث استحالة حصر مواضيع الاعتراض مؤخراً نظراً لانتشار ثقافة الاعتراض، واهماً المعترض نفسه و من حوله باستقلاليته ووعيه عبر الاعتراض، أقول على سبيل المثال ما رأيناه من فعاليات اقامتها مشكورة هيئة الترفيه، وحجم الاعتراض الذي رأيناه قد يكون هو نفسه حجم الاعتراض الذي رأيناه قبل إنشاء الهيئة ، مطالبين باستحداث برامج ترفيهية تجذب الشباب وتحافظ عليهم من السفر إلى الخارج.

لن أقف مدافعاْ عن برامج وفعاليات هيئة الترفيه، فقد كنت آمل أن تشمل البرامج والفعاليات تعليماً بالترفيه، مع الإبقاء على جزء منها ترفيهاً خالصاْ. إلا أني وجدت فعالياتها -أي هيئة الترفيه- لا تحوي أي فعالية للتعليم بالترفيه، وبعد أن تمحصت الواقع وجدتها أكثر وعياً مني بالمجتمع، بل رأيتها تقدم خدمة للمجتمع أكبر وأسمى من مجرد الترفيه. هذا المجتمع للأسف هو نفسه الذي ترفّه البعض فيه بالحمقى والمعاتيه، وجعل منهم مشاهير وقدوات، ولم نرَ على ذلك هذا الكم الهائل والصدى الواسع من الاعتراض كما رأيناه على فعاليات هيئة الترفيه، و هو ذات المجتمع الذي يجب أن تعيده الهيئة إلى جادة الصواب، فلو حاولت الهيئة البدء بفعاليات ترفيهية ذات محتوى قيّم لما استرعت انتباههم، و لما وجدت من يحضر لها. لذا فقد كان من الأنسب لها وللمجتمع البدء بفعاليات ترفيهية خالصة، تخلو من التعليم كما تخلو من الحمق.

 

كما رأينا أيضاً من يعترض على جهود وزارة التعليم البارزة في التأمين على موظفيها صحياً بأرخص الأثمان لدى أفضل الشركات، فوجدنا أيضاً من يعترض جزافاً دون مبرر منطقي وعقلاني، ويطالب الوزارة بمجانية التأمين والعلاج، وكأنه قد نسي أو تناسى الدور الكبير لوزارة الصحة في تقديم العلاج المجاني.

وأما الاعتراض اللاعقلاني الأكبر فقد كان على طرح جزء من أرامكو للاكتتاب ووصفه ببيع ثروات الأجيال المستقبلية، أليس من اعترض الان هو نفسه من كان يشكك في ذمتها المالية والإنتاجية؟!الغريب العجيب، بل المضحك المبكي هو تغليف اعتراضهم بالخوف على الأجيال المستقبلية، وكأن النفط دائم لأجيال عديدة وغير ناضب.

ومضة: الحمدلله الذي حبانا بقيادة تنظر للأمور من جميع جوانبها ، وتقيسها بكل المقاييس ، ثم تقرر وتمضي فيما أقرت ، دون الالتفات لمبالغ في المديح والتأييد أو مبالغ في الذم والتقييد.

 

مبادروة ملتزمون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى